السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ترامب ـ كوشنير.. فلسطين كصفقة عقارية

ما من شك في أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره المستشار كوشنير، وهما من رجال الأعمال وتجار العقار، قد تعاملا مع القضية الفلسطينية تعامل التاجر القائم على لغة المال والأرقام، وهما مُصران حتى اللحظة على تفسير الصراع العربي - الإسرائيلي، كمسألة اقتصادية وإدارية قابلة للحل بالمال.

والمفارقة الغريبة أن أمريكا في المجمل حين تتعامل مع موضوع دولة «إسرائيل»، أو أي مفهوم للدولة اليهودية فإن قضايا التاريخ والدين والتراث والثقافة والحقوق السياسية والإنسانية تكون مقدسة عندها، وهي تراها من الأسباب التي تُشرع وتُسوغ حق وجود إسرائيل، بينما تُحرّم ذلك على الفلسطيني والعربي والمسلم، لا بل إن مجرد حديثهم عن قضاياهم المصيرية وهوياتهم الوجودية وعقائدهم وحقوقهم، يعتبر عندها أصولية وتطرفاً وعنصرية ومعاداة للآخر وللساميّة.

وفي واقع الأمر، فإن القوة بمفهومها الشامل والمتضمن للتفوق العسكري والاستراتيجي والسياسي والاقتصادي والعلمي وغيره، هي من أهم ما يحكم طبيعة الصراعات والعلاقات الدولية بحسب منظّريها، وعليه فإن ما يجري اليوم هو فرض للرؤى والمشاريع بمنطق القوة والهيمنة، وهذا ما يفعله ترامب بالضبط مع الفلسطينيين والعرب، حيث يستخدم سلاحَي القوة والمال، فيفرض بالأول ما يريد، ويحاول بالثاني أن يشتري ما يتاح له، حتى لو كانت السلعة هي المستقبل والقضايا العادلة للشعوب.


ولكم أن تتصوروا كيف أن الثنائي ترامب - كوشنير في صفقتهما المعلنة قد وضعا مبلغ 50 مليار دولار، ثمناً لحل أعقد صراع في العالم، أحد طرفيه أمة تعدادها مليار و700 مليون نسمة، والمُهين في الأمر أن الجزء الأكبر من المبلغ سيكون عبارة عن قروض تعطى لبعض الدول العربية، لينفذ بها عدة مشاريع - كطرق وموانئ ومطارات ومناطق صناعية وشبكات مياه وأنابيب غاز وخدمات أمنية - تخدم المصالح والبضائع الإسرائيلية التي ستدخل وتمر من هذه الدول، علماً بأن الجزء الأكبر من المبلغ مُتوقع أن يدفعه العرب أنفسهم.


وأخيراً وباختصار، وصلنا إلى النقطة التي تتعامل فيها أمريكا و«إسرائيل» مع قضايانا وحقوقنا حتى وجودنا كصفقة عقارية متاحة، حيث أدركتا ضعف حالنا وواقعنا، وقد جاءت لحظتهما في التاريخ كما تعتقدان لتحقيق ما تصبوان إليه، ولا يوجد هناك عدو أو خصم سيتوقف عن افتراسك وامتلاكك ما دمت تسمح له بذلك.