فاشونيستات صغيرات ينافسن الكبار في عالم الأزياء

لمسة أخرى مليئة بالتفاؤل وأجواء الحماس أطلقتها أليس تيمبرلي Alice Temperley، بمجموعتها لتيمبرلي لندن Temperley London للأزياء الجاهزة لشتاء وخريف 2021، على هامش أسبوع الموضة في لندن، رغم أزمة الوباء، وغياب الجمهور، والعروض الافتراضية. وخلال أزمة الحجر الصحي، قامت أليس بالانتقال من قاعدتها الرئيسية في لندن إلى مسقط رأسها في سومرست Somerset، وأخذت معها استوديو التصميم والإنتاج، حيث يقع مقرها الرئيسي الجديد في عقار فيكتوري تاريخي في الساحة الرئيسية في إيلمينستر - جنوب غرب إنجلترا، وتخطط تيمبرلي لاستخدامه في العمل والتجهيزات واستضافة العملاء والحفلات، حيث يأتي المبنى مع بار وساحة كبيرة. كما سيتيح لها ذلك بأن تستفيد من المصادر المحلية التي تحتاجها في صناعة الملابس، مثل عمال الجلود والمدابغ، بالإضافة إلى تبنيها أسلوب اعتماد الأزياء المستدامة صديقة البيئة، كنوع من دعم صناعة بلدها، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فكثيراً ما تتبنى أليس تلك القضايا باعتبار الأزياء ليست مجرد قطع يتم تصميمها، بل يمكنها المساهمة والتطوير في البلاد. وقد اختارت أليس تيمبرلي Alice Temperley بمجموعة موسم شتاء وخريف fall 2021، لدار تيمبرلي لندن، الروح الثورية لفترة أواخر الستينات وأوائل السبعينات، وهو أول شئ سنلاحظه بالفيلم الخاص للعرض، بمجرد سماع موسيقى الروك آند رول الحيوية، التي استحوذت على اهتمام الشباب في تلك الفترة. علاوة على ذلك، اختارت أليس تلك الحقبة تحديداً كنوع من تجديد الأمل، وبث روح من التفاؤل والحيوية، في ظل تلك الأزمة التي نعيشها لوباء كوفيد 19، عبّرت عنها بالبدل الجريئة مع تصميم الـ Double Breast، والفساتين القصيرة مع الأزرار الأمامية، التي نسّقتها مع بوتس الكاو بوي Cow Boy الشهير في تلك الفترة. لاحظنا أيضاً اختيارها للفساتين الشيفون التي كانت تعتمدها الفتيات مع البليزر وبوت الكاحل، بالإضافة إلى البدل الجينز مع رباط الخصر، أو الفستان المعطف من الجلد الأسود الذي لا يمكن التخلي عنه في الشتاء بالإضافة إلى أنه واحد من القطع المميزة التي زينت مجموعات شتاء وخريف 2021. بالحديث عن فترة الستينات وأوائل السبعينات التي اعتمدتها دار تيمبرلي لندن Temperley London لشتاء 2021، جعلنا ننتظر مشاهدة قطع أنيقة من القطيفة أو الفيلفت المضلعة، والتي بالطبع كانت حاضرة بقوة بالمجموعة، كالتنانير الميدي الطويلة مع الأزرار الأمامية، أو البدل الناعمة بألوان كالبنفسجي التي كانت أساسية لإطلالات الفتيات كنوع من التعبير عن الأناقة والتحرر في أواخر الستينات. كان هناك أيضاً لمسة مميزة لطبعات جلود الحيوانات التي اعتمدتها أليس، كاختيار طبعات الفهد على المعاطف الطويلة، وطبعات جلد الثعبان على الفساتين الطويلة ذات الخصر المنخفض مع الكشكشة، ولم تتخلَّ أيضاً عن رسومات الورود لتكتمل رسالة الأمل التي أرادت توصيلها بتلك المجموعة.

لا تزال عروض الأزياء النسائية في شمال إيطاليا محصورة بالصيغة الافتراضية بعد مرور عام على ظهور فيروس كورونا، إذ يُفتتح أسبوع الموضة في ميلانو الأربعاء في غياب الأنشطة الحضورية، لكن ثمة آمال في أن تؤدي عمليات التلقيح إلى إنعاش القطاع بعد معاناته جرّاء الجائحة. قبل عام واحد فقط، عندما كان أسبوع الموضة في ميلانو جارياً على قدم وساق، بدأت عبارة فيروس كورونا تسري على ألسنة عشاق الموضة والصحفيين والجمهور، فيما كانوا لا يزالون يتلاصقون على مقاعد قاعات عروض الأزياء. كانت الإصابة الأولى بفيروس كورونا سجلت للتو في مدينة كودونيو، على بعد بضعة كيلومترات من عاصمة إقليم لومبارديا، ما دفع دار «أرماني» إلى إقامة أول عرض أزياء مغلق في تاريخ الموضة. بعد مرور عام، لا يزال القطاع يعاني التداعيات الاقتصادية والتنظيمية لوباء أصبح عالمياً. ومع ذلك، فإن نسخة هذه السنة من أسبوع الموضة في ميلانو التي تقاك من 24 فبراير إلى الأول من مارس المقبل تسعى إلى إظهار قدرة صناعة الموضة على التكيّف والصمود. وبالتالي، لن تقام هذه السنة أية أنشطة بحضور جمهور في أسبوع الموضة في ميلانو، بل ستنحصر بمنصة رقمية خاصة سمّيت «الغرفة الوطنية للموضة» (كاميرا ناتسيونالي ديلا مودا)، تنقل 68 عرضاً و65 عرضاً تقديمياً و7 أنشطة أخرى تشكّل برنامج هذا الحدث الجديد لأزياء خريف وشتاء 2021-2022 النسائية. وينطلق الأسبوع بحدث يحمل عنوان «وي آر ميد أن إيتالي» (نحن من صنع إيطاليا)، هو مشروع رقمي لمجموعة «حياة السود مهمة في الموضة الإيطالية» التي تعمل للإدماج والتنوع في قطاع الأزياء الإيطالي. وتتوالى بعد ذلك على مدى 6 أيام عروض دور الأزياء الكبرى، وسيكون بعضها مسجلاً سلفاً فيما سيبث بعضها الآخر في نقل حي ولكن من دون جمهور، وباكورتها أول تشكيلة ملابس جاهزة صممها كيم جونز لدار «فندي»، ثم مجموعات «برادا» و«موسكينو» و«أرماني» و«دولتشه إي غابانا» و«فالنتينو» التي تؤكد مجدداً، من خلال عرض تشكيلتها في ميلانو، خيارها المتمثل في إقامة أنشطتها في بلدها.ضربة قاصمة انطلاقاً من ذلك، يُقاس نجاح أسبوع الموضة من خلال عدد المُشاهدات على الإنترنت، علماً بأن النسخة الأخيرة من أسبوع الموضة اللومباردي في سبتمبر استقطبت أكثر من 43 مليون مشاهدة على قناة البث التدفقي وحدها. أما مجموع المشاهدات لعروض ميلانو في العالم عبر شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وإنستغرام وتويتر ويوتيو وويبو) فتجاوز 618 مليوناً، بحسب الإحصاءات. وإذا كان قطاع الأزياء الإيطالي تأثر بشكل كبير بالجائحة، وتراجعت مبيعاته بنسبة 45% في ذروة الإقفال العام في الربع الثاني من 2020، فإن الانخفاض على مدار السنة بأكملها قدّر بنحو 26%. وشكّل ذلك ضربة قاصمة للقطاع، ولكن على الرغم من هذا التراجع، بقي الميزان التجاري للأزياء إيجابياً بنحو 17,4 مليار يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2020، وفقاً للجمعية الرئيسية لأصحاب مؤسسات القطاع «كونفينداستريا مودا».أمل اللقاحات وأشارت دراسة «التوجهات الاقتصادية في قطاع الأزياء»، «كاميرا مودا»، في مطلع الشهر إلى مجموعة من المتغيرات الخارجية التي قد تساهم في تعافي القطاع على المدى المتوسط أو الطويل، ومنها نجاح اللقاحات واعتماد سياسات لإحياء الشركات ودعمها. ويستند السيناريو الذي وضعته الدراسة على فرضية تحقيق حملة التلقيح حلاً تدريجياً للوباء خلال سنة 2021، ونجاحاً كاملاً لسياسات الإنعاش الاقتصادي. في هذه الحالة، قد ينمو حجم مبيعات قطاع الأزياء الإيطالية بنحو 15%. أما السيناريو السلبي، فيستند إلى فرضية تمديد تدابير احتواء الجائحة إلى سنة 2022، ما يتسبب بتداعيات اقتصادية سلبية، ويحول دون تجاوز نمو القطاع نسبة 6%. وثمة بالتالي عدد كبير من القرارات والإجراءات التي ينبغي للحكومة الجديدة التي شكلها ماريو دراغي اتخاذها.

رغم كل الظروف التي نشهدها بسبب تداعيات تفشي وباء كورونا، وغياب كبار المصممين عن أسابيع الموضة العالمية لشتاء وخريف 2021 التي نشهدها تلك الفترة، وتغيّر الكثير من المواعيد لانطلاق عروض الأزياء من قبل المصممين، إلا أن ذلك لم يمنع الكثير منهم أن يحرصوا على تقديم عروض مميزة لجمهورهم. ومن بين تلك العروض كان لـ دار روبرتو كافالي الإيطالية الشهيرة Roberto Cavalli التي أطلقت مجموعتها ضمن أسبوع الموضة العالمي للأزياء الجاهزة لشتاء وخريف 2021، مجموعة مميزة للغاية بعد تعيين مصمم الأزياء الإيطالي Fausto Puglisi مديراً إبداعياً للدار في أكتوبر الماضي. وحاول بوغليسي بهذه المجموعة المميزة والتي تعتبر الأولى له كمدير إبداعي للدار الإيطالية، أن يرسخ المفهوم الأصيل للدار، والتوجهات التي لطالما ارتكزت عليها، التي تعتمد على المرأة القوية والمتحررة، والجريئة أيضاً، إذ قال بوغليسي عن الدار: «إنها علامة تجارية مرتبطة بالغرابة الإيطالية». ومع ذلك، أراد بوغليسي أن يراعي الأزمة العالمية التي نشهدها لتفشي وباء «كوفيد-19»، وبالتالي حاول أن يجمع بين تلك الأفكار الخالدة للدار، وبين تصاميم عصرية ومريحة متناسبة مع احتياجات العالم في الفترة الحالية. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت تلك اللمسات الخاصة التي تحاكي الفترة التي عاشها بوغليسي في أمريكا، والتي كانت متناغمة مع أزياء الدار التي قدمتها في فترة السبعينيات، ليعيد بوغليسي إحياءها من جديد كالدينم بتصاميمه الواسعة، للبناطيل عالية الخصر. هيمنت على تصاميم المجموعة طبعات جلود الحيوانات مثل جلد النمر، والحمار الوحشي، إذ تعتبر تلك الرسومات هي أكثر ما تتميز به دار روبرتو كافالي Roberto Cavalli، وأعاد بوغليسي Fausto Puglisi ترسيخ تلك الفكرة بالفساتين الضيقة مع فتحات الساق الجريئة، والفساتين المنفوشة تجمع بين كلا الرسمتين (الحمار الوحشي وجلد النمر) لإطلالة مفعمة بالحيوية، وهي الطريقة التي يرى بها بوغليسي النساء اللاتي يقدم لهن تصاميمه، فعلى حد قوله هن نساء جريئات ومتحررات ولا ينتظرن أن يملى عليهن الأوامر أو فرض الآراء. شاهدنا أيضاً بالمجموعة فساتين كيم كاردشيان وكايلي جينر الشهيرة، التي كثيراً ما اعتمدت كل واحدة منهما عليها على مدار العاميين الماضيين بتوقيع الدار الإيطالية، لتصاميم تبرز شكل المرأة بشكل أنثوي مع لمسة جريئة لطبعات جلود الحيوانات. نسّق بوغليسي بوت الساق بأطواله المختلفة، والذي حمل نفس رسومات طبعات الحيوانات، مع القفازات الجلد التي أضافت لمسة من الحدة والقوة للموديلات، بالإضافة إلى اختيار الأحذية الأنثوية للمسة أكثر نعومة للعارضات، وهن يقفن بجانب سيارة الكاديلاك الشهيرة في السبعينيات، والتي كانت جزءاً أساسياً من الديكور أثناء العرض الافتراضي للمجموعة. وبعد مشاهدة هذا الألبوم أعلاه، هل في رأيك استطاع بوغليسي Fausto Puglisi أن يرسخ الهوية الإبداعية للدار بهذه المجموعة لشتاء وخريف 2021؟

رغم تغيبها عن أسبوع الموضة في نيويورك، استطاعت دار الأزياء الأمريكية العريقة كارولينا هيريرا Carolina Herrera تقديم مجموعتها لشتاء 2021 للأزياء الجاهزة، ضمن المُسمى الجديد لعروض الأزياء الخاصة بالمصممين الأمريكان «تقويم المجموعات الأمريكية American Collections Calendar».ويصادف إطلاق تلك المجموعة الذكرى الـ40 للدار منذ إنشائها 1981، عندما وضعت المهاجرة الفنزويلية الأنيقة للغاية وشخصية المجتمع في نيويورك كارولينا هيريرا Carolina Herrera مجموعتها الأولى المكونة من حوالي 20 موديل على منصة العرض في نادي متروبوليتان، والتي ارتدت فيها كارولينا بلوزة تارتان من القماش القطني، مع ربطة عنق أنيقة، والتي أعاد المدير الإبداعي الحالي للدار ويس غوردون Wes Gordon إحياءها من جديد كنوع من الاحتفال بتلك الذكرى.وقد لاحظنا أن ويس غوردون منذ توليه منصب المدير الإبداعي للدار في 2018، وله ذوق يشبه إلى حد كبير ذوق مؤسسة الدار، وربما هو الأمر الذي تبحث عنه أي دار الأزياء، من أجل الحفاظ على هويتها.أطلق غوردن فيلماً قصيراً رائعاً، مفعماً بالحيوية والأمل، ليعرض مجموعته لشتاء 2021 من قلب نيويورك، فقد شاهدنا العارضات يرتدين القطع المزينة بالقلوب والتي كانت مهيمنة على غالبية التصاميم، بمشهد ساحر تحديداً من الطابق 102 من مبنى إمباير ستيت Empire State، ومجموعة أخرى شاهدناها بمشاهد تم تصويرها في حافلة سياحية في الهواء الطلق في شوارع تايمز سكوير Times Square. View this post on Instagram A post shared by CAROLINA HERRERA (@carolinaherrera) وأوضح غوردن أن هذا الاحتفال بالذكرى الـ40 للدار، كان لا بد أن يأتي محملاً بالكثير من الحب، والألوان المفعمة بالحيوية، وتجسّد ذلك في تطريزات القلوب، التي زينت الموديلات، كالفساتين الطويلة باللون الأسود مع تطريزات القلوب الملونة، أو مع الأزرار على شكل قلوب، بالإضافة إلى أحزمة الخصر مع إكسسوار بأحجار كريستالية على شكل قلب.اعتمد غوردن أيضاً على التصاميم مع الأكمام المنفوخة التي لطالما اشتهرت بها الدار، إذ أُطلق على المصممة كارولينا هيريرا «سيدة الأكمام»، بسبب إبداعها وجودة حياكتها في صناعة الأكمام بشكل خاص، وشاهدناها بمجموعة غوردن لخريف وشتاء 2021، كالقمصان باللون الأبيض والأسود مع الأكمام المنفوخة، وتنسيق مميز للتنانير السوداء القصيرة، أو مع الدينم، أو البناطيل المستوحاة من فترة الثمانينات مع قصّة واسعة.لفتنا أيضاً اختيار غوردن الأنيق لطبعات البولكا دوت بطرق مختلفة وتنسيق رائع، سواء كان للبولكا دوت للنقاط السوداء المدورة غير المتساوية في الأحجام، أو البولكا دوت على شكل طبعات جلد الزرافة التي اعتمدها مع البدل الكلاسيكية، للمسة عصرية أضافها غوردن للدار، وهو الأمر الذي يحاول كل مصمم إبرازه رغم محاولاته الدائمة في الحفاظ على هوية الدار.وكانت هناك لمسة ختامية أنيقة، باختيار ويس غوردن لأقراط الأذن المتدلية على شكل قلب، مع أحجار اللؤلؤ العاجي التي أضافت لمسة رومانسية لامرأة كارولينا هيريرا، بالإضافة إلى حقائب الدار الشهيرة والتي تحمل اللوغو المميز للدار، مع لمسة إضافية لتطريزات القلوب الملونة، لتصميم أكثر عصرية.