الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

فضفضة مع «الأنا»

فضفضة مع «الأنا»
إنه بعض حديث قد يطول حول «الأنا»، التي تتضخَّم في الإنسان، فتنتج أنانية بغيضة تصيب بأمراض نفسيّة لا حصر لها في مجتمعات تتسطّح فيها العقول بنبذ الآخر حين التنكّر لحقيقتها كذرة في جرم كبير.. ذرة هي بحد ذاتها الجرم الذي ينطوي فيه العالم الأكبر ضمن مزيج ثري يهبنا صورته البديعة!

قد يكون ديكارت في مقولته الشهيرة: «أنا أفكر، إذاً أنا موجود»، قد تزعّم فكرة الأنا في الفلسفة الأوروبية الحديثة، والعبارة من جزئيتين تدوران في محور الوجود الذاتي الخاص، وهي تسوق إلى الذهن: أن الآخر هو وجود لا يرتبط بالأنا، وبالتالي فإنه المواجه، والضد، وهو الخصم أحياناً، وهو إن لم يوافق «أناي» في الانقياد، فهو المنبوذ على ضفَّة يجوز النظر إليها بعدوانية حادَّة.

لست أرغبُ في تضخيم هذا الجانب، أو تحميل فلسفة ديكارت ما قد لا يكون فيها، ولكني هنا أنحو منحى مبسَّطاً في استثارة مواقف إنسانية يلحظ فيه تضخم الأنا إلى درجة تفوق الحدود الطبيعية في تفاخر المرء بنفسه، وبمنجزاته، فتنقلب خطراً على صاحبها، ثم على المجتمع، مثاله شخصيات قيادية يمكن وصف ما أبدعته بالجهنمي في مجالات مختلفة كالسياسة، أو الاقتصاد أو الفكر، أو الفن، بعد أن طُمِس النسيج الفسيفسائي للبشرية، وتُؤبّطت النرجسية أعمالاً ألحقت بالكون الكوارث، وأصابنا من نتاجها ما نحياه من دحر للقيم، وبلبلة واضطراب إنساني.


قد يكون تضخم الأنا عقداً تراكمية انقلبت أمراضاً ذات سلوكيات عدوانية، هتلر، نيرون، كاليغولا الذي ينسب إليه «أنا أسرق بصراحة، ولا أرتاح إلا بين الموتى».