السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أبريل.. شهر الموت الذي نهابه

أبريل.. شهر الموت الذي نهابه
محمد حسّونة إعلامي سوداني مقيم ببريطانيا

إنْ كان شهر أبريل أهدانا مشاهير الأدب وعُظماءه مثل: (وليم شكسبير) عبقري الإنجليز، و(جورج برنارد شو) ذائع الصِّيت والحائز على نوبل في الأدب والقائل: «إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل»، و(إميل زولا) رائد المدرسة الطبعانيّة وأهم أدباء فرنسا عبر التاريخ، و(مايا أنجلو) التي فارقت عالمنا في 2014 ، و(أحمد حسن الزيات)، مؤسس مجلة «الرسالة»، وصاحب « تاريخ الأدب العربي»، و«أصول الأدب العربي»، و(غابرييلا مسترال) أول لاتينية تفوز بنوبل في الأدب 1945، و(غسّان كنفاني) المناضل الجسور، وغيرهم ممن حَملَتْهم هذه الأرض، وأنتجوا على ظهرها أنواعاً من الأدب والفن في شتّى المجالات.

فقد أخذ منّا مقابل ذلك الكثير، وفي عالمنا العربي أسماء لا يمكن تجاوزها بأيّ حال من الأحوال كشاعر المهجر (جبران خليل جبران) الذي ولد بلبنان 1883 وتمنَّى أن يدفن فيه، ولكن قدره كان مع هجرته إلى الولايات المتحدة فدفن بها (10 أبريل 1931) ولم تتحقق أمنيته.


وشاعر المرأة والحبّ (نزار قبّاني) (1923 حتى 30 أبريل 1998) والحقيقة هو شاعر القضايا العربية وإن كان للمرأة نصيب كبير في شعره، وقد كان آخر ما كتبه وهو على فراش الموت في لندن: أيّها الواقفون أمام الشارع الجميل الذي يحمل اسمي في (أبورُمّانة) تذكروا أنّني كنتُ يوماً ولداً من أولاد هذا الشارع لعبتُ فوق أحجاره وقطفتُ من أشجاره وبلّلتُ أصابعي من ماء نوافيره.. تذكروا أنّه كان أبي وأمي ووطني وقصائدي التي طارت كحمام الشام من المحيط إلى الخليج.


ومن أواخر من غيّبهم الموت في أبريل ثلاثة من أدبائنا العرب، الذين لا تزال ذكراهم رَطبة ودموع رحيلهم لم تجف بعد منذ أن غادروا في مطلع هذه الألفية، الشاعر والكاتب والروائي السوري محمد الماغوط (1934 حتى 3 أبريل 2006) من شعراء القصيدة الحُرّة وصاحب السخرية اللّاسعة.

والشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري (1936 حتى 24 أبريل 2015) الذي عُرف بشاعر أفريقيا والعروبة وأحد روّاد الشِّعر الحُر الحديث.

والروائي والطبيب المصري د. أحمد خالد توفيق (1962 حتى 2 أبريل 2018)، الذي يعتبر من أوائل الكتاب العرب في مجال الرّعب والخيال العلمي وأحد مشاهير أدب الشباب. وكل واحد من هؤلاء يحتاج إلى مساحات كبيرة للحديث عنه، ولكنها مساحة للذكرى نجمعهم فيها ونحن نعيش أبريل رحيلهم.. لقد غيبهم الموت عنّا أجساداً، لكن لم تغب الإشارة إليهم في كتاباتهم، وإن اختلفت الطّريقة بين هيبة الموت وتحدّيه، وبين هذا وذاك يُوصِي الفيتوري قائلاً:

لا تحفروا لي قبراً

سأرقد كالماء في جسد النّيل

أرقدُ كالشّمس فوق حُقول بلادي

مثلي أنا ليس يسكنُ قبراً.

ثمّ يأتي الماغوط ليلفت انتباهنا لشيء آخر يخفّف جزع الموت، فيقول:

ــ إنّ الموت ليس هو الخسارة الكبرى، الخسارة الأكبر هو ما يموت فينا ونحن أحياء.

كثيرةٌ هي الأشياء التي تموت فينا، فكل يوم ونحن نشاهدها تتساقط أمامنا ولم نستوعب الدرس بعد يا ماغوط.

فيأتي أحمد خالد توفيق ينقل الحقيقة المُرّة التي يُواجهها الإنسان بنفسه، وهو مُقبل على الموت فيقول:

ــ أنا يا رفاق أخشى الموت كثيراً، ولستُ من هؤلاء المدّعين الذين يقولون إنّنا لا نهابه، كيف لا أهاب الموت وأنا غير مستعد لمواجهة خالقي؟

كان الموت هو خاتمة حياتهم، والبداية لنا لمعرفة أيّ حياة عاشها أولئك الأفذاذ من خلال كتاباتهم.