الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مراكز تروج للعلاج بالطاقة.. و«الصحة»: النشاط غير مرخص طبياً

مراكز تروج للعلاج بالطاقة.. و«الصحة»: النشاط غير مرخص طبياً
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات طبية عما يسمى «العلاج بالطاقة» تقدمها مراكز في الإمارات، دون معرفة أصل هذا العلاج ومكوناته وآثاره على الفرد ومدى جدواه، غير أن بعض من يتعلقون بآمال الشفاء من الأمراض يطرقون أي باب بحثاً عن أمل العلاج.

وحذّر أطباء من أن العلاج بالطاقة ليس له أي أساس علمي حتى الآن، ولم يتم التوصل إلى نتائج علمية وفق دراسات حول جدوى هذا الأمر، مؤكدين أنه ليس علاجاً بل «ممارسات» أصلها معتقدات صينية ويابانية قديمة بالية في ظل تقدم وتطور الطب حول العالم.

وأكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع وهيئة الصحة بدبي أنه لا يوجد ترخيص لممارسة «العلاج بالطاقة» من قبل الوزارة أو الهيئة، وهي ممارسات غير علمية وليست قانونية في حال ممارستها داخل المنشآت الصحية، ولا توجد أي جدوى صحية منها، إذ لا تعتمد على أسس علمية، محذرة المرضى من اللجوء إلى مثل هذه المراكز مع ضرورة الإبلاغ عنها لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقها.


شفاء الأيدي


وتروج هذه المراكز لنفسها عبر صفحات على مواقع إلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، مقدمة خدمات مثل دورات التنمية البشرية، وإيقاع الكون، وعلاج المشكلات العاطفية، والعلاج بالإيحاء، والطاقة المغناطيسية وغيرها.

وتواصلت «الرؤية» مع أحد هذه المراكز وقالت مالكته: «ولدت لكي أكون معالجة بالطاقة وأنا أصلاً من ألمانيا، وكثيراً ما قوبلت بسخرية ونوع من الشك عندما يعرف الناس ما الذي أقوم به من أجل لقمة العيش»، موضحة أن شفاء الطاقة ممارسة شاملة تقوم بتنشيط أنظمة الطاقة الحساسة في الجسم لإزالة السلبية والكتل وعدم الراحة، عن طريق اختراق هذه الكتل الحيوية، بحيث يتم تنشيط وتفعيل قدرة الجسم الكامنة على شفاء نفسه.

وأضافت أن الطريقة التي تتبعها في العلاج ورثتها عن جدتها، حيث حصلت على هبة «شفاء الأيدي»، وأن هذا تراث منذ القدِم تتوارثه الأجيال يتمثل في موهبة «الأيدي الشافية» التي يمنحها الله لبعض الناس، وتزداد القدرة على علاج الناس كلما ازدادت الخبرة.


الأسعار تصل إلى 2200 درهم

فيما ذكر مركز آخر للعلاج بالطاقة أن أسعار جلسات العلاج ودورات تنمية الذات تختلف حسب نوع الجلسة، وبينت قائمة الأسعار التي أرسل لنا المركز نسخة منها أن الأسعار تبدأ من 80 درهماً للجلسة مثل (تأمل مظاهر العام الجديد) والتنفس الصحيح، بينما وصل سعر دورة the healing advance DNA إلى 2200 درهم.

وقال استشاري طب الأسرة والصحة المهنية، الدكتور منصور حبيب، إن هناك أطروحات مختلفة للنظر إلى جسم الإنسان من زوايا متعددة، من حيث العلاجات بطرق متعددة والأدوية المتنوعة، وهذا النوع مما يسمونه علاجاً يعتمد على تحريك خلايا الجسم واستثارة مناطق مختلفة، وهي أساليب قديمة قادمة من دول شرق آسيوية.

وأوضح أن هذه المجتمعات تمارس هذه التصرفات منذ آلاف السنين، والأمر نفسي لديهم، فالاعتقاد النفسي أنه سبباً للشفاء، لكن كل الأبحاث والدراسات القليلة التي أجريت على هذا العلاج لم تثبت جدواه بالنسبة لصحة الإنسان وهو أمر يتطلب المزيد من الدراسة والبحث، على غرار الإبر الصينية التي كانت من العلاجات غير المعتمدة من شركات التأمين وبعد دراسة أدرجوها ضمن التأمين لأنها مفيدة ومؤثرة على جسم الإنسان.

وأردف أن هذه تصرفات لمراكز تسمى نفسها «التنمية البشرية» تعتمد على التحفيز في أجواء بها نوع من الهدوء والسكون في ظل عدم وجود أجهزة كهربائية في الغرفة، إلا أنها ليست مهنة ممارس صحي، وليست مندرجة تحت مسمى المهن في الدولة، والتوصيف الأمثل لها هي «تصرفات» ولا يتم منحهم ترخيصاً من قبل وزارة الصحة أو هيئة الصحة بدبي.

وأكد رئيس اللجنة العليا للمسؤولية الطبية الدكتور عبدالرزاق المدني أن الناس لا بد من أن تسأل أصحاب الخبرة من الأطباء المتخصصين قبل اللجوء إلى هذه المراكز، فليس من المعقول أن يترك مريض السكري أو الضغط علاجه ليذهب إلى ممارسة هذه الأمور غير المفيدة، مؤكداً أن من يمارسون ما يسمى العلاج بالطاقة لا يعدون كونهم لديهم دورة تدريبية في علم النفس أو حتى بدون دورات، ويجب مواجهة هذه الممارسات بحسم لردعها.


طب بديل وليس علاجاً طبيعياً

وأوضحت رئيسة شعبة العلاج الطبيعي في جمعية الإمارات الطبية، أمل الشملان، إن العلاج الطبيعي يشترك في هدف واحد هو إعادة تأهيل القدرات الوظيفية للفرد لممارسة حياته بأفضل مستوى من الجودة، وعلى قدر المستطاع نصل بالمريض لأفضل قدرات ممكنة، وهذا يعتمد على دراسة طب العلاج الطبيعي، والحصول على ترخيص بعد أداء الاختبارات اللازمة، ولكن «العلاج بالطاقة» ليس ضمن تخصصات العلاج الطبيعي إطلاقاً.

وأكدت أن هناك 3 أنواع شائعة للعلاج الطبيعي هي العضلات، والعظام والمفاصل، والأعصاب، سواء كسور أو إصابات أو التهابات مفاصل وآلام الظهر والكتف والأوتار والأربطة، والتيبسات وتغيرات الغضاريف، لكن «العلاج بالطاقة» يدخل ضمن ممارسة فرعية للطب البديل ولا يمكن القبول بترخيصه أو ممارسته داخل الدولة لأنه غير قائم على أساس علمي.


لا أدلة ولا براهين علمية

وأكدت مديرة إدارة التنظيم والتراخيص والإعلانات في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، عبير عادل، أن العلاج بالطاقة رغم لجوء بعض المرضى إليه بفعل الادعاءات العلاجية التي يروج لها القائمون بممارسة هذا النوع من المعالجة لا تستند إلى الأدلة والبراهين العلمية ولم تثبت أي أبحاث علمية حتى الآن جدواه الفعلية في العلاج.

وأوضحت أن الوزارة لا تمنح تراخيص لمراكز العلاج بالطاقة بالمناطق التي تتبع لسلطتها التنظيمية وهي المناطق الشمالية.


العقوبات تصل إلى الغلق

وأكدت هيئة الصحة بدبي، أنها لا تمنح ترخيص لأي منشأة أو ممارسي الرعاية الصحية ممن يقدمون هذه الخدمات «غير العلمية»، وأوضحت الهيئة أن بعض ممارسي ما يسمى العلاج بالطاقة تقدموا بطلبات للحصول على تراخيص للعمل في دبي، إلا أن الهيئة رفضت الأمر بعد إجراء دراسات حوله وتبين أنه أمر لا أساس له في العلوم الطبية، ولا يوجد أي مكان في العالم يرخصه، ولن يفيد المريض.

وأكدت أن ما يسمى العلاج بالطاقة هو منح الوهم للمرضى، ولا يمكن السماح بهذا الأمر، موضحة أنه إذا تم ضبط أي مراكز صحية تمارس هذه الأمور غير العلمية فسيتم تحويلها إلى لجنة الممارسات الطبية التي تتخذ قراراتها الرادعة التي تصل إلى حد الغلق حتى لو كانت تتم هذه الممارسات غير القانونية في الخفاء داخل منشآت صحية مرخصة.