الخميس - 12 ديسمبر 2024
الخميس - 12 ديسمبر 2024

أمير الرومانسية وشاعر الأطلال

أمير الرومانسية وشاعر الرقة والعذوبة الدكتور إبراهيم ناجي .. لقد تخرج ناجي من كلية الطب وتخصص في العيون وظل في مهنته إلى أن توفاه الله وهو ممسك بالسماعة يعالج أحد المرضى، وأما قصته مع الشعر فتبدأ من طفولته عندما كان يحفظ دواوين الشعراء القدماء وشعراء الرومانسية الأوروبيين المعاصرين، فأخذ من الأولين لغتهم وأوزانهم وقوافيهم وأخذ من الأوروبيين أفكارهم ونهجهم ومعانيهم. بدأ كتابته للشعر مترجماً عن الفريد دي موسييه وتوماس مور وبودلير، وأخذ ينشرها في الصحافة حينها، فلاقت استحسان القراء والنقاد على حد سواء، ولكنه حينما بدأ ينشر قصائده الشخصية شن عليه جهابذة النقاد حينها، من أمثال العقاد وطه حسين، لاذع نقدهم عليه، وقد ترك هذا النقد أثراً سيئاً في نفسه لم يتخلص منه بقية حياته. يعد إبراهيم ناجي أحد أعمدة الاتجاه الرومانسي في الأدب العربي الحديث، وهو عضو في جماعة أبولو الشعرية، كما اختاره الأدباء حينها رئيس رابطة الأدباء المصريين في أربعينات القرن المنصرم، وهذا إن دل فإنما يدل على هذه المكانة الرفيعة التي تبوأها ناجي في حياته، وأما بعد مماته فقد صدرت عنه الكثير من البحوث والدراسات التي تناولت شعره بشيء من الدراسة الجادة والإنصاف. ولا يحق لنا أن نختم هذا الحديث عن شاعر الرومانسية الأول في الأدب العربي من دون أن نتطرق إلى ملحمته (الأطلال) إحدى أهم القصائد العربية في العصر الحديث، وقد كتبها في فترات متعاقبة من حياته، وهي عبارة عن ملحمة شعرية طويلة، بطلاها اثنان حبيبان، ومحورها الرئيس الحب وحده. يقول عنها الدكتور غازي القصيبي: هذا كله هو المظهر الخارجي للقصيدة، أما الحقيقة فهي أن هذه القصيدة، ككل قصيدة خالدة، تلخص في أبيات ما يحتاج الناثرون إلى مجلدات لشرحه، وهي تعكس قوس قزح متكامل من المشاعر الإنسانية المتناقضة، من سعادة وشقاء، قنوط ورجاء، ذل وإباء، وأبطال القصيدة ليسا ناجي وحبيبته، بل كل اثنين أضناهما الحب.