2018-05-05
كما هي العادة في الكتابة، هو البحث عن موضوع للخوض فيه والاسترسال بما يسمح به فضاء الصفحات. والتصدر في مجلس الكتابة ليس بالأمر الهين، فهي كما وصفها جبرا إبراهيم جبرا، نمرة فمتى روضتها استطعت أن تطاول عنان المجد الأدبي
لقد طالعت بعض المصنفات، فوجدتها تحوم حول شخصية الكاتب، فكأنه بتلك المواضيع يبحث عن ذاته، ولكن من ستار خفي، فقوة الدافع وإن شابها شيء من حب الذات، فلولا وجود هذا الدافع لما تحرك أحدٌ ولما أبدع أحدٌ، وتلك حكمة الله، لكن تحتاج شيئاً من التهذيب، حتى لا ترتفع إلى النرجسية، ولا تتدنّى إلى جلد الذات الذي يفقدها حقها في العيش الكريم والاعتراف بوجودها.
وهذا يذكِّرني بقصة أحد السلف والذي كان عابداً، فسأل الله أن يأخذ منه الأمل حتى لا ينشغل بالدنيا ومطامعها، فلما استُجيب له ترك العبادة وأصبح لا يعمل حتى للآخرة، حتى سأل الله مرةً أخرى أن يعيد له الأمل. فهذه القصة وإن ظهر عليها الصناعة، إلا أننا نستأنسُ بها في حديثنا هذا فمن دون الأمل لا يخطو الإنسان خطوة واحدة، ولا يشعر بلذة شيء، وتصبح الحياة مستحيلة.
منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى
وإلا فقد عشنا بها زمناً رغداً
أمانيّ من سُعدى عِذابٌ كأنما
سقتنا بها سُعدى على ظمأٍ برداً
بين الأمل والألم، تقديم حرف وتأخير آخر، بين التقديم والتأخير، تمر سويعاتنا عجلى سريعة تتخطفها يد المنايا، بقدرة القادر سبحانه، فتسقط مرة وتنجو أخرى، وهذه هي الحياة بإرهاصاتها، وآمالها وآلامها، وهذا يدفعنا إلى الأمل دفعاً، ولا يزيدنا إلا تفاؤلاً وثباتاً في مواجهة المتعنتين من المهووسين باليأس والإحباط، الذين يريدون أن يصادروا حتى أمانينا.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، فكان بأبي هو وأمي سيد المتفائلين ليس في قاموسه اليأس .. والقرآن الكريم فيه تصوير فنيٌ لجنان الخلد، وتكرار للوصف يداعب الخيال ويجعل الإنسان يأمل، وتترامى إلى ذهنه تلك الأنهار والأشجار والثمار، فيتحرك لها وجدانه؛ و(لمثل هذا فليعمل العاملون).