الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

جبران.. وجدلية الخير والشر

جبران.. وجدلية الخير والشر
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

جاء في كتاب «النبي» لـ«جبران خليل جبران» عبارات تستحق التأمل الطويل، وذلك حينما سئل عن الخير والشر فقال: «أنت خَيِّر إذا ثَبتَّ على مبدأ واحد مع نفسك، لكنك لا تُصبح شرّيراً إذا أنت لم تفعل. وأنت خَيِّرٌ حين تَسْعَى جاهداً للبْذلِ من ذات نفسك، لكنك لا تغدو شِرِّيراً حين تلتمس لنفسك الغُنم».

إن جدليّة الخير والشر تتردد دائماً على ألسنة الفلاسفة والحكماء ورجال العلم والاجتماع والدين، حتى باتت قناعات بعضهم تقضي بتقلب الإنسان بين الخير والشر بناء على درجة احتياجه للآخر، فيزداد صلاحه كلما قلت حاجته لذلك الآخر، وتزيد نفسه سوءاً كلما زادت حاجتها للآخرين. ولعل ذلك يتنافى ظاهرياً مع مبدأ ضرورة وجود الآخر في حياتنا.


كما تبين لكثير من المربين أن صحبة أبنائهم للأشرار ستفوق لا محالة صحبتهم للأخيار، ولذا وجب أن يعرف الأبناء ألوان شرور البشر ومكرهم، فهؤلاء يربحون من صلاح الصالحين، وإنكارهم لذواتهم، وعدم إنصافهم لأنفسهم، وكم يود أحدهم لو يكون الناس جميعاً صالحين خلا نفسه.


ولعل تأملاً هادئاً في سلوكيات من ساءت نفسه ينبئ بأن منبع الشر عنده جاء من ضعف نفسه؛ فالأشرار ليسوا أشراراً إلا لأنهم ضعفاء، وأن الإنسان إذا كان قوياً توافرت له أسباب الصلاح.

ويكاد لا يختلف اثنان في أن الإنسان صالح بطبيعته، وأن خروج الإنسان عن مسار الصلاح الفطري يعود في كثير من الأحيان إلى تنشئة يبذل فيها الآباء ـ وبدون قصد ـ كبير جهد في تغيير مدارج الفطرة السوية عند الأبناء.