الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

خلوتها.. والمقعد الخالي

خلوتها.. والمقعد الخالي
في خلوتها تنهّد الليل بصوت عالٍ لصمتها ووحدتها!، فهو يأتي كل يوم في موعده، ودائماً هي في انتظاره فيغرقها في ازدحامات التأوه، يحرك الحزن بداخلها حنيناً واشتياقاً بالآلام، موجعة تلك السيدة التي تجاوزت الثلاثين من عمرها، لا تمل من محاكاة الأشياء حولها، وتقليب صفحات كتاب حياتها بفوضى حواس مشتتة لتريح قلبها من عناء الوحدة.

هي تعيش بمفردها رغم ضجيج من حولها، تغوص في عمق معاناتها على جسور الثقة التي فقدتها برحيل زوجها ومحاولتها البائسة للتأقلم، فهناك شيء قد انطفأ بداخلها إلى الأبد، تتأهب للفرج لاستقباله ليخرجها من متاهة الأحزان التي صارت فوق قلبها متتابعه، بخيبات أمل والشعور الباهت بعد الانكسارات حتى يزيل عنها أثقالها من مرارة القدر الذي أجبرها على التعايش مع وضع مؤلم.

بداخلها رغبة جامحة تستعمرها، لكنها رغم ذلك تحاول من خلالها التخلص من ذاتها المحطمة حتى تخرج من متاهة الانطفاء المهيب الذي يجتاحها، والعزلة تطوقها تجعلها تعزف على أوتار الفراق.


كان بداخلها أحلام لم تروَ بعد، وأحاديث لم تخبره بها، وأشياء كثيرة في جعبتها من حوارات ومناقشات، ما جعلها تعشق الليل لتستريح من نظرات الشفقة ممن حولها لتبوح بكل ما يجول في خاطرها من ذكريات وحنين واشتياق، فلم يكن فراقه خذلاناً لكنه قدر محتوم أنهى قصة قصيرة طالت قليلاً من المودة والرحمة وأسمى آيات الحب.


لكن اعتادت في ساعة متأخرة من الليل كل يوم، أن يباغتها طيفه، برغبة ملحة في احتواء مقعده الخالي.