الاحد - 16 مارس 2025
الاحد - 16 مارس 2025

تِجَارَةُ العُلَمَاء (3)

ما يُعِيقُ الإنسانَ عن التَّنَعُّمِ والاستمتاع بتدبر كتاب الله أُمور عديدة، يجب على كل فَرْدٍ التنبه إليها واجتنابها، حتى لا يكون بعيداً عن التدبر، وداخلاً في عِدَاد من وصفهم الحق سبحانه في قوله: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ). ومن هذه الأمور: فساد النية؛ وهذا أخطر ما يصيب العبد! وقد يعرض له هذا قبل العمل وأثناء العمل وبعد العمل! فالشيطان يحرص أشد الحرص على صرف العبد عن العمل، ثم يحرص على إفساد عمله إنْ عمل بغرور أَو إعجاب أو رياء أو سمعة .. والأعمال تكون بحسب نياتها .. والنيات تجارة العلماء .. فمن نوى بتناوله لكتاب الله الهدى والشفاء والعلم، ناله ما نوى .. ومن نوى به التعالم والتفاخر والظهور على أعين الناس لم يكن له في الآخرة من خلاق! ونحن إِذْ نعيش نفحات شهر القرآن، حَرِيٌّ بنا أَن نعرض بعض النيات الخاصَّة بتلاوة كتاب الله، والتي يمكن لك أن تضعها أمامك وفي ذاكرتك وأنت تقرأ القرآن. اقْرأ القرآن ليشفع لك يوم القيامة: يقول صلى الله عليه وسلم: (القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة). اقْرأ القرآن لِرَفْع درجاتك في الجنة: يقول صلى الله عليه وسلم: (يقال لقارئ القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤُها). اقْرأ القرآن بنية علاج أمراضك: قال الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). اقْرأ القرآن ليطمئن قلبُك: يقول الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب). اقْرأ القرآن بقصد العلم والتدبر: قال الله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً). اقْرأ القرآن بقصد زيادة الإيمان: قال الله عز وجل: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ). اقْرأ القرآن بقصد الحصول على رحمة الله: قال الله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ). اقْرأ القرآن ليكون شاهداً لك لا شاهداً عليك: قال تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً). اقْرأ القرآن حتى لا يكون قلبك كالبيت الخرب: يقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ). أَجَلْ، إنك، وأَنتَ في شهر القرآن، يمكنك أن تُعَدِّدَ النيات أيضاً عند تلاوتك لكتاب الله، فمثلاً: تنوي حصول الأجر المضاعف، وطلب الهداية، ونور القلب، والثبات على الدين، وزيادة العلم والإيمان، والبركة، وجلاء الهم والغم، ومناجاة الله تعالى، والاستشفاء، ومصاحبة القرآن، وشفاعته، ورفعة المنزلة في الدنيا والآخرة، ونيل رحمة أرحم الراحمين. إذاً؛ فلنتعامل مع القرآن الكريم بتجارة العلماء، فالنيات هي تجارتهم .. ومع إحسان النية تتحول كل الحياة إلى عبادة، مع أنها نفس الحياة، ونفس الأفعال، ولكنها النية التي تجعل صاحبها يدخل في مقصود قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).