السبت - 05 أكتوبر 2024
السبت - 05 أكتوبر 2024

غريب في الشرق والغرب

غريب في الشرق والغرب
د. معراج أحمد الندوي أستاذ بجامعة عالية كولكاتا - الهند

ما أفقر الإنسان الذي يحمل علماً جمّاً، ولساناً بليغاً، وعقلاً مستنيراً، ولا يحمل دمعة في عينه، ولا لوعة في قلبه، فهو فاقد النور، وقلبه محروم من السرور.. يعيش حياة لا تعرف لذة الوصال والحضور.

قاتل الله ذلك اليوم الذي مضى ولم يذق الإنسان فيه لذة الحب، ولا بارك الله في الساعة التي مضت ولم تهب فيها نفحة من نفحات الحب.


إني أحترق بنار شوقي وحبي، وأستغرب أني خلقت في عصر لا يعرف الوفاء والإخلاص.. أستغرب العيش في زمن طغت فيه الماديّات، وأستغرب أكثر أني ولدت في عصر لا يعرف لوعة القلب، ولا يذوق لذة الحب.


إنني أعيش وحدي، وأتحدث إلى نفسي، وأخفف من أشجاني وآلامي، وأتحدث إلى نفسي، حيث إن أصدقائي لا يجنون الرطب من نحل فكري، ولا يفهمون لغتي التي هي الصمت، لأن الصمت لغة تحوي كل اللغات، يتواصل ويعبر الآفاق، ويتجاوز المسافات، وهو لغة الوجود التي تعبر عن كل شيء دون أن تقول شيئاً، ولغة الروح والوجدان، وله بلاغة جميلة أقوى من حكم الكلمات والحروف، وأيضاً هو صوت الفطرة المتحرك، وتعبير عن الوجود والحياة والكون.

أذبت قلبي، وعرضته على الناس عسى أن يستأثر به أحد، فلم أرَ فيه راغباً، ولا له طالباً، فإني لا أجد في العالم من هو أشد وحدة وأعظم غربة مني.

لقد طفت في الآفاق، وضربت في البر والبحر، ورأيت فيها حركة وازدحاما، ورأيت على الوجوه سحابة من الغم، وشاهدت على الجباه سطوراً من كآبة.

أمشي على الأرض وحيداً منفرداً، ليس لي صاحب ولا جليس، لا يحف بي موكب ولا يقام لي استقبال.. أمشي وحيداً منفرداً، ليس لي شريك ولا أنيس.. أمشي مع أفكاري وأحلامي، لأخلو بها، وأسمع إلى صوت قلبي، وإن لي من أحلامي وقلبي مشتركين عالماً فسيحاً أراه أكبر من هذا العالم الوسيع.