الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

استطلاع «الرؤية»: 61% يعانون الكآبة والسلبية بسبب ضغوط «كورونا» النفسية

كشف استطلاع أجرته «الرؤية» حول الضغوط النفسية التي خيمت على أفراد المجتمع بسبب فيروس «كوفيد-19» أن 61% من العينة يعانون الكآبة والسلبية جراء الإجراءات الاحترازية والأوضاع الاقتصادية الناجمة عن الجائحة.

وبينت نتائج الاستطلاع ـ الذي شارك فيه نحو 5788 شخصاً على منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» اختلفت أعدادهم وفقاً لكل سؤال، وعبر اللقاءات المباشرة أيضاً، أن 32% من العينة يعانون الكآبة نتيجة الظروف المصاحبة لانتشار فيروس «كورونا»، بينما يكابد 29% من السلبية، فيما شكا 23% من المشاركين إصابتهم بالعصبية بسبب الضغوط النفسية، وأخيراً يعاني 16% من الوحدة.

وذكر 62% من المستطلعين أنهم يواجهون ضغوطاً نفسية حقيقية بسبب الأوضاع التي خلفتها الجائحة، ليرى البقية (38%) أن «كورونا» لم يخلف أي أثر نفسي سلبي عليهم.

وفي إجابتهم عن سؤال: هل تعتبر مراجعة الطبيب النفسي أمراً ضرورياً لمواجهة الضغوط النفسية بسبب أزمة كورونا؟ أكد 47% أن الأمر لا يستدعي الاستشارة الطبية، فيما ذهب 22% إلى أن زيارة الطبيب النفسي ضرورة للوقوف على تلك المخاوف وحلها قبل أن تتفاقم، وذكر 31% من العينة أنهم لا يعلمون إن كان الأمر يستحق مراجعة الطبيب أم لا.

وحول أبرز الأسباب التي عادت بالضغط النفسي على المجتمع، أجمع 32% على أن العزلة الاجتماعي التي فرضها «كوفيد-19» هي السبب الرئيس، بينما ركز 27% من المستطلعين على الأزمة الاقتصادية لكونها طالت معظم العاملين وتسببت إما بالضغط المادي عليهم أو خسارة أعمالهم، وأعاد آخرون (23%) أسباب الضغط النفسي إلى الأخبار السلبية التي تحيط بأفراد المجتمع وخصوصاً المتعلقة بـ«كورونا» في جميع أنحاء العالم، وجاء في المركز الأخير (الخوف من العدوى) كأحد الآثار النفسية السلبية بنسبة 18%.

وعن الأساليب التي اتبعوها لتخفيف الضغط النفسي الذي فرضه الفيروس، كشف 42% من العينة أنهم لجأوا إلى الانشغال بهواياتهم لطرد الأفكار السلبية، واختار آخرون (31%) الابتعاد عن مشاهدة الأخبار السلبية بشكل عام وخصوصاً المتعلقة بـ«كورونا»، بينما اعتمد 23% من المستطلعين على الرياضة لتحجيم هذه الضغوط، وأخيراً فضل 4% مراجعة الطبيب النفسي لإيجاد الحلول المناسبة.

مؤشرات تستدعي الاستشارة النفسية

من جانبهم، أكد أطباء نفسيون أن هناك عدداً كبيراً من المؤشرات التي تستدعي ذهاب الشخص إلى الطبيب النفسي، مثل الحزن والتوتر وعدم القدرة على العمل أو الدراسة والتغير المزاجي لفترات طويلة، وبصفة عامة التغيرات المفاجئة في الوجدان أو السلوك أو التفكير.

وأشار الأطباء إلى أن إهمال الضغوط النفسية يؤدي إلى دمار كبير في المجتمع، حيث تعد أكثر الأمراض تكلفة على المجتمع بسبب التغيب عن العمل وعدم الإنتاجية والانتحار وفقدان الشباب الذين هم طاقة المستقبل ووقوده.

وقال استشاري الصحة النفسية الدكتور عامر سعدالدين، إن الإنسان عليه الذهاب للطبيب النفسي عندما يشعر بتغيرات سلبية في حياته، حيث لم يعد مثلما كان، تغيرات مثل الحزن وعدم الاستمتاع بالحياة والقلق والتوتر وعدم القدرة على العمل أو الدراسة، أو أن هناك شكاوى كثيرة من الناس حوله، كأن يقولون له «صرت نكدياً أو عصبياً» أو يقولون له «أنت متغير هذه الأيام»، وعند الرجوع للطبيب النفسي وخلال جلسة واحدة يستطيع معرفة ما إذا كان يحتاج لعلاج نفسي أم لا ومقدار هذا العلاج.

وأضاف أن المرض العضوي بجسم الإنسان بدون ظهور الأعراض قد يظهر على هيئة أعراض نفسية، وأشهرها خلل الغدة الدرقية، فعندما تزيد إفرازاتها تؤدي للقلق وعندما تقل الإفرازات تؤدي للاكتئاب، وكذلك فقر الدم لدى النساء يسرع ضربات القلب ويسبب الوهن وتغير الحالة الصحية العامة، لذلك على الطبيب النفسي الواعي أن يجري فحوصات مخبرية لكثير من الحالات لاستبعاد المرض العضوي، وهناك حالات أخرى يتزامن فيها المرضان العضوي والنفسي مثل خلل الغدة الدرقية مع الاكتئاب.

13 عاماً من الأدوية والتشخيص خاطئ

وأوضح استشاري الصحة النفسية الدكتور عامر سعدالدين أن هناك حالات كانت تعالج بأدوية نفسية بتشخيص خاطئ على مدى سنوات، في حين أن السبب الحقيقي هو مرض عضوي خطير، مثل سيدة عالجها وكانت تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وظل الأطباء يصفون لها الأدوية النفسية على مدى 13 عاماً دون فحوصات، وعندما جاءت إلى الإمارات تم إجراء فحوصات لها وتم اكتشاف أن السبب وجود ورم بالمخ، وعندما تم علاج هذا المرض تغيرت حالتها الصحية ولم تعد تعاني من أي أعراض نفسية أو عضوية.

وأكد أن الضغوط النفسية تؤدي إلى الفشل وقد يكون ذريعاً بحيث يفشل الشخص في حياته ودراسته وعمله، وقد يدمن المخدرات، في حين أن كثيرين يدمنون الإنترنت، وهو نوع من أنواع الهروب المتاح حالياً، ويمثل انسحاباً بشكل أكبر من الحياة، حيث لا يريد الشخص رؤية الأقرباء والأصدقاء.

وأشار إلى أن المرحلة الحالية في ظل كورونا تشهد أنواعاً عديدة لردات الفعل القوية تجاه الأشياء التي حُرم الناس منها أثناء الحجر الصحي، حيث تجد الأشخاص يذهبون للمقاهي بشكل شبه يومي وكأنهم ينتقمون من فترة غلق المقاهي، وهذه الجائحة أفرزت واقعاً صحياً نفسياً جديداً مثل العزلة والتعود على الأشياء غير الصحية، والبعد عن الناس والمجتمع، والتكاسل، وأن كل شيء أصبح عن طريق الإنترنت، ويجب التحذير من أن هذه الأمور يجب ألا تصبح أسلوباً للحياة.

تكلفة إهمال الضغوط النفسية

وحول تكلفة إهمال الضغوط النفسية، قال سعدالدين إن إهمالها يؤدي إلى دمار، حيث وجد الباحثون أن أكثر الأمراض تكلفة على المجتمعات هو المرض النفسي بسبب الغياب عن العمل وعدم الإنتاج، ومن نتائج إهمال الضغوط النفسية تحول كثير من الناس إلى عالة على المجتمع، وحدوث الطلاق الكثير بسبب الاكتئاب، وزيادة الوزن بسبب العزلة الناتجة عن القلق والتوتر والحزن.

بدوره، ذكر استشاري الصحة النفسية في وزارة الصحة ووقاية المجتمع الدكتور جاسم المرزوقي، أن كل إنسان أدرى بالوضع الذي يكون عليه من جميع النواحي النفسية والاجتماعية، وعليه إذا حدث تغير لدى الشخص في 3 صفات (الأفكار، السلوك، الوجدان) عليه الذهاب للطبيب النفسي، وقد تكون هذه التغيرات في شكل الأكل الكثير أو النوم لوقت طويل، أو حدوث أرق وخوف بشرط أن تبلغ مدة حدوث هذه السلوكيات أسبوعين متصلين على الأقل.

وأضاف أن الضغوط النفسية لدى الشباب تسبب أمراضاً جسدية وصحية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، ونفسياً تسبب التفكير في الانتحار والإدمان بشتى أنواعه، كما أن ارتباط الضغوط ببعض المشكلات الأسرية أو الاقتصادية من شأنه أن يؤدي إلى مضاعفات كبيرة على الشخص، وستتقلص الحياة الاجتماعية والشعور بالوحدة لدى بعض الأشخاص، وأن الإدمان يحدث لدى الشخص إذا كان لديه خلل في الشخصية، فهناك الصلابة النفسية والمرونة النفسية التي تتحكم في الشخصية ومدى مقاومتها للإدمان.

وأوضح أن تكلفة إهمال الضغوط النفسية التي تستمر وتصبح مزمنة، تؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزون بكثرة، وهو ما يتسبب في انخفاض مناعة جسم الإنسان إذا استمر لفترة طويلة، كما تسبب أمراض السيكوسوماتية (النفسية الجسدية)، وهي الأمراض التي تكمن في شكوى الجسد دون وجود سبب حقيقي لهذا الألم الجسدي، وعلى الجميع عدم الاستهتار بالمرض النفسي حيث يموت سنوياً حوالي 800 ألف شخص حول العالم بسبب الاكتئاب.

العلاج النفسي بـ«الفضفضة»

وقال استشاري الطب النفسي الدكتور إبراهيم مجدي حسين، إن هناك مؤشرات كثيرة توجب على الشخص الذهاب للطبيب النفسي، مثل رغبة الشخص في الذهاب للطبيب للحديث في إطار «الفضفضة» والكلام مع شخص لا يعرفه، كما أن رؤية المحيطين بالشخص لحتمية ذهابه للطبيب النفسي سبب كافي لذهابه للطبيب، بالإضافة إلى أعراض مثل الأرق والتوتر والخوف والحزن المستمر، والشك في النفس بحيث يشعر الشخص بأنه مستهدف وأنه يتعرض لمؤامرة وهذه ضمن أعراض الفصام، كما أن الانعزال وعدم الرغبة في لقاء الناس تدعو للذهاب إلى الطبيب.



وأضاف أن الأمراض العضوية تسبب أعراضاً نفسية مثل فرط نشاط أو خمول الغدة الدرقية، والخلل في هرمون الكورتيزون، والسكري وعلاجه، وارتفاع الضغط وأمراض القلب يسببان الأرق والاكتئاب في بعض الحالات، كما أن إدمان المخدرات يؤدي إلى حدوث خلل نفسي، ومرض الوسواس الحادث بكثرة هذه الأيام وأعراضه مثل (غسيل الأيدي بكثرة) بسبب كورونا، ما يعد مرضاً نفسياً.

وأشار حسين إلى أن الضغوط النفسية على الشباب تتمثل في عدم الإحساس بالنفس وعدم الاستقرار وفقدان الهوية وزيادة التطلعات عن حدود الإمكانيات الفكرية للشخص، رغم امتلاك الشاب لكل مقومات الحياة والرفاهية، فهناك أشخاص يريدون المناصب والشهرة ولا يمتلكون القدرة الفكرية لتحقيق ذلك، وآخرون يرغبون في الشهرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي رغم عدم امتلاك الموهبة أو القبول أو ما يسمى (الحضور)، واتهامات الأهل للأبناء الشباب بالفشل والتقصير وعدم تقدير المسؤولية تمثل ضغطاً نفسياً، بالإضافة إلى فترة المراهقة وما يصحبها من تغيرات في الهرمونات وهنا يجب أن يستوعب الأهل هذه المرحلة العمرية دون ضغط على الشباب، والتعرض للتنمر والسخرية من شكل الشخص أو وزنه أو ذكائه تعد أكثر الضغوط النفسية في الوقت الحالي.

نتيجتان سيئتان للغاية

وذكر استشاري الطب النفسي الدكتور إبراهيم مجدي حسين، أن الضغوط النفسية على فئة الشباب تؤدي إلى نتيجتين سيئتين للغاية هما: الانعزال والاكتئاب، أو التحول إلى العنف بكل حالاته مثل التطرف الديني أو اللجوء لتعاطي المخدرات، وهنا يتحول الشخص إلى عنصر فاسد في المجتمع يرغب في إفراغ شحنة الغضب الكامنة داخله في أي شيء أمامه.

وحذر حسين من انتشار الانتحار بكثرة خلال السنوات الأخيرة بسبب عدم القدرة على التعامل مع الضغوط وعدم تفهم الأهل والمحيطين لتلك المشكلات، كما أن وصمة المرض النفسي والذهاب للطبيب النفسي لا يستوعبها الكثيرين ما يدعو الشخص إلى التفكير في الانتحار، وهذه أغلى تكلفة يدفعها الإنسان، حيث إن فقدان رأس المال البشري وبالأخص في فئة الشباب هي أكبر خسارة في المجتمع، ما يؤثر على الاقتصاد وعلى مزاج الناس وتفكيرهم بالسلب.

هموم نفسية تحيط بالشباب

وقالت المواطنة أمل المسافري، إن أهم الأسباب التي تسبب الضغوط النفسية على الشباب تتمثل في ارتفاع تكاليف الزواج، كما يحتاج الشباب إلى أماكن ترفيهية أكثر بزيادة حلبات السباق، وأماكن صعود التلال الرملية بالسيارات، كما يجب تبني الكفاءات والمخترعين، فهناك كثير من الشباب لديهم اختراعات وابتكارات ولا يعرفون إلى أين يتجهون بها.



وقال المواطن سعود النجار، إن جائحة كورونا لها تأثيران إيجابي وسلبي، فقد جمعت شمل الأسر وزادت التواصل بينهم على مستوى الأسرة الصغيرة، وأعادت ترتيب الأولويات حيث لم يعد يعتقد الأشخاص أن كل شيء هو العمل، لكن التأثيرات السلبية هي الابتعاد عن الأسرة الكبيرة مثل الأشقاء والأصدقاء، مشيراً إلى أن تأثيرات كورونا السلبية كانت على الأطفال الذين لم يخرجوا أو يتنزهوا، كما أصيبوا بالقلق والذعر.



وأكد المواطن عبدالله الزرعوني أن الأطفال هم أكثر من يعانون نتيجة أزمة كورونا لعدم استمتاعهم بالحياة والاضطرار لارتداء الكمامات لفترات طويلة وهو ما يضايقهم، مشيراً إلى أن الشباب يتعرضون لضغوط نفسية كبيرة بسبب التفكير في المستقبل وكيفية إيجاد فرصة عمل تفي بمتطلبات حياتهم، كما أن التأخر في إيجاد فرصة عمل تنتج عنه مشكلات كثيرة أهمها التأخر في الزواج.