الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

أغمض عينيك.. واحلم

أغمض عينيك.. واحلم
شهد العبدولي كاتبة وشاعرة وإعلاميّة ــ الإمارات

كنت أستغرب من الذين يقولون: إن الأحلام قد تتحقق يوماً ما، وكنت أردد بيني وبين نفسي: متى يأتي هذا اليوم؟ غير أنني كنت أعد العدة والعتاد وأرسم الخطط لكي أستقبله.

سنوات وأنا أضع جميع الاحتمالات، إلى أن فاض صبري، وصارت خططي سراباً، وباءت كل محاولاتي بالفشل.


فجأة، ظهر لي أحدهم وخاطبي قائلاً: أغمضي عينيك واحلمي.


استغربت وقلت: هل يكفي إغماض العينين ليتحقق الحلم؟!

قال لي: نعم، أغمضي عينيك وأخبريني أين ترين نفسك، وماذا حولك؟ أخبريني عن أصناف الطعام التي بجوارك، وأي عطر تشمين؟ وأخبريني بالتفصيل عن الوظيفة التي ترين نفسك فيها، وأي سيارة تقودين؟ وفي أي البلاد أنت الآن؟ وما نوع القهوة التي تحتسينها بهذه اللحظة؟

بدأت أفقد صبري واستسلمت لحماسته، وأغمضت عينيَّ، وبعد ثوانٍ معدودات أجبته، قائلةً:

- أريد أن أكون سلاماً في هذا العالم، وأن أبدأ ببناء السَّلام الداخلي في نفسي، وأريد بيتاً غير محاط بجدران، ومفتوحاً كقلبي على العالم.. أريد كتاباً ليست لحروفه ولا لأوراقه نهاية.. أريد كل المستحيلات التي في عقلي الواعي واللاواعي أن تتحقق، كما أريد لأحلام اليقظة أن تصبح واقعاً ملموساً أعيشه.. أريد الكثير، والكثير يتعبني ويرهقني.. فلماذا تجعلني أتألم؟

قال لي:

- أفرغي ما في جعبتك وتكلّمي، وقولي بصوت عالٍ: ماذا تريدين أيضاً؟

قلت: أريد أن أكون موسيقى تطرب الآذان وتسعد القلوب فرحاً، وأن أدخل في تركيبة الأوكسجين، وأكون فائدة للجميع وأريد أن أكون كالنحلة تلتقط الرحيق من الزهر لتنتج العسل.

قال: إن الله جل جلاله إذا أراد لشيء أن يكون قال له: كن، فالأمر كله بين حرفي الكاف والنون.