السبت - 08 فبراير 2025
السبت - 08 فبراير 2025

أهلاً بالنقد

من المعروف أن للنقد دوراً كبيراً في التطوير وتصحيح المسار الخاطئ .. يقول وينستون تشيرتشل: (قد يكون النقد غير مقبول لكنه ضروري، إنه يقوم بوظيفة الألم ذاته في جسم الإنسان، يلفت الانتباه إلى الحالة غير الصحية للأمور». إذاً، فالنقد يساعدنا على تصحيح الأخطاء، وبه نرتقي سواء على المستوى الوظيفي أو الشخصي لتعديل سلوكنا أو حتى على سبيل الدول. فعلام الكثير يفرّ منه وينظر إليه على أنه مسألة شخصية، هل ما يمارس هو نقد خاطئ .. خلط بين النقد والتجريح .. أم لأنه يظهر الشخص بمظهر التلميذ والناقد هو الأستاذ؟ لابد أن نتعلم أساسيات النقد، والأهم من ذلك متى ننتقد ونعرف مدى تقبل الطرف الآخر (متى، كيف، أين). لا بد أن يكون النقد أخلاقياً موضوعياً بعيداً كل البعد عن الشخصنة والتجريح .. وكلما كان نقدنا جارحاً لاذعاً ازداد المنقود عناداً .. ويجب أن يكون النقد ذا فائدة وهدف .. وليس النقد من أجل النقد والبحث عن العيوب. والناس في تقبل النقد يختلفون .. هناك من يتقبل النقد بكل صدر رحب إذا مارست معه «ساندويتش النقد» .. نقوم بذكر إيجابيات الشخص ثم نذكر الموضوع المراد نقده ونختم بالثناء عليه .. وهناك من لا يتقبل أن تنقده أمام الناس .. إذا أردت أن تنقده .. فلا بد أن تكونا على انفراد. يقول الشافعي: تعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّبني النصيحةَ في الجماعهْ فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه وهناك من يصدمك بكلمة «أصلح نفسك أولاً» .. إن من لا يتقبل النقد فذلك إما لجهله بأهميته وإما كبراً، ومن لم ينتقده أحد قط هو لا يفعل شيئاً .. وكثيراً ما أسمع «أنا أعرف نفسي لست بحاجة للنقد» .. فهل نعرف ذواتنا كل المعرفة، بالطبع لا .. هناك جوانب تظهر للناس دون دراية وعلم منا. كما توضح لنا نافدة «جوهاري» وهي طريقة للتعرف إلى الذات.. تبناها جوزيف وهاري فسميت نافدة «جوهاري» .. وتقول إن للشخص أربع نوافذ * ما يعرفه المرء عن نفسه ويعرفه الناس تسمى «النافذة المفتوحة»، كأن يعرف الشخص أنه كريم ويعرف الناس بأنه كريم. * ما لا يعرف المرء عن نفسه ويعرفه الناس تسمى «المنطقة العمياء»، وهنا دور النقد والتوجيه .. فالثرثار لا يعرف بأنه ثرثار! * ما يعرفه المرء عن نفسه ولا يعرفه الناس «القناع»، وتشمل المخاوف والتطلعات .. * وأخيراً المنطقة المجهولة .. ما لا يعرف المرء عن نفسه ولا يعرفه الناس .. فعندما نخرج عن المألوف ونجرب أشياء لم نجربها مسبقاً، نكتشف فينا أشياء جديدة .. ختاماً أقول: النقد البناء مفعوله أقوى من السحر، والدول المتقدمة تعي أهميته ودوره في التقدم والتطور فلماذا لا نعطي له بالاً؟ ولماذا لا نتعلمه .. أتمنى أن نكون أكثر وعياً له وتقبلاً، دون أن تكون الحساسية سيدة الموقف.