الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

علامة انتظار

علامة انتظار
أمان السيد كاتبة وشاعرة ـ سوريا

عاطفتي، والعقل.. كان حريّاً بي نسب المفهومين إلى ياء متكلم يخصني، غير أنني رأيت أني سأشتط في الأمر لو فعلته.

هكذا إذن، تتنوع انعكاسات العاطفة بين هذا وذاك، والحكماء يقولون بتوازيها، ولكن ما الذي نستطيعه حقاً؟


شرهاء نحن في الحياة.. تؤرقنا غرائزنا أنَّى خُضْنا في ركابها، وأكاد أجزم أن المرء منا كتلة من الغرائز لا مكان للعقل فيها إلا وهماً.


الساحة ساحتي، ولي الحق أن أتجلى فيها برؤيتي، لذا سأتحدث عنّي عاطفيّاً، ثم عن الآخرين عقليّاً، فأنا لا أكاد أمسك بلجام فرسي، إلا وينزلق زئبقها مني.

«منذ فترة وأنا خارج التغطية».. عبارة قلتها لصديق مقرّب، وهو يذكرني بالتزام كتابي للنشر بيننا، كدت أسمع ضحكته ترن من وراء المسنجر، ونحن يفصلنا الكثير من المسافات التي خضتها بلجام عاطفتي المتعقلة، أكاد ألمح استغراباً ما، وتمتمات: كم أنت متناقضة؟!

يا إلهي، ومن يتجرأ على أن يَنْفِي ذلك؟ّ! وأيُّ شخص حقيقي في ذاته لا يؤكد ذاته، وإن كان يتراءى له، أو يخادع في النهاية، فنحن نخادع أنفسنا جميعا؟

المهم صديقي المقرّب هتف: سأعيدك إلى داخلها.. التغطية طبعاً.

تركته وعدت إلى عالم منذ شهور أتبلل فيه، كحصان أغرقه المطر، وهو يحاول العدو في اتجاهات تجتمع عليه، ينتفض، ثم يطفو، ثم يركز رجليه في الأرض، ثم يغيب ثانية عن الوعي، هل هو مثلي مكتظّ بمشاعر حرب بين عاطفة وعقل؟!

الأصعب من ذلك كله أنَّ المدى يُحالفك بالحظ، غير أنك حين تحصل على ما كنت تأمله، وتخطط له، ترجع ثانية إلى نقطة المسار الأولى التي تتشارك فيها الأحصنة، وتستحث الرمل بساقيك حين تقرر السفر المضني، حيث اللاشيء بانتظارك، فتكتشف أنك علامة انتظار تسقط فوق نقطة وليدة تحبو، وذاك الثقل يسقط فوقها.