الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

معلمات يدرّسن بدوام كامل في البيوت بـ4 آلاف درهم

معلمات يدرّسن بدوام كامل في البيوت بـ4 آلاف درهم
توجهت معلمات من جنسيات مختلفة لتقديم خدمات تعليم في البيوت بدوام كامل أثناء تواجد الأمهات في أماكن عملهن، وذلك بعد أن استغنت المدارس الخاصة عن خدماتهن بسبب ظروف كورونا التي فرضت عليها تقليل النفقات نتيجة تطبيق نظام التعليم عن بعد.

واضطرت هؤلاء المعلمات بعد الاستغناء عن خدماتهن للبحث عن طرق تؤمّن لهن دخلاً لإعالة أسرهن، عبر تقديم خدمات الرعاية المنزلية الكاملة للأطفال كمربيات وكذلك كمدرسات بالمستوى الذي تقدمه المدارس والحضانات، وتشمل التواجد مع الأطفال ومتابعة دروسهم، وتدريبهم على التعامل مع القنوات الذكية المستخدمة في الدخول للمنصات التكنولوجية، والإشراف على طعامهم ورعايتهم، مقابل رواتب شهرية تزيد على 4 آلاف درهم.

وأكدت وزارة التربية والتعليم أنها حظرت الدروس الخصوصية المباشرة بالمنازل خلال الأزمة، إذ يغرم ولي الأمر 10 آلاف درهم والمعلم 5 آلاف درهم في حال ثبوت تنظيم دروس خصوصية داخل البيت، بحسب اللائحة المحدثة لضبط المخالفات والجزاءات الإدارية.


دوام كامل


وقالت (ع. ع.) إنها كانت تعمل معلمة في مدرسة خاصة وبعد الاستغناء عن خدماتها اضطرت للبحث عن طرق تؤمّن لها دخلاً تعيل من خلاله أسرتها وتساعد زوجها ذا الدخل المحدود، فلجأت لنشر إعلانات في حسابات سوشيال ميديا تفيد باستعدادها لإعطاء دروس خصوصية لمجموعة من الطلبة عبر المنصات الرقمية الذكية، أو كتابة ملخصات لمناهج طلبة الثانوية العامة وعرضها للبيع في محال القرطاسية، إلا أنها حين رصدت عبر مجموعات «واتساب» أمهات موظفات يبحثن عن معلمات للعمل بدوام كامل في البيوت لرعاية أبنائهن ومتابعة دروسهم، تواصلت مع إحداهن وأبدت استعدادها لتقديم خدمات منزلية تتمثل في رعاية شاملة للأطفال من عمر 4 حتى 14 عاماً.

وتتضمن المهام متابعة الدروس عن بعد وتدريب الأبناء على التعامل مع القنوات الذكية المستخدمة في الدخول للمنصات التكنولوجية، والتواجد معهم أثناء حضور الحصص الدراسية.

وذكرت أن هذا النشاط يضمن لها دخلاً شهرياً لا يقل عن 4 آلاف درهم في الشهر وبمجهود أقل عن الذي كانت تبذله أثناء عملها بالمدرسة، كون مسؤوليتها اقتصرت على طالبين فقط أما في المدرسة فهي معنية بالتعامل يومياً مع 120 طالباً موزعين على 4 صفوف يضم الواحد منها نحو 30 طالباً.

شحّ الوظائف

وأفادت (س. ع.) «تفاجأت بخسارتي للوظيفة في المدرسة التي عملت فيها معلمة رياضيات لأكثر من 14 عاماً، بسبب توجه الإدارة لتطبيق سياسة تقليل النفقات التي تتبعها بسبب أزمة كورونا، ولأن راتبي كان هو الدخل الرئيسي لأسرتي اضطررت للبحث عن مصادر أخرى للدخل عبر إعطاء دروس خصوصية والتواصل مع أمهات الطلبة بواسطة قائمة أرقام الهواتف المتوافرة سابقاً لدي».

وأضافت: «وجدت تجاوباً كبيراً من الأمهات اللواتي طلبن مني البقاء مع أطفالهن في البيوت طوال ساعات النهار والتواصل مع مدارسهم ومعلميهم والتواجد معهم أثناء الحصص المرئية، والتأكد من تأديتهم الواجبات والتكاليف المطلوبة منهم وإرسالها للمعلمين، ومتابعة كافة شؤونهم لحين رجوع الأمهات من العمل، مشيرة إلى أنها في البداية رفضت القبول بهذا العمل كونه لا يتناسب مع خبرتها المهنية في مجال التعليم لأعوام عدة، إلا أنه نظراً للظروف الحالية التي تفرض شح الفرص الوظيفية اضطررت للموافقة ورعاية 3 أطفال من أسرة واحدة بمراحل دراسية مختلفة، مقابل 4800 درهم شهرياً، بينما كان راتبي في المدرسة لا يزيد على 3600 درهم».

إخلاء المسؤولية

وقالت فاطمة علي إدارية بمدرسة الشيماء الخاصة بالشارقة: «مع بدء أزمة كورونا خلال الفصل الدراسي الثالث من العام الماضي والتحول إلى التعليم عن بعد، اضطرت المدرسة للاستغناء عن نحو 40% من كادرها التعليمي بهدف تقليل النفقات، وبسبب تراجع أعداد الحصص الدراسية التي تحولت معظمها إلى مرئية، إذ بإمكان معلمة واحدة أن تشرح الدروس المقررة بالمناهج لأكثر من 60 طالباً في وقت واحد، بينما كان عدد الطلبة في الصف الواحد أثناء التعليم الواقعي لا يزيد على 28 طالباً».

وأشارت إلى أن إدارة المدرسة استغنت عن خدمات عدد من معلميها بينما وضعت البعض الآخر مثل معلمي الموسيقى والرياضة وبعض المواد العلمية على قائمة الاحتياط لحين تحسن الظروف الحالية المرتبطة بتداعيات الأزمة، إذ أبلغتهم بأن الاستغناء عنهم سيكون مؤقتاً، وسمحت لهم بالبقاء داخل الدولة على إقاماتها لمدة عام، مع توقفها عن صرف رواتبهم الشهرية والبدلات المخصصة لهم، وإخلاء مسؤوليتها عن أي نشاط يزاوله هؤلاء المعلمون.

7 ساعات

وأكدت شيرين فاهم، ولية أمر لطالبين في إحدى المدارس الخاصة: «وردتني اتصالات هاتفية عدة من معلمات أبنائي اللواتي استغنت المدرسة عن خدماتهن بسبب المستجدات الأخيرة، يعرضن تقديم خدمات متابعة دروس الطلبة في بيوت ذويهم، مع استعدادهن للبقاء مع الأطفال طوال اليوم الدراسي لمدة 7 ساعات يومياً»، مبينة أن الأطفال بحاجة ماسة لوجود شخص يعي ما تطلبه المعلمة من الطالب أثناء الحصة عبر برنامج التعليم عن بعد، لا سيما أثناء تواجد الأمهات الموظفات في أماكن عملهن.

وتابعت «تقدم هؤلاء المعلمات خدمات الاهتمام بالأطفال ومتابعة الحصص المرئية معهم من بيوت أسرهم مع متابعة أداء تكاليفهم المدرسية، والتأكد من حضورهم كافة الدروس عن بعد وتأدية التكاليف والواجبات المطلوب منهم إنجازها، أما قيمة هذه الخدمات فهي لا تزيد على 200 درهم يومياً، بينما يصل مجموعها الشهري إلى 4000 درهم للطالب الواحد، في حين أن دور المعلمة لا يقتصر على متابعة تعلم الطفل بل تشرف على طعامه ورعايته في البيت».

رعاية كاملة

وأيدتها الرأي رفيعة المزروعي (ولية أمر لطالبة) التي رأت أن نظام التعليم عن بعد لطلبة المراحل الأولى يستدعي وجود أحد بجوارهم، يساعدهم على دخول الحصص الدراسية المخصصة عبر مجموعات في التوقيت المحدد، ما يجعلهم بحاجة إلى مساعدة مستمرة، لا سيما أن الأمهات الموظفات في قطاعات عمل لم يشملها قرار منح تسهيلات الدوام يجدن صعوبة في التوفيق بين مسؤولياتهن الوظيفية ومتابعة أطفالهن الطلبة المسجلين في هذا النموذج كونهم غير قادرين على التعامل مع النظام الذي يعتمد بالدرجة الأولى على مهارات استخدام التقنيات الذكية.

ولفتت إلى أنها بعد أن قرأت أكثر من إعلان لمعلمات يقدمن خدمات الرعاية المنزلية الكاملة للأطفال بمستوى الخدمات المقدمة من قبل المدارس والحضانات أبرزها شرح الدروس وضمان حضورهم الحصص المرئية، وإعداد وجبات الطعام لهم والجلوس معهم لأكثر من 8 ساعات يومياً لحين عودة الأمهات من دوامهن.

حظر «الخصوصي»

من جانبها، أصدرت وزارة التربية والتعليم قراراً بحظر جميع أشكال دروس التقوية والخصوصية، التي تقدم للطلبة، والتدريس باللقاء المباشر بالأماكن الخاصة وفي المنازل، واستثنت من ذلك الدروس التي تقدم عن بُعد، محذرة أولياء الأمور من إحضار المعلمين الخصوصيين للمنازل، فترددهم المستمر قد يتسبب بنقل عدوى فيروس كورونا المستجد لأفراد الأسرة.

ونصت اللائحة المحدثة لضبط المخالفات والجزاءات الإدارية والصادر بها قرار مجلس الوزراء للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد على أن ولي الأمر يغرم بمبلغ 10 آلاف درهم والمعلم بــ5 آلاف درهم في حال ثبوت تنظيم دروس خصوصية داخل البيت، أما المادة 34 من قانون حقوق الطفل (وديمة) فنصت على أنه يعاقب بالحبس 6 أشهر أو غرامة لا تقل عن 5000 درهم كل من عرّض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية بدون موجب.