الثلاثاء - 28 مارس 2023
الثلاثاء - 28 مارس 2023

رفضوا ثقافة «لا دخل لي» .. متطوعون يتصدون للإبلاغ عن الجرائم

رفضوا ثقافة «لا دخل لي» .. متطوعون يتصدون للإبلاغ عن الجرائم
سلامة الكتبي، سمر إدريس ـ الشارقة، دبي

يتصدى أشخاص في المجتمع لجرائم حدثت أمامهم عبر تواصلهم مع الشرطة، رافضين ثقافة «لا دخل لي»، فأنقذوا بذلك ضحايا في قضايا كثيرة كالسرقة والاتجار بالبشر والعنف وغيرها.

وشدد قانونيون على أهمية تنمية الوعي القانوني لدى أفراد المجتمع في هذا الجانب، وجعل الضمير الإنساني حاضراً عند مشاهدة جريمة، حتى يصبح كل فرد حارساً بلا رتبة، مؤكدين أن القانون في الدولة يشجع على الإبلاغ عن الجرائم حال وقوعها ومشاهدتها، بل ويصل الأمر في بعض الأحيان لمعاقبة الذين لا يبلغون السلطات عن الجرائم، ويتجاهلون إخبار الشرطة أو الجهات المختصة.


وفي هذا الصدد، رصدت محاكم الشارقة قضايا أبلغ عنها الشهود، من غير أطرافها، وعلى الرغم من أنها تشكل نسباً قليلة، فإنها تؤكد تنامي الوعي القانوني لدى العديد من الناس، وفق الأطر واللوائح العامة.


وبحسب محكمة الشارقة، بلغت نسبة القضايا التي تم الإبلاغ عنها من غير أطراف القضية 4 في المئة من إجمالي القضايا المتداولة.

إبلاغ جهات الاختصاص

وذكر المحامي علي القواضي الحمادي أنه وفقاً للمادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية، لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه، أو ممن يقوم مقامه قانوناً، وذلك في جرائم محددة، مثل، السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة، إلا أن المادة 37 من القانون نفسه تنص على أن كل من علم بوقوع جريمة مما يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها.

وأوضح أنه في حال شاهد أحد الأشخاص سلوكاً أو تصرفاً يخل بالشرف أو الآداب العامة، فيمكنه إبلاغ جهات الاختصاص عنها مباشرة، من أجل تحريك الدعوى الجزائية، وتؤخذ أقواله، ولا يعتبر شاهداً إلا في حال دفع المتهم بكيدية الدعوى، وعندها فقط يطلب القاضي استدعاء الشخص المبلغ.

وشدد الحمادي على ضرورة أن نغيّر ثقافة «لا دخل لي» السائدة بين أفراد المجتمع، منوهاً بضرورة التأكد من صحة الوقائع قبل الإبلاغ حتى لا يقع الشخص تحت طائلة القانون في حال تبين أن البلاغ غير صحيح أو كيدي، لأن من حق الطرف المتضرر بعد حصوله على البراءة رفع دعوى مدنية بالضرر، ومقاضاة الشخص الذي تسبب بالضرر نتيجة البلاغ.

معاقبة الامتناع عن الإبلاغ

من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني خالد المازمي إن عدم الإبلاغ عن الجريمة في حال العلم بها يتحول إلى جريمة، إذ تقول المادة 274 من قانون العقوبات الاتحادي «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من علم بوقوع جريمة وامتنع عن إبلاغ السلطات المختصة» ولكن القانون كان واضحاً أيضاً في تجنب البلاغات الكاذبة، حيث تنص المادة 275 من قانون العقوبات «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبلغ السلطة القضائية أو الجهات الإدارية عن حوادث أو أخطار لا وجود لها أو عن جريمة يعلم بأنها لم ترتكب».

لا جريمة في إبلاغ السلطات

من جانبها، أكدت المحامية مريم حياز أنه لا جريمة في إبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بحسن نية بأمر يستوجب مساءلة فاعله، بحسب نص المادة (377) من قانون العقوبات الاتحادي، مشيرة إلى أنه ليس كل من يبلغ عن جريمة يعد شاهداً على وقوعها، لأن المبلغ قد لا يرى أي شيء من الوقائع، بل رأى نتيجتها فقط، كمن يعثر على جثة في طريق صحراوي ويبلغ عنها الجهات الأمنية دون أن يطلع على أي من ملابسات الجريمة.

وأضافت أنه وفي بعض الحالات يصبح الشخص المبلغ عن الجريمة متهماً، مثل أن يصوّر الجاني دون علمه، ومن ثم ينشر الصور أو مقاطع الفيديو الخاصة بالواقعة، فذلك يعتبر جريمة أخرى يعاقب عليها قانونا تقنية المعلومات والعقوبات، بشكل صارم.

وأشارت إلى أن من أبرز القضايا المتعلقة بالإبلاغ من طرف ثالث قضية تولت الدفاع عن المتهم فيها، الذي حطم وأتلف مركبة شخص آخر على خلفية خلافات بينهما، وكان صاحب المركبة خارج الدولة، وشاهد جاره الواقعة فتولى إبلاغ الشرطة وأعطاهم رقم لوحة مركبة الجاني، ما سهل القبض عليه.

في أروقة القضاء

وشهدت أروقة محاكم الشارقة ودبي قضايا عدة أبلغ عنها الطرف الثالث، من أبرزها، قضية اتهام عربي بالتحرش بمجموعة من النساء في حديقة عامة بالشارقة، الأمر الذي أثار نخوة طرف ثالث شاهد ما يحدث، فأبلغ الشرطة، ونظرا لإنكار المتهم تم إحضار المبلغ باعتباره شاهداً.

كشف جريمة قتل

كما شهدت محاكم دبي قضايا مشابهة أبرزها جريمة قتل وحشية أبلغ عنها شخص من جنسية آسيوية، بعد أن ارتاب من سلوك جيرانه في البناية، حيث شهد في تحقيقات النيابة العامة بأنه لاحظ تصرفات مريبة لعدد من الأشخاص في البناية التي يقيم فيها، وأفاد بأنه رأى دماء على ملابس أحد الأشخاص أثناء خروجه من المصعد، وشاهد نساء يخرجن صارخات من شقة في الطابق ذاته الذي يسكنه، فأبلغ الشرطة عن وجود جريمة، ثم عاد ليتفقد المكان، فوجد رجلين من جنسية آسيوية أخرى يضعان رجلاً ميتاً داخل كرتونة.

وتبين فيما بعد أنها جريمة قتل، نتيجة شجار بين صاحب شقة مدارة للدعارة، وأحد الزبائن، وكان كلاهما تحت تأثير المشروبات الكحولية.

وفي قضية أخرى، أبلغ شاهدان عن جريمة سرقة فيلا قيد الإنشاء بعد أن لاحظا حارس الفيلا يقف مع شخص آخر لديه مركبة «بيك أب» أمام الباب، ويحملان مواد ومعدات إنشاء وقطعاً حديدية مكلفة، وعند سؤالهما عن سبب ذلك، أجاب حارس الفيلا بأنه لا دخل لهما، وعرفا أنه يبيع هذه القطع فأبلغا الشرطة.

وفي قضية مختلفة أبلغ سائق في فيلا بسرقة الخادمة، وجاء ذلك بعد أن طلبت منه الخادمة تحويل مبلغ 8 آلاف درهم إلى أهلها في موطنها الأصلي، وأعطته سلسة ذهبية وأخبرته بأنها له، ويمكنه الاحتفاظ بها مقابل ألا يخبر كفيلتهم، إلا أن أخلاق السائق لم تسمح له بقبول الرشوة، فأخذ المسروقات وأعطاها كفيلته وأبلغ عن سرقة الخادمة.



وقال مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة العقيد إبراهيم العاجل لـ«الرؤية»، إن الإدارة خصصت الرقم المجاني 80040 لاستقبال البلاغات الجنائية الخطيرة والمستعجلة، ويعمل على مدار الساعة، موضحاً أن البلاغات تنقسم إلى قسمين، الأول يتعلق بالظواهر السلبية التي لا يتطلب فيها حضور المبلغين، بل تؤخذ بياناتهم الشخصية للاستفادة من معلوماتهم المتعلقة بالبلاغ مثل مكان ووقت حدوث الواقعة، أما النوع الآخر فمتعلق بالجرائم الجنائية، ولا تقع أي مسؤولية على الأشخاص المبلغين، لكن يستدعون إلى مركز الشرطة لأخذ إفادتهم فقط.80040 لاستقبال البلاغات الخطيرة مجاناً