الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أيديولوجيَّة الفن السَّابِع

أيديولوجيَّة الفن السَّابِع
أسيل الرملاوي كاتبة صحفية ـ فلسطين

في أواخر القرن الثامن عشر، تحديداً بداية عام 1895، اكتشف الأخَوَان أوجست ولويس لوميير، طريقة عَمل عرض الصور على الشاشة، فكانت أولى قطرات غيث التسلية المنهمرة على البشرية، بل وأطلق لقب، عصر الرّيادة، من شدّة التعجّب من هذا الإنجاز غير المسبوق آنذاك.. هذا الإنجاز تضمّن آلة تصوير واحدة، وممثلاً واحداً، لتجسيد مشهد صامت أقصاه خمس دقائق.

توالت بعدها زخّات الإنتاج السينمائي سنة تلو أخرى، إلى أن تحوّل إلى سيل عارم لا يمكن، فعليّاً، التحكم به، فقد بدأ يُهدِّد جدران البيوت من الانجراف تحت وطأة تأثيرها المخالف لهيكل الأُطر المحافظة في مجتمعاتنا العربية، فهي لم تعد تقتصر على تذاكر قاعات السينما لقضاء عطلة نهاية الأسبوع كما اعتدنا في سنوات سابقة، بل اقتلعت أبواب حرمة البيوت، وتسرّبت لكل حجرة محوّلة إياها إلى قاعات للشخصيات المهمة جداً، حيث إمكانية الاختيار من بين عشرات الباقات ومئات الخيارات، غير المفلترة.


هناك العديد من النظريات التي تتحدث عن استخدام الفن السابع كأحد أهم وسائل أدلجة العالم سياسياً واجتماعياً، وإن كان ظاهرها حيادياً. في بداية الألفية الثانية، قال موسوليني: «تمتلك السينما ميزة كبيرة غير متوفرة في الصحيفة أو الكتاب وهي التحدث إلى العيون، حيث يمكنها التحدث بلغة يمكن فهمها من طرف جميع شعوب الأرض». ما يؤكِّد هذه المقولة، هو غرابة ردود أفعال بعض الشرقيِّين الذين تنازلوا طوعاً عن الرغبة في مقاومة ما يُفرض علينا من انحلال، وإدراجها ضمن سلوكياتهم باسم الانفتاح، سؤالي لهم: هل لو أصبح القتل دون أسباب ظاهرة مشروعة حول العالم، هل كنتم لتتبنّوا هذه العادة من باب الانفتاح أيضاً؟