السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

هل كورونا سبب لإنهاء أو فسخ العقود وانقضاء الالتزامات؟

هل كورونا سبب لإنهاء أو فسخ العقود وانقضاء الالتزامات؟

مراد موسى عطعوط

أصابت الإجراءات الصارمة التي اتخذت كإجراءات احترازية للتصدي لفيروس كورونا حول العالم البعض، وخاصة التجار منهم والمستثمرين، بخسائر مالية جسيمة، ما دفعهم إلى البحث عن حلول لوقف نزيف خسائرهم أو تجنب المزيد منها في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن مظاهر انتهاء هذه الأزمة.

وأحد هذه الحلول التي يحاول البعض اللجوء إليها هو فسخ تعاقده مع الغير متذرعاً بفيروس كورونا كسبب مباشر لإنهاء العقد أو انقضاء الالتزام لاستحالة أو صعوبة تنفيذه.

يقول المستشار القانوني مراد موسى عطعوط مستنداً إلى قانون المعاملات المدنية الإماراتي وما قرره الفقهاء في هذا الشأن عرفت المادة 125 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي العقد بأنه ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر، ويجوز أن تتطابق أكثر من إرادتين على إحداث الأثر القانوني، مشيراً إلى أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، كما نصت الفقرة الأولى من المادة 246 من القانون.

وأوضح أن الأصل في المادة 267 من ذات القانون تحت فرع ـ انحلال العقد ـ نصت على أنه إذا كان العقد صحيحاً لازماً فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه أو تعديله أو فسخه إلا بالتراضي أو التقاضي أو بمقتضى نص في القانون، إلا أن وقع عارض ما استثنائي بعد توقيع العقد وأثناء سريانه، فإن المشرع الإماراتي تصدى إلى العوارض التي قد تؤثر في العقود والتزاماتها والتي قد يؤدي بعضها إلى فسخ هذه العقود، حيث ورد ذلك في المادتين ( 249) و( 273) من قانون المعاملات المدنية، فنصت المادة (249) على أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن من الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

وهذا ما يصطلح عليه قانوناً بأنه «نظرية الحوادث الطارئة» وهي من النظام العام، حيث قرر المشرع بطلان أي اتفاق يمنع القضاء من التدخل حال طلب أحد المتعاقدين منه ذلك بموجب دعوى قضائية بسبب وقوع حادث استثنائي.

وأشار عطعوط إلى أن الحادث الطارئ المقصود في نص المادة (249) هو حدث مفاجئ لم يكن متوقعاً ولا يد فيه لأحد المتعاقدين ولا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً ولا تسبب الخسارة المتعارف عليها أو المتوقعة في العمل بين التجار أو الافراد، وبالتالي فإن هذا الحادث الطارئ كان مفاجئاً ولم يكن موجوداً عند التعاقد ولا يمكن توقعه أو دفعه، وعلى الرغم من ذلك فإن تنفيذ الالتزام ما زال ممكناً ولكنه سيرهق المدين، وبالتالي لا ينقض بسببه الالتزام.

وأوضح أن نظرية الحادث الطارئ تتلخص في 3 شروط وهي أولاً، أن تقع حوادث استثنائية عامة «بعد» انعقاد العقد، ومنها (وباء ينتشر)، أما الشرط الثاني فهو ليس في الوسع توقع هذا الحادث ولا توجد قدرة على دفعه، أما الشرط الأخير أن ينتج عن هذا الحادث الطارئ أن يصبح تنفيذ الالتزام التعاقدي مرهقاً وليس مستحيلاً، خلاف القوة القاهرة والتي من آثارها استحالة تنفيذ العقد.

وأشار إلى أنه في حال تحققت هذه الشروط فإنه يجوز للقضاء رد الالتزام إلى الحد المعقول، بعد أن يوازي مصلحة أطراف العقد، وكما يمكن للقاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان حادثاً وقتياً يقدر له الزوال في وقت قصير.

أما القوة القاهرة وآثارها، فقد عالجها المشرع الإماراتي في المادة 273 من قانون المعاملات المدنية التي نصت على أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى معه الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه، وإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل وينطبق هذا الحكم على الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي هاتين الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين، وللطرف المتضرر المطالبه بالتعويض ـ إن كان له مقتضى ـ طبقاً لأحكام المسؤوليه العقدية.