الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حبيبتي.. سيدة الأنوثة والقوة والجمال

حبيبتي.. سيدة الأنوثة والقوة والجمال
عمرو أبوالعطا كاتب ـ مصر

لم أكن أتصور أن حياتي، أو بمعنى أدق، نفسي ستتغير كل هذا التغير بعد أن أحببتها، كان لا بدَّ أن أملك حق الحديث عنها، ولو في كتاباتي أو الحديث مع نفسي. أشعر بسعادة غامرة.. لون أبيض يجعلني أشعر بالأشياء، أرى بوضوح، فجأة أصبحت حياتي مفهومة، مرتبة.. تفاصيل صغيرة لم ألتفت إليها من قبل.. شيء أهم من تلك الوحدة القصيرة الطويلة، لتصبح رغبتي وباقي حياتي هي تلك الكلمات .

وعودي لها «كقطع السكر»، تمسكها لتحلي بها مرارة أيامها، فسريعاً ما تذوب وتتلاشي حلاوتها، فقد صدقتني ولم تكن لتكذبني، وأنا لم أكذب، لكن النهايات أكبر منها ومن أحلامها.. أكبر من حكايات جدتها التي تقص لها حكاية الأميرة الجميلة التي سوف سيحملها الأمير على حصانه الأبيض لينقذها من أيدي الأشرار، لم تقرأ قصص الحب الأخرى مثل: روميو وجولييت، وعنترة وعبلة، والنهايات الواقعية.


أراها طفلة صغيرة تختبئ وراء طيَّات الستارة أو تحت المائدة، وتبدو أيضاً هادئة بشكل مغيظ، لكن رحابة روحها تمنحها صلابة ومرحاً واعتزازاً، كالشمس التي تغمر الكون بضياء ساحر، كان لا بدَّ أن أكون أباها، كما كانت تقول لي، غير أني تأخرت كثيراً في وعودي، ولا أريدها أن تغضب مني.. هي بالذات لا أقدر على غضبها. تلك النجوم البعيدة كعقد اللؤلؤ في صدر السماء، شاهدة على ليالٍ قضيناها ساهرين من الفرح والحنين، رفيقات فرحتنا ودموعنا وذكرياتنا، كنا نتمنى أن نطير إليها ونلمسها، ولكن اكتشفنا أنها أجسام متوجهة تحرق من يقترب إليها، لكنها ناصعة بجمال قلبها، هادئة كل الهدوء في ضحكتها.


كانت تحب كلامي، أسلوبي، طريقتي، كانت تعلم أني عصبي، متهور، مندفع، ولم أحاول تغيير ذلك قطُّ، كنت أطلق الكلمات بسرعة عجيبة، وأصمت حين أُدخّن السيجار، وأهمس لها: ــ هذه آخر مرة أتعصب فيها، وسأخبر الذين يعيثون في قلبي فساداً أني أحبك.. لن أتمدد كبساط تحت نعال أفكارهم المتسخة.

في آخر لقاء لنا، كنت تواجهين الحياة بضحكة مستعارة، وتتظاهرين برغبتك في العطاس لتبدو دمعتك مرضية.. أنا لا أعرف شيئاً يجلب الاطمئنان أكثر من صوتك، لكن كم من الوقت سيمضي لأتجاوز خيبة فقدانه؟ هي الامتلاك.. الامتلاك الكامل، الباحثة عن الجنون والتمرد.. سيدة الأنوثة والقوة والجمال، الصور الأصلية والأماني الممنوعة تظهر بعد الفراق، تظهر بوضوح بدون تشويش أو ضجيج، فتدرك معنى الحب والرغبة والطموح، فتبدو كأنها في هزيمة أبدية قاتلة، وتدخل دائرة المرض المزمن بعد أن فات الأوان على كل قراراتها الصائبة.

أمام نافذتي الصغيرة، ملت بنظري نحو زهور حديقتي، كم حلمنا أن نغرسها معاً.. كنا نخطِّط أن نزرع زهوراً حمراء وصفراء وبيضاء وكل الأنواع الموجودة في هذا الكون، زهور ممتلئة بالحب والعشق والغزل، ويأتيها المطر مصطحباً معه الكلمات الجميلة. كنت توقظينني عند أذان الفجر لأصلي، وأهديك زهرة أضعها بين أصابعك الرقيقة، كنتِ قطعة مفصلة على مقاس عقلي، اسمك محفور على جدار «فيروينا» مدينة العُشَّاق الجميلة.