الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

6 عوامل تقود لانتعاش سوق العمل بالإمارات بعد «كوفيد-19»

6 عوامل تقود لانتعاش سوق العمل بالإمارات بعد «كوفيد-19»

أكد مختصون ومسؤولون في الموارد البشرية أن سوق العمل بالإمارات بدأ يتعافى بعد فترة تراجع جراء جائحة فيروس كورونا، وشهد مع بداية يونيو الجاري انتعاشاً ملموساً، تمثل في طرح جهات عمل شواغر وظيفية عبر منصاتها الإلكترونية، حيث عرضت وزارة الموارد البشرية والتوطين عشرات المهن ضمن 20 قطاع عمل لغير المواطنين، فيما أكد مكتب الأمن الغذائي توافر أكثر من 17 ألف فرصة عمل للمواطنين ضمن استراتيجيته الوطنية.

وحددوا 6 عوامل تقود لانتعاش سوق العمل بالدولة، تمثلت في: تسارع عجلة المشاريع، وتطبيق عمليات الدمج والتقليص والإثراء الذاتي خلال أزمة «كورونا»، ووجود مشاريع ريادية واستباقية بالدولة لمواجهة الأزمات، واستعانة الشركات بأعداد كبيرة من الوظائف بعقود «مؤقتة» للإسراع في إنجاز مشروعاتها التي توقفت خلال الأزمة، والاعتماد على المنصات الرقمية التي ستوجد عشرات الوظائف، إلى جانب الاستغناء عن الوظائف الكبيرة واستبدالها بمهن تعويضية صغيرة.

وتوقعوا أن يبلغ مؤشر الطلب على الوظائف ذروته في الربع الأخير من العام الحالي، مع تغير منهجية وآلية العمل الذي أصبح أكثر مرونة واعتماداً على التكنولوجيا بشكل أكبر، وستشمل الوظائف: قطاعات المنشآت، عمال النظافة، مندوبي التوصيل، موظفي مراكز الاتصال، السائقين، الباعة بالتجزئة، والتخصصات الطبية بمختلف مجالاتها، وتوقعوا أيضاً أن ينتج عن استمرار العمل عن بُعد عرض وظائف لمختصي التقنيات والبرمجيات الحديثة، وبالمقابل سينخفض الطلب على الوظائف الروتينية كالإدارية والتشريفية.

الدمج والإثراء



من جهته، أشار مدرب دولي وخبير موارد بشرية حاتم كنعان، إلى أن عمليات الدمج والتقليص والإثراء الذاتي في سوق العمل بسبب كورونا أدت إلى ظهور شواغر وظيفية، أسهمت بانتعاش سوق العمل الذي تراجع خلال مارس وأبريل الماضيين نتيجة تداعيات الأزمة، متوقعاً عرض مئات الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، وبمجالات تختص بتكنولوجيا المعلومات المُؤسِسة للبنى التحتية الرقمية، والوظائف الفنية والهندسية، إلى جانب زيادة الطلب على العمالة بقطاع الإنشاءات، إذ ستسعى الشركات الكبرى للاستعانة بأعداد كبيرة منها للإسراع بإنجاز مشروعاتها التي توقفت مؤقتاً خلال الأزمة.

ونوه بأن القطاع التجاري سيطرح وظائف لمحاسبين ماليين ومختصين بمجال البيع بالتجزئة وعمال النظافة والنقل وسائقي المركبات، متابعاً: «سينتعش سوق العمل لا سيما بنظام الساعات وبـ«العقود المؤقتة»، ما سيسهم بشكل مباشر في توفير دخل لعدد من المقيمين، وفي الوقت ذاته يوفر مبالغ مالية على الجهات والمؤسسات وأصحاب المشاريع التجارية والاستثمارية».

وأضاف أنه يمكن من خلال تغيير البنى التحتية استشراف مستقبل الوظائف بالإمارات، فمساحات المكاتب بالمؤسسات والجهات ستصبح أكبر وستزيد أعداد الموظفين بالإدارة الواحدة، ما يعطي دلالات ملموسة بظهور شواغر جديدة.

مهن تعويضية

وقال مستشار تنمية بشرية سعيد بالليث الطنيجي، إنه نظراً للطفرة المتوقعة التي سيحققها القطاع الاقتصادي بالدولة بعد تأثره بتداعيات «كورونا» سيرتفع مؤشر الطلب على المهن الصغيرة، إلى جانب التخصصات الصحية والوظائف الجديدة المتعلقة بالأدوية وصناعاتها، وكذلك المختبرات الطبية، ما سيوفر فرصاً مضمونة للعاملين بها من الفنيين والمتخصصين والباحثين، لافتاً إلى أن بوادر هذه الطفرة ظهرت أخيراً في الشواغر التي بدأت الجهات بالقطاعين الخاص والحكومي في عرضها.

وتابع: «في ظل توقع انتقال الشركات والمؤسسات للعمل عن بُعد سيزداد الطلب على المبرمجين والمختصين بمجال تنظيم الوقت، وكذلك على «المهن التعويضية» كعمال النظافة وخدمة التوصيل وموظفي مراكز الاتصال والسائقين، فيما سيتراجع الطلب على الوظائف الروتينية كالتشريفية والإدارية التي كشفت الأزمة أن التقليل من أعدادها لن يؤثر على منظومة العمل بل ستنتج عنه فرص وظيفية أكثر وبتخصصات مختلفة، إذ سيتيح الاستغناء عن واحدة منها توافر 10 شواغر وظيفية، ما يسهم بشكل مباشر في انتعاش قطاع العمل».

مشاريع ريادية

وذهب مستشار التنمية البشرية والمحاضر حمد الجابري، إلى أن سوق العمل المحلي بعد الأزمة حقق انتعاشاً لعاملين مهمين، الأول وجود مشاريع ريادية واستباقية بالدولة لمواجهة الأزمات كما في منظومتي الأمن الغذائي والبنى التحتية، والثاني هو تطبيق نظام العمل عن بُعد الذي يوفر مئات الوظائف الأخرى إذا عملت به الوزارات مستقبلاً عبر اعتمادها على المنصات الرقمية على حساب العنصر البشري.

وأكد أنه خلال الأشهر المقبلة سيحقق سوق العمل بالإمارات مؤشرات انتعاش عالية مقارنة بالدول الأخرى، نتيجة تسارع عجلة المشاريع التي ستوجد سوقاً نابضاً ومتجدداً للوظائف، إذ ستبذل جميع القطاعات جهوداً كبيرة للتعافي من الأزمة بأسرع وقت ممكن، ما سينتج عنه زيادة الطلب على ما تقدمه المؤسسات من خدمات ومنتجات لتعويض فترة التباطؤ الحاصلة في الطلب عليها خلال الأزمة، وهو ما سيدفعها لسد احتياجاتها اللازمة من الوظائف.

وأشار الجابري إلى تغير طبيعة الوظائف المتاحة بعد «كورونا»، نتيجة تغير منهجية وآلية العمل الذي أصبح أكثر مرونة واعتماداً على التكنولوجيا بشكل مباشر، أما تقييم الموظف فسيكون حسب مبدأ «التوجه لإنجاز المشاريع» بعيداً عن المفاهيم الروتينية، لا سيما عند إصدار قوانين تسمح للشخص الواحد بالعمل عن بُعد في أكثر من مؤسسة.

شواغر جديدة

وعرضت وزارة الموارد البشرية والتوطين مؤخراً على الموقع الإلكتروني لسوق العمل الافتراضي التابع لها، عشرات الوظائف المخصصة لغير المواطنين، ممن تأثرت جهات عملهم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة تفشي فيروس كورونا، ومثّلت الشواغر المعلن عنها، عشرات المهن والوظائف ضمن 21 قطاع عمل، تنوعت ما بين فرص عمل «دائمة» وأخرى بعقود «مؤقتة» تصل لنصف عام، فيما تراوحت الرواتب المعلنة للوظائف المتاحة بين 3 و10 آلاف درهم شهرياً.

وأفاد مكتب الأمن الغذائي بالدولة بأن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي جرى اعتمادها لتحويل الإمارات إلى مركز دولي رائد لأمن الغذاء، القائم على الابتكار والهادفة لأن تكون الإمارات من أفضل الدول عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي ضمن أجندة 2021، ستخلق أكثر من 17 ألف فرصة عمل جديدة، ستسهم في تحقيق عائدات اقتصادية تصل لعشرات المليارات من الدراهم.

بداية التعافي

وأوضحت بيانات من شبكة «لينكد إن» الموجهة للمهنيين والتابعة لشركة مايكروسوفت أنها رصدت تعافياً ملحوظاً بسوق التوظيف بالإمارات، بعد أن شهد تراجعاً جراء انتشار «كورونا»، وأكدت إدارة الشبكة «بينما تراجعت نسبة الوظائف الشاغرة المعروضة على الموقع والمتعلقة بقطاع التجزئة والسفر والسياحة وقطاع الإنشاءات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت نشرات وظائف التكنولوجيا والبرمجيات ووظائف الرعاية الصحية طلباً أكبر».

وتوقعت ارتفاع سقف الفرص الوظيفية في ظل رجوع القطاع الخاص غير النفطي بالإمارات لنشاطه السابق قبل نهاية العام الحالي، ما سينعش سوق العمل بمهن مختلفة عن السابق من حيث الكمية والنوعية.

مرونة التعيين

وتوقع رئيس دائرة الموارد البشرية بالشارقة الدكتور طارق بن خادم أن التنمية البشرية بعد أزمة كورونا ستواجه تغيرات سريعة بالتخصصات والوظائف والاحتياجات المستقبلية للأسواق المحلية، وسيكون الاتجاه نحو الأعمال الرقمية بنسبة كبيرة مقابل اندثار الكثير من الوظائف التقليدية.

وأضاف أن المؤسسات والشركات ستعتمد مستقبلاً على التعيين الجزئي المرن بشكل أكبر، لافتاً إلى أن الإقبال سيتراجع على الوظائف الروتينية التي لا تعتمد على التحليل أو التطبيقات الذكية في أداء عملها وتقديم خدماتها.