الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الكمامة والمعقمات واليوتيوب.. أسلحة الأمهات الموظفات في حرب «كورونا» على 3 جبهات

الكمامة والمعقمات واليوتيوب.. أسلحة الأمهات الموظفات في حرب «كورونا» على 3 جبهات
تسلحت أمهات موظفات بالكمامات والمعقمات و«اليوتيوب» في حربهن ضد فيروس «كورونا» على 3 جبهات، تمثلت في أداء عملهن في المكاتب مع لبس الكمامة بشكل دائم خوفاً من الإصابة وبالتالي نقل العدوى للأسرة، وثانياً التعقيم المستمر في المنزل وواجبات التنظيف والطهي، وأخيراً التعلم الذاتي عبر الإنترنت لمساعدة الأبناء في دروسهم بعد انتقالهم لنظام «التعليم عن بعد».

وكشف استطلاع أجرته «الرؤية» ـ شارك فيه نحو 5370 شخصاً من كلا الجنسين تفاوتت أعدادهم وفقاً للسؤال المطروح على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» واللقاءات المباشرة ـ أن تدريس الأبناء في نظام «التعليم عن بعد» يتصدر 4 تحديات رئيسية تواجهها الأمهات الموظفات خلال جائحة «كورونا» بنسبة 32%، وفي المرتبة الثانية «العناية بالأطفال» بنسبة 30%، ومن ثم التنظيف وتعقيم احتياجات المنزل للحماية من الفيروس (26%)، وأخيراً تحضير الطعام (12%) وخصوصاً بعد التخلي تماماً عن الوجبات الجاهزة، ما جعل مسؤولية الأمهات أكبر وأثقل في زمن الجائحة.

وبين سؤال موجه للنساء حول مدى مشاركة الرجل في المهام المنزلية لدعم الزوجة الموظفة، أن 60% من الأزواج يقدمون المساعدة فعلاً بمشاركتهم في بعض الأعمال داخل البيت، فيما تتولى 40% من النساء تلك المهام من تعقيم وتدريس وطهي بمفردهم ومن دون دعم الرجل.

من جهتهم، أكد رجال في إجابابتهم عن السؤال ذاته وما هي المهام التي يتولونها إن وجدت، أن 46 % منهم لم يفعلوا أي شيء من تلك المهام المنزلية خلال فترة الإغلاق وجلوسهم في المنزل، بينما ذكر 21% منهم أنهم تولوا تدريس الأبناء، و17% شاركوا في تحضير الطعام لتخفيف العبء على الزوجة، و16% ركزوا على تعقيم الأغراض لحماية الأسرة من فيروس «كورونا».

وأوضحت نتائج الاستطلاع أن الأم تتولى بنسبة 76% مهام الطهي في المنزل بعد جائحة «كورونا» لضمان نظافة الطعام، والخادمة (10%)، أما الأب (8%)، وأخيراً مشاركة الأبناء بنسبة 6%.

وعن متابعة تدريس الأطفال في نظام التعليم عن بعد، فتقع هذه المهمة أولاً على عاتق الأمهات بنسبة 67%، وثانياً الإخوة (15%)، ومن ثم الوالد (12%)، وأخيراً من يعتمدون على المدرس الخصوصي بنسبة 6%.

وحول تعقيم الأغراض المنزلية يومياً، فتأتي هذه المهمة من مسؤوليات الزوجة بنسبة 54%، ومن بعدها الأب (24%)، ومن ثم الأبناء 15%، وأخيراً الخادمة (7%).

ورداً على سؤال: برأيك، من يتحمل المسؤولية الأكبر خلال فترة محاربة فيروس «كورونا» الرجل أم المرأة؟ بينت النتائج أن الرجل يتولى المسؤولية بنسبة 67% وذلك بسبب العمل خارج المنزل لفترات طويلة رغم مخاوف الإصابة بالفيروس وإيجاد الحلول المناسبة لاستقرار الأسرة مادياً بسبب تداعيات الجائحة الاقتصادية.

ضغوط يومية

وأكدت سيدات أن أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم ضاعفت من الضغوط اليومية التي تكابدها السيدات العاملات، موضحات أن الحلول الناجحة تكمن في تقاسم الأعباء المنزلية، الاستعانة بالأهل، والتدرب على إدارة الوقت واستغلال ساعات المساء لإتمام المهام وتخفيف الأعباء.

وأوضحت الموظفة هدى الجسمي وهي أم لطفلين، أن ما يرافق أزمة تفشي كوفيد-19، معاناة يعيشها الجميع، إلا أن الأمهات العاملات كنّ أكثر المتضررين.

وذكرت أن على عاتقها مهمات كثيرة، منها تدريس ابنتها الصغيرة وتوفير طرق تعليمية مساعدة، ليتولى زوجها مهمة حل الواجبات فقط، بسبب صعوبة تأقلمه مع الوضع الراهن الذي يتطلب تواجده معظم الوقت داخل البيت.

وأضافت أن مسألة التعقيم شاقة بسبب الخوف من التقاط العدوى، كما طهي الوجبات الصحية بعيداً عن الجاهزة يومياً، مؤكدة أن تنظيم الوقت وتكليف أفراد الأسرة ببعض المهام الإجبارية هو الحل الأفضل لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.

من جهتها، قالت الموظفة بدرية السويدي إن تنظيم الوقت كان له الأثر الأكبر في تجاوز أزمة كورونا لتخفيف أعباء الأعمال المنزلية، لافتة إلى أنها استعانت بعاملة منزلية لمتابعة عمليات التنظيف للمنزل، ولكنها تتولى الطهي وتجهيز الطعام للعائلة بنفسها.



وذكرت نوف الحوسني أنها أم لطفل حديث الولادة وفي فترة كورونا والتزامها في المنزل توجب عليها الحرص عند مراجعة الأطباء أو شراء مستلزمات البيت، وكان زوجها وأهلها الداعم الكبير لها في توفير متطلباتها.



حلول بديلة

وقالت الموظفة رشا أسامة وهي أم لطفل في الثانية من عمره، إن زوجها يهتم بطفلهما أحياناً، إلا أن العبء الأكبر عليها، رغم تغير فكر الرجال تجاه الأمهات العاملات بسبب المجهود الكبير الذي لم يكن على مرأى أعينهم في الفترات السابقة.



وأضافت أن الحلول التي اعتمدتها كانت استغلال الفترة المسائية لإنجاز بعض المهام وتخصيص أيام محددة للطهي أو تنظيف المنزل، كما التسوق للمواد التموينية مرتين في الشهر بحيث يتم التعقيم مرة واحدة إلى جانب تقاسم وقت للراحة مع الزوج حتى يتمكن الطرفان من تخطي الضغوط اليومية.

ووفقاً للموظفة نورا قولي فإنها تتابع إلى جانب عملها التعقيم المكثف لمشتريات المنزل والذهاب إلى المتجر لشراء الاحتياجات بتخصيص يوم واحد فقط في الأسبوع، مشيرة إلى أن زوجها يساعدها في بعض المهام.



ولفتت السيدة نورا إلى أنها تعيش في المنزل مع زوجها واضطرا معاً للعمل من المنزل فترة الجائحة ولذلك تقاسما المهام العائلية من طبخ وتنظيف وتسوق لافتة إلى أن زوجها توجه لممارسة هوايته في الطبخ فترة انشغالها في العمل مقابل أن تقوم هي بمهمة تنظيف المائدة

وذكرت رولا حسين أن المعقمات باتت يداً ثالثة لكل أم، خوفاً على أسرتها من العدوى، ما جعلها من المهووسين بالنظافة، مبينةً أن الحلول المتاحة لها هي الاستعانة بأحد أفراد أسرتها حين تتراكم عليها المهام.

وأضافت أن المسؤوليات جعلتها تفكر بالاستقالة من عملها بسبب الضغوط، مشيرةً إلى قضائها أوقاتاً طويلة على «يوتيوب» للوصول إلى سبل لتعليم أطفالها بعد انتقالهم إلى نظام «التعليم عن بعد».

وأفادت الموظفة ديما كميل ولديها ابنتان، بأنها باتت تقلل ساعات نومها لتتمكن من إتمام كافة مسؤولياتها، على الرغم من مساعدة زوجها في تدريس الأبناء وبعض المهام المتفرقة في المنزل، إلى جانب كتابة لائحة بالمهام اليومية واستغلال نهاية الأسبوع في إنجاز المتأخر منها.



صورة نمطية

وكشف رجال موظفون عن تغير الصورة النمطية في أذهانهم تجاه ربات المنازل، وجهودهن التي كان يستهان بها سابقاً، بعد جلوسهم فترة طويلة في البيوت خلال فترة تقييد الحركة، إذ مكنتهم أزمة كوفيد-19 من التعرف على ما يتطلبه تحقيق التوازن بين الوظيفة والاهتمام بالمنزل.

وأوضح الموظف مارك سمير أن مساندة الزوجة مهمة رئيسية لأن المهام المنزلية وظيفة بحد ذاتها، وتتزايد حين تكون موظفة، وأن تقاسم الأعباء المنزلية بالتساوي حل مثالي مع عبء التعقيم وحضور الدروس مع الأبناء وتوفير وسائل تسلية منزلية لهم.



وقال الموظف معاذ الحاج إنه تولى تعقيم البقالة وتنفيذ مهام بسيطة بسبب طبيعة عمله الصعبة، موضحاً أن الصورة التقليدية للمهام المنزلية تغيرت حتماً لدى الجميع بعد أن رأى الرجال صعوبتها والحاجة لتكرارها طوال اليوم.



إدارة الحوار

وقال المستشار الاجتماعي والأسري طلال السلومي إن التوفيق بين العمل والالتزامات الأسرية بحاجة لموازنة، والحل الصحيح هو التحلي بالذكاء الاجتماعي بالدرجة الأولى وإدارة الحوار.

وأضاف أن الجائحة أوجدت عوامل مشتركة بين دور الزوجين وبينت أهمية التشاركية وفهم الطرف الآخر، وعمقت المودة لأن الأدوار لم تكن كاملة الوضوح سابقاً، ما جعل كل شريك يرى الآخر بأدواره المتكاملة وأعطى للأفراد انطباعاً عن مدى العلاقة التشاركية بين الأطراف في المنزل الواحد.

وأردف أن عملية توزيع الأدوار داخل البيت هي أهم ما يمكن تطبيقه حالياً، لأنه في حال كان أحد الأطراف يعتمد على الاتكالية المبنية على عدم التضحية، يُفتقد الشعور بين الطرفين ما يهدد استقرار الأسرة.

وأشار إلى أن الحل يكمن بالحوار الفعال، وتطويع الذكاء الاجتماعي لإدارته والتعامل مع المواقف، ناصحاً الأفراد بتثقيف أنفسهم في فنون إدارة الأزمة وطريقة إدارة الحوار دون الوصول للحد الأعلى الذي يفاقم المشكلة ويسبب الانفجار للطرف الآخر وذلك بمراعاة التوقيت والأسلوب.

ونصح كل فرد أن يخصص وقتاً لتنمية ذاته خاصة حين يشعر بفراغ تجاه فهم الطرف الآخر، خاصة وأن مرحلة الإغلاق العام سابقاً خلقت نوعاً من إعادة اكتشاف الذات بالنسبة لتصرفات الأشخاص تجاه الطرف الآخر.

تقاسم المهام

وشرحت الأخصائية النفسية سحر خوري أن تقاسم المهام الأسرية ضروري في فترة كورونا وما قبلها وما بعدها وخصوصاً للزوجة الموظفة، آملةً أن تكون تجربة الإغلاق العام سابقاً أثمرت داخل البيوت وتعلم منها الأم والأب دروساً كافية عن الآخر والمهام الملقاة على عاتق كل طرف.



وأضافت أن الضغط الكبير على أحد الأطراف يرفع من درجة التوتر في العلاقة الأسرية ويجعل الآخر يظن أن شريكه غير فاعل واتكالي، وهي مشكلة تتفاقم مع مرور الزمن حتى لو تم تجاهلها ولم يتم التطرق إليها بوضوح.

ونوهت إلى أن الحوار الفاعل والتواصل المستمر هما أساس العلاقات الناجحة، إذ لا يمكن للرجل أن يخمن مستوى الضغط أو التعب الذي تشعر به المرأة إن لم تفصح عنه والأمر سيان بالنسبة للرجل، فعليه هو الآخر أن يشارك زوجته بما يعانيه من ضغوط ليتمكن الطرفان من إيجاد حلول ناجحة لا تؤثر على سير الحياة اليومية.

ونصحت خوري الأم والأب بكتابة لائحة بالمهام اليومية وإشراك الأبناء في تنفيذها إلى جانب فهم شخصية الطرف الآخر وما يحتاجه، فعلى سبيل المثال هناك شخصيات لا يمكنها التركيز بوجود فوضى أو ضجيج، بينما يمكن للبعض إتمام أكثر من مهمة في وقت واحد، فالحوار يخلق الحلول لإيجاد التوازن المطلوب في البيت.

دعم الأم الموظفة

ولدعم التوازن بين مهمة الأم الموظفة في البيت والعمل، أصدرت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، تعميماً في وقت سابق، بشأن دعم التوازن بين المتطلبات الوظيفية للأمهات العاملات في الحكومة الاتحادية، ومتابعة المسيرة التعليمية لأبنائهن من جهة أخرى، خلال العام الدراسي الجديد.

وأكدت الهيئة أن الحكومة الاتحادية قررت تنظيم المسألة من خلال عمل الأمهات الموظفات في الحكومة الاتحادية عن بعد، ممن يتابعن تعليم أبنائهن، الذين في المرحلة الدراسية من الصف السادس الابتدائي فما دون، أو من لديهن أطفال من أصحاب الهمم، وذلك وفق ضوابط قرار مجلس الوزراء رقم (27 لسنة 2020، الخاص بتنظيم العمل عن بعد في الحكومة الاتحادية).

وأوضحت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية أن هذا التوجه الحكومي يحقق التوازن بين متطلبات العمل الرامية إلى استمرار تقديم الخدمات الحكومية ورفع مستواها، بالإضافة إلى دعم الأسر في التعامل مع متطلبات التعليم عن بعد لأبنائهم في ظل جائحة (كوفيد-19)، الأمر الذي يسهم في دعم المسيرة التعليمية.