الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

حديث الورق

حديث الورق
أحاول جر حبرك من رحم الورق.. من مضيق القلم، لعلني أنتزعك من جذور الأبجديّة.. يا من قلت لي يوما:

ــ أنت أنثى المطر والثلج وأنني أتنفس تحت الورق، وعيناي شرفة بحرية، وغضبي كموج البحر الأزرق.. وإنني امرأة جمعت كل المتناقضات، وكل الاختلافات، وخرج من تحت أصابعي لحن وبرد وبساتين زهر وشوك.

سيدي إنني أنثى اللجوء والهروب، أرتحل في كل مرة من العمر سبعين خريفا" دون انتظار، وأحَدَّث بفوضاي ألوف الدوائر في برك الماء الهادئة، وعشرات الخربشات على أغلفة الكتب الثائرة.


سيدي، لم أكن يوما امرأة تخرج من شريط الأغنيات، ولا من فوانيس الذكريات، ولا حتى من أغلفة المجلات، كما لم أكن امرأة تصادق فناجين البن، ولا تعانق شال الحرير، ولا حتى تستنشق روائح العبير، ولم أكن امرأة تشبه تلك الجالسات في المقاهي الطافية على أرصفة الطرقات، ولا تشبه النساء الخارجات بأثواب العصور العابرة من قصص الخرافات، ولا تلك اللائي تعقد ضفائرهن بزيف أشرطة الماركات.


لقد قلت لي مرة: أنني أنثى البكاء، تتلبد سمائي بغيوم ممطرة حتى في سطور كتاباتي، وعلى وسائدي، وفي تفاصيل فرحي، وأنني امرأة الأحاديث المتراكمة، والتعابير المقروءة على ملامح الشمس والتفاصيل المخبئة في جيوب القدر.

سيدي، كما أنك سيد الأرقام وانضباط الوقت في ساعاتك، وسيد الظل تحتبس ملايين المفردات في محفظة جنسك، فأنا امرأة الكلمات، وصديقة الفصول، أفتش في جزيئات أشيائي عن طمأنينة قلبي، وأنسج من تعابيرك كل الاحتمالات المربوطة بك.