السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الغرق حَيّاً

الغرق حَيّاً
لم يمر شريط حياتي أمام عينيّ، وكل ما في الأمر أني سمعت رقرقة الماء، وشاهدت فقاقيع، هي في الأصل استغاثة.. لم أشعر ببرودة ماء البحر ولا بدفئه، إنما شعرت بخدر في أطرافي، لكنني لم أفقد الوعي، ولم أستسلم، بل وجدت نفسي في حلم كنت فيه وحيداً، ولا يؤرقني ذلك.

لقد نسيت كل شيء ولم يخطر في عقلي أني على وشك الغرق.. لا أدري إن كنت مغمض العينين أم لا، ولم أبحث عنى شاطئ أو مرفأ.

نظرت إلى قدميّ متسائلاً:


ــ هل هي تهبط بي الآن إلى القاع؟.. وهل ستدفعني إلى السطح مرة أخرى؟


لم أجد إجابة شافية، ولا أعلم أن كنت أتنفس أو أحتفظ ببعض الهواء في صدري الذي بدأ يضيق، لحظتها

لم يكن هناك أي لو من الألوان، حتى الأزرق اكتسب صبغة لون أخر لم أره من قبل.. لون أشد برودة عن تلك الألوان.. القاع لم يكن قريباً، ولا حتى بعيداً، بل لم يكن هناك قاع.

اختفت الأفكار واستهلكت المحاولات، وصرت كتلة من لحم تتلاعب بها الأمواج، وتمنيت أن يكون كل الذي أعيشه الآن كابوساً.

استفقت على ذراع قوية تنتشلني من كل هذا الصراع.. حاولت الالتفاف لمعرفة صاحبها، لكن دون جدوي.

أخيراً ارتميت على الشاطئ في سلام تبحث عنه البشرية كلها، وصفاء ذهني يتخيله كل متعاطو المخدرات.. تجمَّع حولي كل رواد الشاطئ، مهللين بالعودة والنجاة من الغرق، ورأيت رؤوساً غريبة وسمعت تعبيرات أغرب.

بعد لحظات تذكرت همومي وحياتي المكتوبة وبعض الأشخاص، وعلمت أن هناك غرقاً آخر أشد قسوة من الغرق في البحر، وهو أن تغرق حيّاً، وتستغيث، ولكن لا أحد يشعر بك، فتحيا غريقاً.