السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«طلاق الضرر».. رجال يقاضون زوجاتهم هرباً من الحقوق والنفقات

«طلاق الضرر».. رجال يقاضون زوجاتهم هرباً من الحقوق والنفقات
شهدت محاكم الأحوال الشخصية بالدولة إقامة بعض الأزواج دعاوى ضد زوجاتهم مطالبين فيها بطلاقهم للضرر، وإسقاط حقوق الزوجات المترتبة على عقد النكاح كنفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق، وكذلك إسقاط حضانتهن للأبناء المترتب عليها النفقات الخاصة بهم، و«أجرة حاضنة» للأمهات، بالإضافة لتوفير مسكن ومواصلات وخادمة ورسوم الدراسة.

فيما أفادت زوجات بأن الرجال يدعون وقوع الضرر عليهم، ويسوقون في سبيل إثباته حججاً واهية غير واقعية لكسب تعاطف القضاة معهم، وليُحكم لهم بالطلاق مع إسقاط الحضانة، بينما أشار أزواج إلى أن تعذر حياتهم الزوجية دفعهم للتقدم بدعاوى طلاق لوقوع ضرر عليهم، تجنباً لنفقات الأبناء المطالبين بدفعها، ولدعاوى محتملة قد تقام عليهم لزيادة تلك النفقات.

وأكد محامون «أقر القانون أن لكل من الزوجين طلب الطلاق للضرر متى وقع على أحدهما أي نوع منه بالقول أو بالفعل، لو لم يتكرر إيقاع الإيذاء، شرط أن يكون الضرر فاحشاً، وتتعذر معه العشرة، وليس بكل الحالات التي يقضى فيها للأزواج بطلاق الضرر تسقط حضانة الأبناء والنفقات المترتبة عليها، بل تعتمد على حجم الضرر ونوعه».



الضرر الفاحش

وأشار المحامي والمستشار القانوني علي العبيدلي، إلى أن المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية تنصّ على أن لكل من الزوجين طلب الطلاق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف بينهما، ولا يسقط حق أي منهما في ذلك ما لم يثبت تصالحهما.

وتابع: «يقر القانون أن لكل من الزوجين طلب الطلاق للضرر متى وقع على أحدهما أي نوع منه بالقول أو بالفعل، ولو لم يتكرر إيقاع الإيذاء، شرط أن يكون الضرر فاحشاً، وكذلك فإن لكليهما الحق بطلب الطلاق في حال وقوع الضرر الذي تتعذر معه العشرة سواء كان الضرر مادياً أو معنوياً، أو طال أحد الزوجين أو والديهما أو أسرتهما، ولا يشترط أن يتكرر الضرر».

وذكر أنه قد يحصل الزوج أحياناً على الطلاق بسبب وقوع الضرر عليه من زوجته، إلا أنه قد لا يكسب دعوى حضانة الأبناء لعدم توافر الشروط المطلوبة لذلك، لذا على الأزواج أن يدرسوا كافة الأبعاد والنتائج القانونية المحتملة لأي دعوى قبل الخوض في تفاصيلها.

تقدير القاضي

وقال المحامي والمستشار القانوني عمر السبوسي: في حال تمكن الزوج من إثبات أن الضرر الواقع عليه من الزوجة وترتب عليه موافقة القاضي على الطلاق، فإن حقوق الزوجة المترتبة على عقد النكاح مثل نفقة العدة والمتعة ومؤخر الصداق تسقط، وكذلك حضانتها لأبنائها، مشيراً إلى أنه ليس في كل الحالات التي يحكم فيها القاضي بالطلاق نتيجة تقدم الزوج بدعوى تعرضه للضرر، تفقد الأم حضانة أبنائها ونفقتهم وحقوقها المالية، إذ يعتمد هذا الأمر على تقدير القاضي لنوع وحجم الضرر الذي تعرض له الزوج.

ونوه بأن المادة 71 من قانون الأحوال الشخصية الذي جرى تحديثه أخيراً، تنص على إسقاط نفقة الزوجة إذا منعت نفسها من الزوج، أو هجرت مسكن الزوجية دون عذر شرعي، أو إذا منعت الزوج من الدخول إلى بيت الزوجية دون عذر شرعي، وفي حال صدر حكم أو قرار من المحكمة مقيد لحريتها في غير حق للزوج وجارٍ تنفيذه، إذا أخلت بالتزاماتها الزوجية التي ينص عليها القانون.

توصية الحكمين

وتابع السبوسي: فيما استحدثت المادة 120 من ذات القانون عرض توصية الحكمين على الزوجين، وإذا عجزا عن الإصلاح فعلى المحكمة أن تعرض توصية الحكمين على الزوجين، وتدعوهما للصلح قبل إصدار الحكم بالتفريق بينهما، فإذا تصالحا بعد توصية الحكمين بالتفريق بينهما وقبل صدور الحكم، فعلى المحكمة إثبات ذلك الصلح، وتضمنت هذه المادة 5 بنود أبرزها: أنه إذا تعذر الصلح بين الزوجين وكانت الإساءة كلها من جانب الزوجة، والزوج هو طالب التفريق أو كان كل منهما طالباً، أوصى الحكمان بالتفريق نظير بدل مناسب يقدرانه تدفعه الزوجة ما لم يتمسك الزوج بها، وتراعي المحكمة في ذلك مصلحة الأسرة، موضحاً أن البدل يكون مبلغاً مالياً في الأغلب، ففي حال تعرض الزوج للضرب من قبل زوجته تلزمها المحكمة بدفع بدل له وفقاً لحجم الضرر الذي تعرض له.

وإذا تعذر الصلح بين الزوجين وجهل الحال فلم يعرف المسيء منهما، فإن كان الزوج هو طالب التفريق اقترح الحكمان رفض دعواه، وإن كانت الزوجة هي الطالبة أو كان كل منهما طالباً التفريق، يكون الحكمان بالخيار فيما يريانه مناسباً لحال الأسرة والأولاد في التفريق بينهما، دون بدل أو رفض التفريق بينهما.



الفسق المبين

وقال المحامي والمستشار القانوني سيف الشامسي: في حال تعذر الحياة بين الزوجين ووصولها لطريق مسدود، يلجأ بعض الأزواج لإقامة دعاوى ضد زوجاتهم أمام محاكم الأحوال الشخصية، مطالبين بطلاقهم للضرر، وإسقاط حقوق الزوجات المترتبة على عقد النكاح، وأيضاً حضانة الأبناء، ويسوقون في سبيل ذلك أدلة عدة تثبت تعرضهم للضرر، مثل: تعرضهم للسب والقذف من زوجاتهم أمام الآخرين، وتعمدهن الخروج من مسكن الزوجية من دون موافقتهم، بالإضافة إلى عدم احترامهن لخصوصيات العلاقة الزوجية والتحدث عن أسرارها أمام الصديقات والقريبات.

ولفت إلى أن حصول الرجال على الطلاق أمر تقديري يقرره القاضي، إلا أنه ليس في كل الحالات التي يقضى فيها بالطلاق لوقوع الضرر على الأزواج تسقط حضانة الأبناء والنفقات المترتبة عليها، مؤكداً أن حضانة الأبناء عن الأم لا تسقط إلا في حال ثبوت الفسق المبين عليها.

وأشار الشامسي إلى المفهوم الخاطئ لدى الرجال فيما يتعلق بأن النفقة تذهب للأمهات، في حين أن الأبناء يعتبرون من فئة القُصر ولا يمكنهم التصرف في أموال النفقة المحكوم لهم بها، والأم الحاضنة هي التي يحق لها التصرف في هذه الأموال.

ادعاءات ملفقة

فيما لفت المحامي علي العبدولي إلى أن التعديل على المادتين (118) و(120) من قانون الأحوال الشخصية الذي أعطى الصلاحية للقاضي برفض دعوى الطلاق المقدمة من الزوجة والقائمة على أسباب واهية، إذا لم تتمكن الزوجة من إثبات الضرر الجاد الواقع عليها من الزوج، أتاح المجال أمام الأزواج للتقدم بطلب طلاق لوقوع ضرر عليه، يكتشف لاحقاً بعد التحقق من صحته بأنها ادعاءات باطلة وملفقة تعذر بسببها استمرار الحياة الزوجية، ويلجأ الأزواج لهذه الحيل تجنباً لدفعهم نفقات الأبناء في حال كسبت الأمهات حضانتهم.

وأوضح أن دعاوى الضرر لطلب الطلاق المقدمة من قبل الرجال زادت أخيراً، حتى أضحت تشكل اليوم ما يزيد على 75% من إجمالي الدعاوى المنظورة في محاكم الدولة، وعدد من هذه الدعاوى قد تكون فعلية، ما يؤكد أن الرجل حين يصبح معرضاً للضرر من قبل زوجته، لا يلجأ للطرق الرسمية للطلاق بسبب الأعباء المالية التي تترتب عليه من نفقات الأبناء والحاضنة.

دعاوى لاحقة

من جانبه، قال علي حمدان إنه «بعد زواج استمر لأكثر من 8 أعوام، زادت حدة المشاكل بينه وزوجته خلال العامين الماضيين، بعد التحاقها بالعمل في إحدى الجهات الخاصة وتأخرها عن المنزل وبقاء الأطفال وحدهم مع الخادمة، وتوصلت لقناعة بأن أفضل الحلول لراحة البال ولتقاسم مسؤولية الأطفال هي الطلاق، ولأني أدرك حجم النفقات التي سأكون مطالباً بدفعها بعد الانفصال».

وأضاف: «توجهت لأحد المستشارين القانونيين في قضايا الأحوال الشخصية فأخبرني بأني سأكون مطالباً بنفقة لا تقل قيمتها عن 9000 درهم للطفلين ولأمهما، على الرغم من أنها تعمل ولديها دخل مادي مستقل، بالإضافة إلى دعاوى لاحقة من المحتمل أن تقيمها مستقبلاً للمطالبة بزيادة النفقة، لذا فضلت أن أقيم عليها دعوى إثبات تعرضي لضرر، يتمثل في إهمال زوجتي لي ولأبنائها وتجاهلها واجباتها ومسؤولياتها الأسرية، حتى أحصل على الطلاق والمطالبة بإسقاط الحضانة وما يتبعها من نفقة تدفع للزوجة».



النفقات اللامنتهية

وأيده الرأي عبدالله عمايري الذي أشار إلى أنه تقدم ضد زوجته في المحكمة بدعوى طلاق لوقوع الضرر عليه، المتمثل في كلامها المتكرر عن إخوته ووالديه بما يسيء لسمعتهم عند صديقاتها وأهلها، الأمر الذي أثر سلباً على مستقبل أخواته الثلاث اللاتي لم يتزوجن، بسبب حديثها غير المقبول عن سوء تربيتهن وأخلاقهن، لافتاً إلى أنه قدم الأدلة التي تثبت الضرر والمتمثلة في الرسائل النصية المكتوبة، وكذلك المسجلة والمرسلة عبر مجموعات «واتساب» التي تضم أعداداً كبيرة من الصديقات والأخوات.

وقال عمايري: «على الرغم من رفضه للصلح الذي عرض على الطرفين وموافقة المدعى عليها، إلا أنه سيستمر في إجراءات الدعوى حتى يحصل على الطلاق، وإسقاط حضانة الأبناء لأمهم، تلافياً لطائلة النفقات اللامنتهية التي سيُلزم بها في حال حصولها على الحضانة».

القانون منصف

وأكدت عمرة حمد أن الفكرة الدارجة لدى الأزواج أن قانون الأحوال الشخصية في صف المرأة أكثر من الرجال، بينما في الواقع هو قانون منصف يسعى لاستقرار الأسر وتربية الأبناء في أجواء عائلية مثالية، بعيداً عن الشجار والمشاكل بين الأبوين، ولأن الأزواج يعتقدون بأنهم الحلقة الأضعف في دعاوى الطلاق، لذا يلجأ البعض منهم إلى التقدم بدعاوى تعرضهم للضرر من زوجاتهم للحصول على الطلاق، وعند كسب الدعاوى يتبعونها بأخرى لإسقاط حضانة الأبناء عن الأمهات حتى لا يدفعوا لهن النفقات، بينما هم في واقع الأمر مطالبون بالنفقة على أبنائهم حتى لو كانت الحضانة لديهم.

وتابعت: وطالبت جهات الاختصاص بتطبيق آليات للتأكد من صحة دعاوى الضرر المقدمة من الأزواج، كونها تعتمد على حجج غير واقعية وتقديمهم دفوعاً تفيد بعدم توافر شروط الحضانة، ما يضيع حقوق الأبناء والزوجات.

بطلان الدعوى

فيما قالت مطلّقة -فضلت عدم نشر اسمها- أنها تزوجت قبل 9 أعوام، ورُزقت من زوجها طفلة تبلغ حالياً 6 أعوام، ثم طلّقها وأصبحت حاضنة لها، وحكم على مطلقها بأداء النفقة لها عن المحضون، وعن توفير مسكن شرعي لحضانته، وسداد أجرة حضانة لها.

وأشارت إلى أنه ونتيجة مماطلته عن دفع النفقة وعدم التزامه بالدفع الشهري المنتظم اضطرت إلى إقامة دعوى ضده بإلزامه بدفع النفقة، إلا أنها تفاجأت بأنه تقدم بدعوى تعرضه للضرر منها أثناء فترة زواجهما وقبل وقوع الانفصال بينهما، مدعياً فيها أنها ضربته في إحدى المرات داخل مطعم، مدعماً دليله بشهادة أشخاص مجهولين لا تعرفهم، وذلك بهدف بطلان الدعوى بأخرى حتى يحكم له بإسقاط حضانتها لابنتها.