2018-06-10
كثيرون هم من فئات المعاقين في مجتمعنا الخير بالعطاء، ولكنهم في الحقيقة هم من المبدعين المتميزين، وعلى الرغم من أنهم أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعيشون بيننا كسائر البشر لكنهم محرومون كثيراً من نظرات الحب والحنان والدفء الإنساني المفقود في حياة بعضهم، وإن نظر إليهم فستكون كلمات الإشفاق عليهم أشد من قطع السكين في أعماقهم، مع أنهم تناسوا أن كل ذي عاهة جبار، وهم من أصحاب البصمات وعدد لا بأس به من ذوي القامات الذين نفخر بهم ويعج بهم ماضينا وحاضرنا، والأمثلة التاريخية موثقة في ملفات الماضي العريق، والحاضر شاهد عصر على تميزهم وعيونهم شاخصة للخالق الجبار الذي وإن خلق فيهم نقصاً جسدياً إلا أنه منحهم تميزاً وانفراداً في شيء معين أبدعوا به في كل زمان ومكان وهي بصمات واضحة تدل عليهم.
ومن هؤلاء الأديب المعروف طه حسين عميد الأدب العربي، وغيره ممن حققوا إنجازات عدة وسجلوا تفوقاً ملحوظاً في حياتهم العملية، وحتى العلمية والفكرية، والموسيقار بيتهوفن الذي ألف أروع السيمفونيات الموسيقية وهو أصم، سبحان الله ما أعظم خلقك وجبروتك يا الله.
كثيرون غيرهم تعج بهم ملفات الماضي والحاضر المعاصر، وبعض هؤلاء الذين نعايشهم اليوم قلما يجدون الدعم في بعض المواقع والمؤسسات، وحتى بين أقرانهم في المدارس والجامعات، وكل ما يحتاجون إليه منا هو التحفيز والدعم المعنوي وتقديم التسهيلات لهم لندعهم يعيشون بسلام في هذه الحياة كغيرهم.
والمعروف عن هذه الفئة أنها جبارة تنهض بنفسها، ويحفز بعضها بعضاً تلقائياً، ليثبتوا للعالم أنهم ليسوا أقل منهم، بل قد يكونون أكثر إبداعاً وتفوقاً في أدائهم الفكري والعملي، فالإمارات على سبيل المثال تحرص قيادتها الرشيدة على تحفيزهم ليكون لهم دور في المؤسسات التعليمية والجامعات ومواقع العمل المختلفة، ما جعلهم يعززون ثقتهم بالله وبأنفسهم وبالآخرين ويخدمون الوطن بطرق عدة قد تنفرد عن بعض البشر من غير المعاقين الذين لا يقدمون شيئاً ولا يملكون الطموحات التي يملكها الأشخاص من ذوي الإعاقة.
في مدينة مأدبا الأردنية تفرد نادي الرياضات الخاصة باهتمامه بأعضائه من هذه الفئة، حيث أثبتوا جدارتهم للعالم في تصنيع وتصميم لوحات فسيفسائية إبداعية عرضت في متحف الحكاية التراثي في مدينة الفسيفساء، وتنافسوا مع طلبة مدرسة الفسيفساء الشهيرة في المدينة، بل تفوقوا عليهم في تلك اللوحات التي تروي حكاية المدينة العريقة التاريخية المغرقة في القدم، وبهم أصبحت تستقطب السياح والزوار من كل أنحاء المعمورة.