السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الزُّهد في الدنيا.. سِرُّ السعادة

الزُّهد في الدنيا.. سِرُّ السعادة
د. محمد قطب الدين أستاذ بجامعة جواهر لال نهرو ـ الهند

عقد الملحن الهندي الشهير والفائز بجائزة الأوسكار «إي. آر. رحمن»، مؤخراً، لقاءً افتراضياً مع الناسك الأكبر سناً في العالم، وأكثر سعادة في العالم كما اشتهر عنه وهو «سوامي سيفاناندا» (123عاماً)، المقيم في مدينة «فاراناسي» المقدسة لدى الهندوس، واستفسر الملحن من الناسك عن سر سعادته في الحياة، فأجاب قائلاً: «دعاء المعلم والزهد في الدنيا».

حقاً، الحرص المتعاظم لنيل الدنيا هو أم الأمراض، وهو الباعث على الصراع مع النفس وبين الأفراد والجماعات، وبين الدول والحكومات، كما أنه السبب الرئيسي للنزاعات الفتاكة والحروب الدامية بين البلدان عالمياً، للسيطرة على ثروات الآخرين منذ القدم إلى الآن، ما أدّى، وسيؤدي، إلى شقاء الإنسان، وتكبدّه ألواناً من التهجير والتشريد وغيرها.


نحن نعيش اليوم في عالم الشقاء النفسي والإجهاد العقلي بسبب انغماسنا في الدنيا إلى آذاننا، ثم نرتاد المجامع والنوادي الترفيهية لقاء أجر باهظ، بحثاً عن السعادة والهناء، إلا أننا لا نستمتع بالسعادة الأصلية وسكينة القلب الحقيقية، لأن الدنيا تكون جاثمة على صدورنا.


إن المؤمن بالله ورسوله يكون على يقين بأنه لا قيمة للدنيا عند الله إلا كمثل غيث على سطح الماء، فلا يشغل باله بمتاع الدنيا وزخارفها، ويسير على هَدي النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي قال: «مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها» (رواه الترمذي) كما على المؤمن أن يزهد في الدنيا، ويكتفي بقدر الحاجة، وينعم بسكينة الروح وطمأنينة القلب، علماً أن أهواء ابن آدم لن تكتمل إلى آخر يومه: «لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب...» (حديث متفق عليه).