الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

دراسة تربط بين الإصابة بكوفيد-19 وتوافر الأجسام المضادة وتكوين المناعة

دراسة تربط بين الإصابة بكوفيد-19 وتوافر الأجسام المضادة وتكوين المناعة

فيروس كورونا

يأمل باحثون في إمكان تطوير مناعة على كوفيد-19 بالاعتماد على آليات مختلفة لا تستلزم نتيجة سلبية في الاختبارات بالأجسام المضادة ومن دون أن تكون الإصابة بالمرض ممراً إجبارياً، رغم أن الأمر لا يزال في إطار الفرضية.

وأكد أستاذ طبّ الطوارئ في مستشفى «بيتييه سالبيتريير» في باريس يوناتان فروند لوكالة فرانس برس أن «من المحتمل جداً، أيّاً كانت الآليات، أن تكون المناعة متوافرة لدى الكثير من الناس من دون اكتشاف ذلك من خلال الاختبارات بالأجسام المضادة».

وتقوم هذه النظرية على مرتكزين.

من جهة، قد تكون لدى البعض مناعة متقاطعة، بمعنى أنهم قد يكونون محصنين من فيروس كورونا المستجد بسبب إصابتهم في الماضي بفيروسات أخرى من العائلة نفسها، تتسبب بأعراض زكام بسيطة.

من جهة أخرى، للخلايا اللمفاوية التائية دور غير محدد بوضوح بعد، وهي كريات بيضاء مسؤولة عن الشق الثاني من ردّ الفعل المناعي (المناعة الخلوية)، علماً أن الشق الأول يتأتى من الأجسام المضادة.

وقال الاختصاصي الألماني في علم المناعة أندرياس تييل لوكالة فرانس برس إن «النظام المناعي معقّد».

وشارك تييل، وهو باحث في أحد مستشفيات برلين، في إعداد دراسة نشرت في 29 يوليو الفائت في مجلة «نيتشر» الطبية.



وأوضح أن «أهم نتائج هذه الدراسة أن ثلث البالغين على الأقل من الذين لم يكن لديهم اتصال بفيروس سارس-كوف-2 (المسؤول عن كوفيد-19) كانت لديهم خلايا لمفاوية تائية قادرة على التفاعل مع هذا الفيروس. وهذه الخلايا متأتية على الأرجح من التهابات سابقة لأنواع أخرى متوطنة من فيروس كورونا».

وكانت أبحاث فريق من سنغافورة نشرتها مجلة «نيتشر» في 15 يوليو الفائت، توصلت إلى النوع نفسه من الاستنتاجات.

حماية

كذلك أفادت دراسة أخرى، أمريكية هذه المرة، نشرت الثلاثاء في مجلة «ساينس»، بأن غدداً لمفاوية تائية تتفاعل مع فيروس كورونا المستجد ومع 4 فيروسات أخرى مسؤولة عن أعراض زكام بسيطة، موجودة لدى بعض الأفراد الذين لم يتعرضوا مع ذلك لفيروس سارس-كوف-2.

وشرحت دانييلا فيسكوبف من معهد لاجولا لعلم المناعة في كاليفورنيا، وهي من معدّي هذه الدراسة، أن «هذا الأمر يمكن أن يفسّر سبب ظهور أعراض قليلة فحسب على بعض الأشخاص المصابين بكوفيد-19، في حين يكون المرض شديداً لدى آخرين».



ووفرت هذه الدراسة معطيات أكثر عمقاً من دراسات أخرى نشرها الباحثون أنفسهم في مايو الفائت في مجلة «سيل».

وأظهرت هذه الدراسات أن الخلايا اللمفاوية التائية قادرة على التفاعل مع سارس-كوف-2 لدى 40 إلى 60% من الأشخاص الذين لم يتعرضوا يوماً لهذا الفيروس.

وقال تييل «ثمة حاجة إلى دراسات أوسع تشمل دولاً عدة للتأكد مما إذا كانت هذه الخلايا توفر مزيداً من المناعة ضد سارس-كوف-2، أو حماية من الأشكال الحادة من كوفيد-19».

فسواء في حال التعرّض أو عدم التعرّض لفيروس كورونا المستجدّ، تركّز كل هذه الدراسات على احتمال وجود دور مهمّ للخلايا اللمفاوية التائية في التفاعل المناعي ضد كوفيد-19، فيما كان التركيز حتى الآن ينصبّ على الأجسام المضادة.

ووفق دراسة لمستشفى «كارولينسكا» السويدي في مطلع يوليو الماضي، فإن مرضى كوفيد-19 الذين تظهر عليهم أعراض قليلة أو لا يعانون أية أعراض إطلاقاً، يمكن أن تتكون لديهم مناعة ذات صلة بالخلايا اللمفاوية التائية حتى لو جاء اختبار الأجسام المضادة لديهم سلبياً.

من هنا، تركز الأبحاث الهادفة إلى إيجاد لقاحات على إطلاق هذين النوعين من ردّ الفعل المناعي.

معدّل المناعة غير دقيق؟

وقال يوناتان فرويند «إذا كانت لدينا أجسام مضادة مبطلة للمفعول، تكون لدينا مناعة. إنه الأساس. ولكن يجب ألا نعتبر أن لا شيء آخر موجود».

كذلك لاحظ أندرياس تييل أن «الاختبارات بالأجسام المضادة لا تعطي الحقيقة كاملة، بل تعطيها لفترة معينة فحسب».

وقد أظهرت دراسات بالفعل أن معدل الأجسام المضادة يمكن أن ينخفض سريعاً، في غضون أسابيع، لدى المرضى المصابين بكوفيد-19.

ويعلّق فرويند «قد يعني ذلك أمرين: الأول، وهو كارثي، مفاده أن المناعة لا تدوم في كوفيد-19. ولكن لا أعتقد أن هذا الأمر صحيح، فمن 18 مليون حالة، لم نسمع إطلاقاً عن أي حالة أصيب فيها شخص بالمرض مجدداً».



وأضاف «أما الأمر الثاني، فهو أن من الممكن أن يكون ثمة أشخاص يتمتعون بالمناعة، ولو لم يظهر ذلك في اختبارات الأجسام المضادة».

وبالتالي، فإن معدّل المناعة لدى السكان، في حال قيس على أساس وجود الأجسام المضادة (الانتشار المَصلي)، قد لا يعطي نتيجة دقيقة في كل أنحاء العالم، إذ يكون فعلياً أعلى.

وأشار البروفسور فرويند إلى أن «الدراسات المتعلقة بالانتشار المصلي تعطي أرقاماً تراوح بين 15 و20% في مناطق تشهد تفشياً واسعاً للفيروس. ولكن يمكن أن تكون معدلات الانتشار المصلي أعلى بكثير، وأن تكون هذه المناطق وصلت إلى درجة مناعة كافية كي لا تحصل فيها كارثة» بعد اليوم.

ورأى معدّو الدراسة الألمانية أن «فهم أثر وجود الخلايا اللمفاوية التائية لدى السكان على الإصابة بسارس-كوف-2 مهم جداً لإدارة الجائحة».

لكنّ العلماء يقرّون بأن الأمر لا يعدو كونه فرضية حتى اليوم. وقال فرويند «الأمر لا يزال موضع جدل. إنها مجرّد فرضيات والجميع يمشي على بيض».