الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

كَتبْتُكَ حافية الحنين

كَتبْتُكَ حافية الحنين
إنني أعجب منك حين تفتح نافذة بيتك، وتطلُّ من شرفة غرفتك وكأنك تخرج من قصيدة القوافي المطرزة، وإنني أعجب من رصيف الكحل في عينيك وسحب وغيم وشيْ من الأحرف الكتابية وهي تشق طريقاً تحت خصلات شعرك.

وإنني عجبت حين لمحت سطرك يتمدد تحت ظلال الورق وتغزل من أبجديتك خيوط شمس حريرية، وصدف مغروس في كثبان رمل شاطئية.

حين عرفتك تغيرت خرائط المدن، ومدَّ الربيع شراشفه إلى عدن وبات الياسمين أبيضَ، مزروعاً في ليل جدائل النساء، والحبر يتدلى كالقطرات في السماء.


عتبي على عينيك كيف تخطئان سطر قصيدتي وأنا أقف مصلوبة «تحت شجيرات رمشك»، وأرتشف البن من حدقاتك، وأنتظر تفتح الأزهار من شرفات حديثك، ويتدلّى شعرك كستائر حريرية على وجهك.


عتبي على سؤالك: كيف نسيتني؟ وكيف أنسى ودمعك إذا فاض في مقلتيك يسيل على خدي؟ وكيف أنسى نبض يدوي كالأجراس في كنائس مدني؟ وملامح مرسومة كالوشم في جدار ذاكرتي؟ أكتبك بعمق حتى تجف الأقلام في صحفي؟ وتعرق ريشتي من اشتداد صيفك في لوحاتي.. أكتبك بتوحد الكلمات فوق سطح أوراقي، وبأثواب حداد الفصول في أعماقي.. أكتبك كمواسم تجر فصولها بمحاذاة ثغرك.

يرعبني أنني أقف في المنتصف بين عينيك، وأبجديتي ومعها أحاول أن أجمع ثمانية وعشرين حرفاً من حقول اللغة وألقيها تحت شرفة عينيك، وإنني أحتاج إلى أكثر من أحرف اللغة لتقيس مستوى النبض في شرايين الورق.

ماذا عساي أن أفعل لأزيل تلك الغربة العالقة في خطوط يديك، وتلك الأيام المحذوفة من تواريخ الأزمنة، والحشائش الشائكة في الطرقات الآمنة؟، وكيف لي أن أكسر ذاك القيد اللغوي الذي يبقيك تحت رحمة القصائد؟

كان ممكناً أن أعيدك إلى دفاتري الضائعة، وأحوِّل كل أحلامك إلى عوالم «لازورديَّة».