الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية.. هذا هو تأثير التواصل الاجتماعي

يحتفل العالم في يوم 10 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية، بغرض فتح نقاش مُجتمعي عالمي حول أهمية تلقي الرعاية النفسية اللازمة للأفراد، خصوصاً بعد جائحة «كورونا» وقد جعلت مُنظمة الصحة العالمية شعارها هذا العام تحت عنوان «الرعاية الصحية للجميع».

وفي تصريحات لـ«الرؤية» وتعقيباً على بيان الصحة العالمية حول الحالة العامة للصحة النفسية للعالم ومدى تأثر مهن وفئات دون أخرى، وكيفية حماية صحتنا العقلية والنفسية ومدى تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية باعتبارها كانت وسيلة التنفيس الوحيدة خلال أزمة تفشي جائحة كورونا وما بعدها، يتفق الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية مع بيان «الصحة العالمية» بأن العاملين في القطاع الطبي أكثر الفئات تضرراً.



ويُتابع في حديثه مع «الرؤية»: «هناك ما يُسمى بأمراض المهنة، وهو ما اندرج على العاملين في القطاع الطبي، وظهر هذا في أزمة كورونا، وزاد من حدة الأمراض النفسية لديهم أن كورونا وباء غير متعارف عليه إلى جانب الضغوط الشديدة على صفحات التواصل الاجتماعي حيث أصبح العاملون في القطاع الطبي تحت الأضواء، والمساجلات وتدويل الأخبار عن العاملين في القطاع الطبي، وهو ما أدى لظهور بعض الأمراض النفسية لديهم من ضمنها التوتر والقلق وخلل في المزاج العام وبعض الأعراض الاكتئابية، ووسواس المرض خوفاً من الإصابة».

ويستطرد "في الموجة الثانية زادت الأمراض النفسية لدى العاملين في القطاع الطبي بسبب تراجع الدعم المُقدم لهم، خصوصاً أن الموجة الثانية تُصيب الأطفال، وهو ما أدى لزيادة حساسيتهم في التعامل مع المُرضى، نتيجة التخوف الشديد من تربص السوشيال ميديا".

ومن الأعراض التي انتابت العاملين في القطاع الطبي أيضاً التعاطف المرضي مع بعض المرضى والخوف الشديد عليهم خصوصاً مع صعوبة أعراض «كوفيد-19» لدى البعض، إضافة لبعض المُتلازمات السلوكية لدى بعضهم الناتجة عن زيادة مُعدلات التوتر والقلق والعصبية الزائدة لديهم.

ويقول استشاري الطب النفسي إن الأعراض الاكتئابية زادت 6 مرات خلال جائحة كورونا، بسبب تغير نمط الحياة العامة لفترات طويلة، وحدوث اضطرابات النوم والعصبية والتقلب الحاد في المزاج، وهي أعراض ما زال كثيرون يعانون منها، خصوصاً لمن فقدوا أحباءً بسبب الفيروس.

زيادة الوعي



نعيش عصر القلق لدى السواد من الناس، فالقلق الدائم جعل الناس لديهم حاجة للذهاب للطبيب النفسي، بحسب وليد هندي استشاري الطب النفسي.

ويشرح «زيادة القلق ولدّ مجموعة من المُشكلات العضوية لأن طبيعة العرب تفريغ الضغط النفسي في شكل عصبي مثل زيادة الصداع وخشونة المفاصل والتهابات القولون العصبي واضطرابات الدورة الشهرية لدى المرأة وغيرها، وهي نتاج القلق، وهو ما رفع الوعي بأهمية العلاج النفسي لعدم جدوى العلاج عضوياً».

ويُردف «زيادة تحمل المُسؤولية واختلاف أدوار الحياة سواء زوج أو زوجة وغيره نتجت عنه مجموعة من الضغوط والاحتراق النفسي كلها أمور جعلت هناك زيادة في الوعي للجوء للطبيب النفسي، لتحقيق التوافق النفسي فيما يُصيب الإنسان من أمراض ومُشكلات مُتباينة».

تأثير السوشيال ميديا



ويلفت هندي إلى أن زيادة الأمراض النفسية نتجت أيضاً عن زيادة الوعي التكنولوجي والتطور العلمي والحضاري مع زيادة معدلات الاغتراب للحصول على فرصة عمل وكلها عوامل أدت لزيادة أهمية العلاج النفسي.

ومن ناحية أخرى ارتفاع حالات الطلاق والبطالة وتأخر سن الزواج مع تزايد اضطرابات النوم، وكلها عوامل رسخت الوعي بالعلاج النفسي، إضافة لتناول الدراما والسينما لبعض الأمراض النفسية خلال الفترة الماضية.

ويُوضح «التطور التكنولوجي أدى لبُعد سلبي على الصحة النفسية فأدت لانشغال عقلي، وأثرت بالسلب على صحته النفسية وأدت لما يُسمى بالوعي المُضلل تجاه القضايا النفسية، لأنها أدت لظهور بعض المُضللين والمُستغلين للآلام النفسية على صفحات الفضفضة أو من يدعون قدرتهم على العلاج النفسي أونلاين وتلاعبهم بآلام الناس، بالإضافة لزيادة وقت الشاشات لدى البعض فيؤدي لمُشكلات نفسية جمة».

متى أزور الطبيب النفسي؟

هناك عدد من الأعراض التي لا بد من مراقبتها جيداً لمراقبة إن كنت تُعاني خطباً نفسياً، من أهمها زيادة الانعزال والانسحاب الاجتماعي والشعور بالحزن، والإفراط في استرجاع ذكريات الماضي، وزيادة التفكير المُشوش وضعف القدرة على التركيز، والنوم المُتقطع، وفرط الشهية العصبي وبعض الهلاوس السمعية والعصبية، وتغيير حاد في الحالة المزاجية مع متلازمة القلق وفوبيا من المُستقبل، وقلة النشاط الاجتماعي، وزيادة الشعور بالذنب، وإن اجتمعت تلك الأعراض فلا بد من زيارة الطبيب النفسي فوراً.

لكن ماذا يمكن أن يفعل الشخص العادي لتحسين صحته النفسية؟



يُعدد استشاري الطب النفسي مجموعة من النصائح لتحسين الصحة النفسية لدى الأشخاص الذين لا يعانون خطباً نفسياً منها تغيير نمط الحياة والتركيز على تقديم الدعم النفسي لأبنائنا وهو ما يُعرف بالأنسنة، ومن النصائح الأخرى بحسب هندي:

- تخصيص وقت للأسرة وتبادل أطراف الحديث وجهاً لوجه بعيداً عن السوشيال ميديا، وليكن مثلاً تناول وجبة على مائدة واحدة يومياً مهما كانت التزامات وضغوط الحياة.

- تناول الوجبات الصحية بانتظام مع اتباع نظام غذائي صحي، والحفاظ أيضاً على النظافة الشخصية، وتخصيص وقت للعمل ووقت للراحة، وممارسة الرياضة بانتظام ولتكن صباحاً ليتعود الشخص على الاستيقاظ مُبكراً لما له من تأثير مهم على الصحة النفسية والعقلية.

-التقليل من مُتابعة السوشيال ميديا أو الأخبار التي تُثير القلق والتوتر، ولنجعل التواصل مع الأشخاص المُقربين عن طريق الهاتف أو وجهاً لوجه.

ويختم هندي «الانتباه للوقت الذي نقضيه أمام الشاشات يومياً وليكن وقتاً مُحدداً على مدار اليوم، واحرص أيضاً على عدم قضاء فترات طويلة أمام ألعاب الفيديو».