2018-05-14
فيما يبدو لي أن آخر ما كان يتوقعه القرضاوي وحزب الإخوان المسلمين وقطر أن يكون دبلوماسي وسفير دولة عظمى كروسيا شاهداً للعصر وللتاريخ عليهم وعلى ما يحاك في الدوحة تجاه البلدان العربية، ويا لها من حادثة ثقيلة الحمل، فما تحدث به ذلك الشاهد الدبلوماسي يحتاج إلى أكثر من مجرد بيان هنا وهناك للنفي.
حديث الشاهد الدبلوماسي الروسي حافل بالتفاصيل التي تستحق تناولها والكتابة عنها، لكنني هنا سأمسك بإحدى الشخصيات التي دارت حولها التفاصيل للحديث حوله، كونه من الشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً في تلك التفاصيل.
الإخواني يوسف القرضاوي، هو من سيدور حوله النقاش هنا، وأبدأ من نقطة حديث السفير الروسي تيتورينكو عما دار بينه وبين القرضاوي إزاء سر هذا القتال الإعلامي والسياسي من قبل قطر والإخوان المسلمين لإسقاط الدول العربية الواحدة تلو الأخرى بذريعة إحلال الديمقراطية فيها، فيخبره القرضاوي بأن (الديمقراطية) هي الهدف.
وأنا هنا أعرف ما هي ديمقراطية القرضاوي من جهة وما هي ديمقراطية قطر التي تسوقها من جهة أخرى، لكن المقال ليس موضع الحديث عن هذا الآن.
واستكمالاً لما دار بين السفير والقرضاوي، يخبرنا عن سؤال كان من الطبيعي أن يتبادر إلى ذهن السفير الروسي إزاء حديث القرضاوي عن التغيير إلى ما يروج له على أنه ديموقراطية في البلدان العربية بالنسبة إلى منطلق ذلك الداعم للتغيير، وهي قطر، التي ليست هي كذلك في الأصل، فكيف تدعو إلى مالا تتبناه في الأصل؟
يجيب القرضاوي بما هو معروف عن الإخوان المسلمين تاريخياً، وهو خاصية الانقلاب على الحاضن بعد استهلاكه، قائلاً - هنا أنقل بتصرف: يجب عليهم أن يقوموا بمهمتهم ثم سيأتيهم الدور.
الحربائية التي يعامل بها القرضاوي والإخوان المسلمون وقطر أمر لا أستغربه على الصعيد الشخصي، فهذا الرجل لن يصدقه إلا دراويش الشعوب أصحاب الذاكرة الضبابية، فهو يتحدث إبان ثورات ما يعرف بالربيع العربي - مع عدم اتفاقي مع المسمى - عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وكل ما يتعلق بخطاب إنسان القرن الـ 21 ومتطلباته، لكنه في المراحل المصيرية عندما يتعلق الأمر بحسم مصير من سيحكم ويمسك بزمام الأمور فإنه يعود كهنوتياً يعتسف المقدس ليبرر لحزبه كل شيء، فالديموقراطية ترمى في البحر، والمقدسات تصبح وسيلة تسويق لما يريده البعض، حينما تحدث بلغة الواثق بأن الله والملائكة مع أحدهم - يمكن الحصول على التصريح بالصوت والصورة من اليوتيوب. في استخدام يخبرك كيف يهون كل شيء مقدس بالنسبة لهؤلاء الحزبيين من أجل دعم رجل لهم في انتخابات سياسية.
حديث السفير الروسي تيتورينكو حافل بالتفاصيل المثيرة التي لا أجد فيها جديداً على المستوى الشخصي من حيث العبث القطري الممنهج بالدول العربية وخرق مواثيق احترام الدول والمبادئ الدولية كافة، فهي واضحة لي وضوح الشمس في واقع الحال بشواهد عدة، لكن الأمر أضيف إليه شيء مهم هو (شهادة دبلوماسي سابق لدولة عظمى بتلك الكوارث وتفاصيل إدارتها من هناك في الدوحة).