الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

سوف أفرح غداً

سوف أفرح غداً
قال لي، والحزنُ يملأ قلبه:

ــ لم أعد أعرفني كما كان عهدي سابقاً، أصبحت أنا والحزن أعز الأصدقاء، وأصدق الأخلاء، أشعر بأن الوقت المخصص للأمل قد انقضى، وبأن عهد الألم ماضٍ لا محالة.

توقَّفتُ عند كلماته، محِّدثة نفسي وراء الأسباب الكامنة واللحظات القاسية التي جعلت منه صديقاً للألم، عدواً للأمل، فما كان منه إلا أن أخبرني القصة التي توافق زمن حدوثها مع اللحظة الفارقة في حياته، والتي لا يعود المرء فيها كما كان مهما حاول ذلك.


بقلب مملوء بالشفقة، خاطب قلبي الذي تسكنه الرحمة، علّه يجد الأمان المفقود، والصدق المعهود، قائلاً:


ـ كنت أبني أحلامي على أرض الأمل.. أعمل على قدر جهدي واجتهادي لتصبح بنياناً مشهوداً، ما تخلفت يوماً عن العهد الذي اتخذته على نفسي بأن يغدو حلمي واقعاً معاشاً، ولكن شاء لأحلامي أن تلقى مصرعها على يد القدر، فكان لجائحة فيروس كورونا القرار بأن أغدو يتيماً دون أمي التي لا يعوضها حلم ولا قدر، لتصبح سعادتي حلماً آخر صعب المنال، والهناء أمنية خاب رجاؤها وخان.. فبعد رحيل أمي ماتت كل الأحلام.

كان لكلماته تلك الوقع الأكبر على نفسي، وأحسست بأن ما يدور في قلبه من ألم وحزن وخوف، إنما هو مصير كل من سيفقد والديه لا محالة، فموت الأم ما هو إلا موت قلوبنا التي كانت تنبض حباً وأملاً وشغفاً بأن نعيش بسعادة وهناء، ولكن كان لا بد من أن أفسح المجال لعاطفتي كي تواسيه وتقف إلى جانبه، فأنشأت تخبره بأن الألم ما هو إلا الطريق نحو الأمل المقبل والنجاح الواعد، وبأن مرارة الفقدان هي حلوة في صميمها، ما دام التحلي بالصبر هو الملجأ الوحيد للهروب من أوجاع الحياة، ومصائبها القاسية.