الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

يُرْعبني جدّاً

يُرْعبني جدّاً
مريم الشكيليه كاتبة ــ عُمَان

يُرْعبني جداً أن تكون في مساحة العمر فراغات مفزعة من الحنين.. من مصادفات قدر تُعيدني إلى هزائم الوقت، ومتقلبات الأيام.

يرعبني جداً السير وحدي في شوارع ملتوية لا أسماء لها.. ومن المكوث وحدي بين جدران غرفتي الباردة، الممتلئة بالخدوش مع قنديل ضوء ومحبرة حلم، وأن أراهن على حضورك القدري وغيابك القدري، وانتشال أمنياتي من بين أنقاض وعودك.. وعلى رهاني باستقامة نبضي على الطريقة الماثلة للحنين.


يرعبني جداً أن أكبر تحت منصة حلمك لا واقعك، وأن أكتبك حبرا لا ظلا، وأن تخطفني مقدرات الأزمنة النافذة من قوانين البشر دون أن أصل إلى عوالم الفرح.


يرعبني جداً ذاك الصمت الذي يسد مخارج الحرف، ويختنق في منتصف كلمة.. وذاك السكون الذي يغرق في بحر عينيك دون أشرعة ولا شواطئ آمنة..وانفلات يدي من يدك في اشتداد الصعوبات، وكثرة هضاب الحياة في كل زوايا الأيام.

ويرعبني جداً أن أضرم حرائق الغضب في الجزء الأخضر من أوقاتنا، وأن تتكاثر أتربة الوقت المتسلل من أعمارنا على رفوف موادنا.

يرعبني جداً ذاك الشحوب المرتسم في خطوط وجهك، والغيوم الرمادية المتلبدة على جانبي روحك، وارتعاش صوتك كلما تحدثت معك عن فراغات الراحلين من تفاصيلنا، وتعمق الأشياء وذكريات المواقف الجاثمة على صدري، وتساقط أوراق الخريف من شجيرات العمر وذوبان جليد الصبر.

ترعبني الحياة وهي تصطدم بمنعطفات سنواتي، وكأنها رسمت قدري باعوجاج طريق ضيق قديم.. كما يرعبني أن أستند بك يوماً ويكون سندك هشا، واتأرجح متهاوية لحظة سقوط مدوٍّ، وأن يأتي اليوم الذي أنسحب منه زحام الوجوه ولا أبالي.. وأن احتسي فناجين قهوتي في ردهات بيتي وحدي ولا أبالي.

ترعبني جداً الحياة دونك.