الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

10 استراتيجيات تدعم تأمين الغذاء في الإمارات إلى ما لا نهاية

تستند الإمارات في رؤيتها الخاصة بتعزيز الأمن الغذائي على 10 استراتيجيات تبنتها المؤسسات خلال العقدين الماضيين وحتى الآن.

وتحمل عبارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حين قال «لا تشيلون هم.. تأمين الغذاء في دولة الإمارات إلى ما لا نهاية» .. «لازم تعرفون أن القيادة ونحن نعمل كل ما نستطيع لنأتي بكل المواد من آخر الدنيا لنوفرها للمواطن والمقيم»، رسائل واضحة بأن الإمارات استعدت جيداً خلال العقود الماضية لتأمين أمنها الغذائي، بدليل وصولها إلى المرتبة 21 في مؤشر الأمن الغذائي العالمي.

وتتمثل الاستراتيجيات العشر بتعزيز قدرات البحث والتطوير وتكريس التقنيات الذكية في مجالات الزراعة وإنتاج الغذاء، تسهيل إجراءات المزارعين ودعمهم، التوسع في الاستثمار الزراعي من خلال شركات وطنية لتأمين المواد الغذائية الأساسية، إنشاء بنية تحتية متطورة وخدمات لوجستية رائدة لواردات الأغذية، رفع كفاءة وتنافسية الإنتاج الوطني من الأغذية، استقطاب الاستثمارات اللازمة لإنشاء مشاريع زراعية مستدامة، تطوير حزمة تشريعات في قطاع الاستزراع السمكي بالدولة، وضع الأطر التنظيمية للحد من فقدان الأغذية والنفايات، تشجيع الزراعة المنزلية والاستهلاك المحلي، إضافة إلى تعزيز الجانب التشريعي باعتماد القانون الاتحادي بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة مؤخراً.

وأظهرت أزمة فيروس كورونا المستجد التي تعاني منها معظم دول العالم، قدرة مؤسسات الدولة على توفير مخزونات استراتيجية من الأغذية الحيوية إضافة إلى تعاون مستوردي وتجار الأغذية في عدم إشعار المستهلك بأي نقص من تلك السلع لدرجة أن كبار المستوردين أعلنوا عن وضع بضائعهم كافة تحت تصرف وزارة الاقتصاد.

واعتمدت الاستراتيجيات التي تبنتها مؤسسات الدولة لتعزيز الأمن الغذائي على مجموعة من المبادئ الأساسية أهمها تسهيل تجارة الغذاء وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتطوير إنتاج محلي مستدام يتبنى التكنولوجيا، والحد من فقد وهدر الغذاء من خلال تبني مؤسسات كالهلال الأحمر الإماراتي مشاريع مخصصة له كمشروع حفظ النعمة، وضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية لكل أفراد المجتمع، وتعزيز القدرة لمواجهة المخاطر والأزمات.

خطوات استباقية

وقال الخبير الاقتصادي والمستشار في شؤون حماية المستهلك الدكتور جمال السعيدي، إن الإمارات استبقت منذ عقد من الزمن تعزيز الأمن الغذائي نظراً لتقلبات الظروف العالمية سواء من شح الأمطار في بعض البلدان أو حدوث كوارث طبيعية مثل الأعاصير وغيرها إضافة إلى الأمراض الوبائية المستجدة.

وأوضح أنه منذ فترة طويلة ومؤسسات الدولة تحتفظ بمخزونات طويلة الأمد أقلها 6 أشهر للسلع الغذائية الحيوية ما يجعل تصنيف الإمارات في حفظ الأمن الغذائي متقدماً في المؤشر العالمي.

وأضاف السعيدي: «حتى في أزمة كورونا التي تعاني منها معظم دول العالم فإن الدولة سمحت بفتح مجالات الشحن الجوي للحصول على كميات الأغذية المطلوبة»، لافتاً إلى أن هناك شركات وطنية بتوجيه من الحكومة تستثمر آلاف الأفدنة الزراعية في بلدان زراعية حول العالم لتأمين السلع الاستراتيجية الحيوية ولضمان تدفقها في أي ظرف كان.

وأشار إلى أن أساس استراتيجية حفظ الأمن الغذائي هي تأمين سعادة المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات مع الحفاظ على وجود بدائل متعددة لمصادر الحصول على الغذاء.

واختتم أن الأزمة الحالية كشفت استراتيجيات الدول في الحفاظ على أمنها الغذائي وبينت الكثير من الأنظمة الاستراتيجية القوية في تأمين الغذاء وعلى رأسها دولة الإمارات.

كميات استراتيجية

من جانبه، أكد عضو في مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك جمعة بلال فيروز، أنه بحكم تواجده السابق في لجنة تأمين الغذاء والدواء فإن هناك كميات استراتيجية تتخطى العام من كافة السلع الاستراتيجية، موضحاً اهتمام القيادة الرشيدة الدائم بملف الأمن الغذائي الذي يعتبر من الأولويات.

وأوضح أن هناك بدائل عدة لتوفير الأمن الغذائي في الدولة وسيظل تدفق السلع مستمراً، إلا أنه يتوجب على المستهلكين اتباع الممارسات الشرائية القويمة وعدم شراء مواد غذائية أكثر من الحاجة الفعلية.

علاقات متميزة

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي رضا مسلم، إن الإمارات تنبهت لمسألة حفظ الأمن الغذائي منذ سنوات طويلة عبر استخدام علاقاتها الدولية الممتازة والاستثمار طويل الأمد في زراعة آلاف الأفدنة في دول صديقة من خلال اتفاقات تمتد لعشرات السنين.

وأضاف أن بناء حائط استراتيجي من المواد الغذائية مثل القمح والأرز وغيرها تكامل مع استغلال المساحات المزروعة في دولة الإمارات في إنتاج الأغذية قصيرة الأمد مثل الخضراوات بكافة أنواعها والتي يحتاجها المستهلك بشكل متدفق.

وبين مسلم أن قيادة دولة الإمارات تضع ملف الأمن الغذائي في الأولويات ومن ثم وضعت له استراتيجيات واضحة ودعماً مستمراً لضمان تدفق تلك السلع الغذائية إلى ما لا نهاية.

تعاون دولي

وعملت حكومة دولة الإمارات منذ سنوات عديدة من خلال مكتب الأمن الغذائي على توسيع شبكة التعاون الدولي وتبادل الخبرات ومشاركة المعارف حول أحدث الممارسات والآليات لزيادة الإنتاج الزراعي والغذائي باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز قنوات الاتصال والحوار مع صناع القرار والأكاديميين ورؤساء المراكز البحثية من أجل نقل تكنولوجيا الغذاء إلى الإمارات والعمل على تنويع مصادر الغذاء من خلال المساهمة في مد جسور التعاون بين الدول المصدرة للغذاء ومختلف مؤسسات القطاع الخاص داخل الدولة.

الأبحاث الزراعية

وتولي وزارة التغير المناخي والبيئة الأبحاث الزراعية أهمية خاصة نظراً لدورها في تحقيق التنوع الغذائي والاستدامة البيئية ولتوافقها مع رؤية الإمارات 2021، حيث أدرجت الوزارة ضمن هيكلها التنظيمي 2017 هدفاً خاصاً بالأبحاث بمسمى «تطوير وتطبيق استراتيجية لإدارة الأبحاث الزراعية ووضع خطة عمل مرحلية للتجارب والأبحاث التي ستجرى بالوزارة»، وتضمنت الخطة التشغيلية للوزارة 2017-2021 خطة للأبحاث الزراعية ضمن مبادرة تسمى دعم الممارسات المبتكرة بالمجالات الزراعية والحيوانية والخضراوات والفواكه والتمور والمحاصيل الحقلية والمنتجات الحيوانية.

وتضمنت الخطة 7 أنشطة بحثية، ومن أهم الأبحاث ذات الأولوية تتعلق بالنخيل والفاكهة والخضروات ومكافحة الآفات الزراعية ونظم الزراعة المغلقة والمحاصيل المقاومة للملوحة وتعزيز التعاون مع المراكز الوطنية والمعاهد البحثية الإقليمية والدولية.

وتتبنى الوزارة أهم التقنيات الزراعية والتي يأتي على رأسها نظم الزراعة المغلقة أو العمودية وهي نظم إنتاج محاصيل تعتمد على استخدام تكنولوجيا متطورة بحيث تكون كافة الممارسات الزراعية مؤتمتة من حيث الري والإضاءة وعمليات التسميد بما في ذلك الحصاد وبما يساهم في تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والطاقة ومدخلات الإنتاج وإنتاج محاصيل طازجة ذات جودة وإنتاجية عالية وعلى مدار السنة ولا تؤثر على صحة الإنسان أو البيئة.

وحسب الوزارة استطاعت الدولة أن تحقق نسباً عالية من الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الزراعية مثل التمور بنسبة (100%)، أما اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن فقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي %33 و بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي في الخضار نحو 50% هذا الى جانب زيادة المساحات الخضراء والتي كان لها أثر واضح على تنمية وحماية البيئة بالدولة.

زراعة مائية

أما بخصوص اهتمام الوزارة بالزراعة المائية فأوضح التقرير أن أعداد البيوت المحمية بمختلف أنواعها زادت خلال السنوات الأخيرة بفضل الدعم الذي تقدمه الوزارة لهذا القطاع حيث إن الزراعة في البيوت المحمية من شأنها رفع كفاءة استهلاك المياه وتحقيق إنتاج وفير مقارنة مع الزراعة في الأرض المكشوفة، كما اهتمت الوزارة بنشر تقنية الزراعة المائية (الزراعة دون تربة) لتفادي المشاكل المتعلقة بالتربة واستغلال الأراضي ذات التربة المتدهورة.

ونتيجة للوعي المتزايد لدى المستهلكين جاء التوسع في الزراعة العضوية للحصول على منتج مطابق للمواصفات حيث كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل دول المنطقة التي أقرت القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009 بشأن المدخلات والمنتجات العضوية.

وتبنت الوزارة عدداً من الإجراءات والسياسات لنشر مفهوم الزراعة العضوية من خلال تنظيم برامج توعوية وتدريبية في هذا القطاع ومساعدة المزارعين بإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجههم كتوفير البدائل العضوية والحيوية من بذور وأسمدة، وإيجاد طرق مكافحة حيوية صديقة للبيئة تحل محل المبيدات الكيماوية، والعمل على المساعدة في تسويق تلك المنتجات محلياً من خلال استحداث قنوات تسويقية مستقرة.

شركات وطنية

وإضافة إلى ذلك، تمتلك الإمارات شركات زراعية عملاقة تعمل في أكثر من 60 دولة في قارات العالم الست ومنها قارة أمريكا اللاتينية، ولديها مساحات شاسعة مزروعة في عدد من الدول، خاصة السودان ومصر وصربيا وناميبيا وأيرلندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا، فضلاً عن توافر صوامع كبيرة لتخزين المواد الغذائية في أبوظبي ودبي ومختلف إمارات الدولة.

ونجحت المنتجات الغذائية الإماراتية، في اختراق أسواق عالمية مرموقة، منها على سبيل المثال قطاع الغلال والمخبوزات والألبان ومشتقاتها والعصائر والمنتجات الزراعية العضوية، والتي باتت تنافس في هذه الأسواق معتمدة على المعايير الصحية الصارمة ومقاييس الجودة العالمية.

واستطاعت شركة وطنية مثل شركة الظاهرة الزراعية من خلال المزارع التي تمتلكها التواجد في 5 قارات حول العالم.

تنظيم المخزون

أما بخصوص الجانب التشريعي، فاعتمدت دولة الإمارات مؤخراً قانوناً بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة والذي يضمن تأمين الغذاء الصحي والآمن لكل أفراد المجتمع في كل الأوقات والظروف حتى في حالات الطوارئ والأزمات.

وقالت وزيرة الدولة للأمن الغذائي مريم بنت محمد المهيري إن اعتماد القانون الاتحادي يعد خطوة هامة في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، حيث يعمل التشريع على مراقبة السلع الغذائية الرئيسة في الدولة وضمان توافر مخزون كافٍ من السلع يتم الاستفادة منه وقت الضرورة، وهو ما يتكامل مع التوجه الاستراتيجي الخامس للاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.

الاكتفاء الذاتي

وعلى صعيد تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الحيوية، وضعت جهات حكومية اتحادية ومحلية أهدافاً واضحة للاكتفاء الذاتي من أغذية حيوية بعينها وكانت خطة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية شاهدة على ذلك حيث تستهدف إمارة أبوظبي تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم المحلية خلال 5 سنوات مقبلة فقط.

وتعمل الهيئة على برنامج طموح لتحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم في الإمارة وبدء عمليات التصدير في السنوات الخمس المقبلة من خلال التقنيات الحديثة التي تم إدخالها مؤخراً، حيث يزيد عدد المواشي المتواجدة في أبوظبي حالياً على 3.5 مليون رأس ماشية ما يعادل العدد نفسه في نيوزيلاندا.

الحيازات الزراعية

وحسب تقرير صادر عن مركز الإحصاء في أبوظبي، فإن مساحة الحيازات النباتية في إمارة أبوظبي وصلت في نهاية عام 2018 إلى 749 ألفاً و868 دونماً.

ويظهر التقرير أن عدد الحيازات النباتية بلغ 24 ألفاً و18 حيازة يتركز العدد الأكبر منها في منطقة العين التي وصل عدد الحيازات فيها إلى 11 ألفاً و921 حيازة بمساحة إجمالية تصل إلى 452 ألفاً و503 دونمات، يليها منطقة الظفرة حيث وصل عدد الحيازات النباتية فيها إلى 8 آلاف و492 حيازة بمساحة إجمالية 207 آلاف و686 دونماً، فيما بلغ عدد الحيازات في منطقة أبوظبي 3 آلاف و605 حيازات بمساحة إجمالية تصل إلى 89 ألفاً و679 دونماً.

مؤشر عالمي

وتقدمت دولة الإمارات 10 مراكز في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، حيث انتقلت من المركز 31 في عام 2018 إلى المركز 21 في عام 2019. ويعكس هذا التقدم الكبير الجهود التي بذلتها حكومة الدولة لتكون الإمارات مركزاً رائداً على المستوى العالمي في مجال الأمن الغذائي القائم على الابتكار.

ومثلت القفزة في تصنيف دولة الإمارات في المؤشر السنوي للأمن الغذائي العالمي الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية في مجلة «إيكونوميست»، إنجازاً جديداً يضاف إلى جهود تعزيز تنافسية وريادة دولة الإمارات، بعدما تقدمت إلى المركز 21 في مؤشر الأمن الغذائي العالمي محققة قفزة بعشرة مراكز عن موقعها عام 2018.

ويستند المؤشر إلى 3 معايير رئيسية مرتبطة بالأمن الغذائي وهي القدرة على تحمل التكاليف، وتوافر الغذاء، وجودة وسلامة الغذاء، في حين يتم رصد بيانات معيار جديد بشكل تجريبي لوفرة الموارد الطبيعية لمرونة الأنظمة الغذائية.