الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

القلق.. وخمائر الإرهاق

القلق.. وخمائر الإرهاق
د. محمد سعيد حسب النبي أستاذ جامعي ـ مصر

في دراسة مثيرة لأحد علماء المخ والأعصاب، بحث فيها مدى احتمال الذهن البشري للعمل قبل أن يصيبه الإرهاق، فوجد أن العمل الذهني لا يسبب التعب، وافترض أننا لو أخذنا عيّنة من ذهن عالم مثل أينشتاين، فلن نجد بها أثراً من خمائر الإرهاق، حتى في نهاية يوم حافل بالنشاط العقلي نتجاوز فيها 10 ساعات أو يزيد، بقوة لا تضعف ولا يمسها الإعياء، وذلك على عكس عينة من دماء عامل يشتغل بيديه، فقد تجد دماءه مليئة بخمائر التعب وإفرازاته.

ويعزو علماء النفس هذا الإرهاق الذي يستشعره العامل إلى أسباب نفسية ومواقف فكرية وعاطفية، وهذا ما أكده «هادفيلد» عالم النفس المرموق في كتابه القيّم «سيكولوجية القوة»، حيث أكد أن الجزء الأكبر من الإرهاق الذي نستشعره ناتج عن أصل ذهني.


وترتكز العوامل النفسية التي تسبب الإرهاق في القلق والسأم والاستياء والشعور بعدم التقدير، وهي عوامل تضعف المقاومة الجسدية في مقابل أبسط الأمراض.. إنه الإرهاق الناتج عن توتر عصبي، ولا يزيله نوم أو راحة أو استرخاء.


وفي قصة للروائية الشهيرة «فيكي باوم» أشارت فيها إلى موقف من مواقف طفولتها التي لا تُنسى، حيث قابلت رجلاً عجوزاً علَّمها أحد أهم الدروس التي لم تفارقها في حياتها، حيث زلت رجلها فسقطت على الأرض، وجرحت قدمها، والتوى معصمها، فالتقطها الرجل، وقال لها: إن مشكلتها في أنها لا تعرف كيف تسترخي! وأنها تحتاج إلى أن ترخي عضلات جسدها بشكل كامل، وعلمها كيف تسقط دون أن يصيبها أذى أو مكروه.

إن الاسترخاء عملية ممكنة، وهو عادة تكتسب، تتعلم فيها أن الجهد ليس المشكلة، وإنما العوامل النفسية المصاحبة لهذا الجهد.