الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

سياحة في محراب العزم

سياحة في محراب العزم
محمد عبدالله عبدالرحمن كاتب ـ الإمارات

العزم، ذلك السر القابع في قلب معنى الإنسانية، والذي يقوم عليه كل إنجاز بشري، بل تقوم به تلك العجلة التي حكمت وتحكم صيرورة البشرية منذ النار الأولى إلى غزو الفضاء واختراق الأثير.

وبعيداً عن المعجميات واسترقاقات المجازات، فإننا إن نظرنا إلى تلك الكلمة المباركة، استحضرنا بكل تأكيد أحد أبرز النماذج البشرية لقوة العزم، دارسين من خلاله تلك الكلمة، ذلك هو الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، الذي وجد نفسه مسؤولاً عن شعب وثروة، لكنه آثر أن يعمل ويباشر تلك المسؤولية بطريقة مختلفة: أن يصنع حلماً.


وإذْ حلم زايد بإنسان يحقق أفضل ما في الإنسانية من معان وطموحات، وتصور وطناً، بل عالم ينعم فيه الجميع بالخيرات.. تصور ذلك الحلم، ورسمه في الخيال، وعلى الرمال، وفي قلبه قبل قلوب الرجال.


لم يقل زايد ما لم يعزم على إنجازه، ولم يفعل ما لم يتصوره تصوراً جازماً خارجاً عن أي ارتباط زَمَكانِي أو اشتراطات مسبقة.

الأهم من ذلك أن زايد، ومن بعده إخوانه وأبناؤه الكرام، قد وثَّق العزم المتولد من تلك التصورات والمخيلة المخلصة بأوثق العرى، ألا وهو الشعور بالاكتمال، والمعرفة بالقدرة المستمدة من قدرة الله المطلقة واليقين على التوفيق.

إن تلك العُرْوَة تمثل أحد أهم مكونات (الخلطة السحرية) التي مكَّنت وتمكِّن الإمارات من التسامي والتعالي على الظروف والعقد والأزمات، التي لا تعني إلا التقليل من قوة الاندفاع التي يولدها العزم.. اندفاع نحو تحقيق التصور المودع في عالم آخر، عالم الخيال الصادق المتجرِّد من كل دافع مبني على نقص أو عجز أو مظلومية زائفة.

غبنا في حلمنا، وشحذنا عزائمنا بالتصور والتحقيق، فانطلقنا شاطرين للذرات، ومستكشفين للأكوان، حيث توقف الجميع.