السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أبوظبي ..

أبوظبي، كل شبر منها يعادل في روحي طناً من الذهب وأكثر، مرتع طفولتي وصباي، فيها درجت وكبرت وترعرعت، واكبت كل تحولاتها النهضوية ولا تزال محفورة في ذاكرتي؛ بيتنا الشعبي الصغير، وجدرانه الهشة القائمة من رمال البحر البيضاء الممزوجة بأصدافه الصغيرة وشجرة النبق المغروسة بمحاذاة جداره الأيمن، ما زلت أذكر أول يوم دراسي لي في مدرسة زبيدة الابتدائية المقابلة لبيتنا في منطقة الزعاب، دخلت الصف الأول الابتدائي ويدي الصغيرة مشبوكة بعباءة أمي وعيناي زائغتين تحاولان رصد تفاصيل هذا المبنى الكبير المقابل لبيتنا الصغير المتواضع، الذي عرفت أن اسمه «مدرسة»! كنتُ شاهدة على مرحلة بدايات التأسيس؛ بداية انطلاق ورش العمل والتنمية في جميع قطاعات الدولة، وبوصفي طفلة، كنتُ ألحظ تطور شكل المدارس التي تنقلت ما بينها بعد انتقالنا إلى مجمع البترول السكني التابع لشركة أدنوك. كانت المدينة تتغير بشكل مطرد وملحوظ، فكل يوم كنت أصحو على شيء جديد في وجه العاصمة الفتية، بدءاً من جادة المجمع السكني إلى بوابة مدرستي الجديدة وما حولها. الذي عاش في إمارة أبوظبي يعرف أنها مدينة بِكر، نظيفة، يزرع عمال النظافة ليل نهار شوارعها وأزقتها، لكي تبدو مع إشراقة الصباح في أبهى حلتها؛ نتنفس هواءها النظيف رغماً عن أنف عوادم السيارات!. أبوظبي، لها الحظوة في قلبي، لا تضاهيها حباً في نفسي سوى مكة، يحز في نفسي، ومع هذه النهضة الحضارية الجبارة التي ترفل فيها المدينة، أن أجد ما يخدش تلك الصورة الناصعة، يحز في النفس أن أجد أفراداً أو فئات مجتمعية غير مبالية لا تقدر أو تصون تلك النِعم أو الخدمات العامة التي توفرها الحكومة، لتواكب أرقى عواصم العالم حضارة وتقدماً وازدهاراً. مشروع ضخم، بدأته بلدية أبوظبي وهيئة الطرق والتخطيط العمراني في منطقة الزاهية المتاخمة لجزيرة الريم منذ أشهر، كلّف الدولة ملايين الدراهم، لتسيير حركة الطرق في المنطقة، ولتوفير مرافق جديدة للجمهور. مقابل هذه الجهود التطويرية، تجد «لطع» اللبانة وبقع المشروبات تشوّه المساحات الجديدة قبل الانتهاء من المشروع، من المؤسف جداً أن تجد النفايات متناثرة بين جنباته، وهناك عمال يشتغلون ليل نهار لإنهاء المشروع في فترة وجيزة؛ أنظر؛ وكأن لسان المدينة يصيح في وجهوه أولئك العابثين:«ألا تخجلون ولا تتورعون عن تشويهي؟!».