الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

اقتفاء أثر الضوء

اقتفاء أثر الضوء
نبيل عرابي كاتب ـ لبنان

يُضفي الضوء على الحياة سحراً مميزاً، وله من المعاني والمزايا المختلفة قدر ما للكتب الجيدة والموسيقى الرائعة.. فالضوء الذي يسبح فيه العالم هو مصدر إدراك، ومصدر الحياة ذاتها بكلّ تأكيد، وكذلك الأمر يُمكن أن يكون مصدراً لمتعة بالنسبة للعين اليقظى.

أحياناً، يغدو الضوء ساكناً لامعاً وهو يضرب الأرض مباشرة، وأحياناً أخرى يكون صافياً متلألئاً، يرسم المنازل والناس بأسلوبه الخاص، وفي مواقع أخرى يفيض حيوية تجعل الجمود ينتفض حركة وحياة، قاطعاً مسافة طويلة إلينا من قلب هذا النجم الملتهب.


والضوء، إضافة إلى كونه كيميائياً مميزاً، حيث إن أوراق الشجر عبارة عن معامل كيميائية، يتحوّل فيها ضوء الشمس والماء إلى طعام، ويتدفق منها الأوكسجين مانح الحياة إلى الهواء لكي يستنشقه الإنسان، وهو عنصر أساسي لا يمكن التهاون بشأنه في أغلب أنواع الفنون البصرية، كالرسم والتصوير الفوتوغرافي والسينما والمسرح.


غير أن الغالبية منا ليست من الفنانين! لكنها تستطيع أسر بريق الضوء، وأن تجعل له حيزاً في حياتها اليومية عندما تطلق العنان لعيونها على امتداد الرؤية، لترى مدى الجمال الذي يختزن في اقتفاء أثر الضوء والظل، عند أول شعاع ينسلّ فجراً ممهداً لتدرج خلاب، ومع مرور شمس الصيف بأمزجتها المتقلبة عبر حقل ما، وعندما يترقرق بشفافية على جناحي فراشة، ويتهادى كالثوب المزركش على جدار حجري خشن، أو ينعكس فوق صفحة مياه هادئة، وهو ينير سطح كوكبنا الصغير، ويمدّنا بكثير من عناصر الحياة التي نحتاجها، فكلنا نستطيع أن نرى الضوء بأعيننا أو بقلوبنا.. فلنتمتّع به.