ويروي المعنية الذي عمل في السلك الدبلوماسي لأكثر من 49 عاماً، لـ«الرؤية» اللحظات الغالية على قلبه والتي اعتبرها أغلى وسام شرف يناله حين رفع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في 2 ديسمبر عام 1972، بيده علم دولة الإمارات معلناً الحدث التاريخي العظيم وهو الإعلان عن اتحاد الإمارات، معتبراً أن هذا العلم أغلى وأثمن جوهرة صمّمها في حياته.
وقال عبدالله المعينة: «بدأت قصة تصميمي لعلم الإمارات حين قرأت إعلاناً في إحدى الصحف المحلية عن مسابقة لتصميم علم لدولة الإمارات التي سيعلن عن اتحادها قريباً، ووقتها لم يكن متبقياً سوى يومين على موعد تسليم النماذج المشاركة، لذا قررت أن تكون لي بصمة في صناعة تاريخ هذه الدولة الوليدة، عبر موهبتي البسيطة وخبرتي التي لا تتجاوز عامين في تصميم المجوهرات، فعملت على تصميم 6 نماذج لعلم الإمارات ووضعتُها في ألبوم خاص، بعد عمل متواصل لساعات عدة لم أنم ليلتها حتى طلوع الفجر، وفي ساعات الصباح الأولى توجهت فوراً إلى أحد مكاتب البريد وطلبت من الموظف أن يرسل الألبوم بالبريد العاجل للعنوان المرفق في الإعلان الخاص بالمسابقة».
وتابع: «علمت لاحقاً أن عدد النماذج المشاركة في المسابقة تزيد على ألف و30 نموذجاً، جميع مصمميها فنانون وكنت أصغر المشاركين إذ لم يتعدَّ عمري حينها 18 عاماً، في حين اختارت اللجان المعنية 6 تصاميم تأهلت للتصفية النهائية من ضمنها أحد النماذج الذي تقدمت به للمسابقة، والذي اختاره أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، ومن ثم اعتمده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد أن عرض عليه».
ويصف المعينة شعوره وهو ينتظر الإعلان عن نتيجة المسابقة قائلاً: «على الرغم من ترقبي الكشف عن نموذج العلم الذي تم اعتماده بلهفة، إلا أن حماسي وفرحتي الكبرى كانت مرتبطة بالإعلان عن اتحاد الإمارات»، وأضاف «حين شاهدتُ عبر شاشات التلفزيون الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» يرفع بيده علم الإمارات وهو النموذج الذي صممته، شعرت بسعادة غامرة وانطلقت أركض مسرعاً على قدميّ مسافة نصف ساعة باتجاه قصر المشرف في إمارة أبوظبي، وحين وصلت وقفت بجانب سور القصر أنظر بفخر واعتزاز للعلم وهو يرفرف على سارية القصر».
وتابع: «بقيت مترقباً الإعلان الرسمي عن نتيجة المسابقة ولم يهدأ لي بال إلا في اليوم الثاني عندما نشرت صورة العلم في الصحف المحلية، وبعد مرور مدة زمنية على إعلان اتحاد الإمارات أخبرني أحد أعضاء لجنة تحكيم المسابقة بأنه تم اختيار التصميم الذي قدمته ليكون علم الدولة، ونسّق يومها مع الجهات المعنية لتسليمي الجائزة وهي مبلغ مالي بلغت قيمته 4000 درهم إماراتي، إلا أنها لا تساوي قيمة اللحظة التاريخية التي رفع فيها المغفور له الشيخ زايد بيده علم الإمارات والتي أعتبرها أعلى وسام شرف نلته في حياتي، وكذلك فرحة والدتي التي أخذتني في حضنها بقوة وبكت فرحاً حين علمت بنتيجة المسابقة».
وقال المعينة «لأكثر من 49 عاماً عملت بها في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية، ظل هاجسي وهمي الشاغل في المؤتمرات والاجتماعات التي أشارك فيها أن يكون علم دولتي الإمارات متواجداً وأن يكون مرفوعاً في الوضع اللائق به باعتباره رمزاً للسيادة والاستقلال، وموطناً للفخر والاعتزاز، وأتذكر أثناء عملي دبلوماسياً في وزارة الخارجية وبإحدى لقاءاتي الإعلامية مع التلفزيون الكوري بمناسبة ذكرى اتحاد دولة الإمارات لا حظت أن علم دولتي لم يكن في وضعه الصحيح فاضطررت لأن أقطع المقابلة التلفزيونية وطلبت منهم تركيبه بالطريقة اللائقة به».
وحول دلالات ألوان علم الإمارات تحدث: «استندت في اختياري لألوان علم الإمارات على المعنى الضمني لبيت شعر لصفي الدين الحلي: «بيض صنائعنا، خضر مرابعنا، سود وقائعنا، حمر مواضينا»، فاللون الأبيض يرمز للخير والسلام والتسامح والإحسان والعطاء، أما اللون الأسود فيعبر عن الشموخ وقوة أبناء الإمارات وارتباطهم الوثيق بالأرض، بينما يعبر اللون الأخضر عن الشجرة المثمرة والبيئة المعطاءة وأيضاً عن النماء والازدهار، في حين يدل اللون الأحمر على الفداء والوطنية وتضحيات شهداء الوطن لحماية منجزاته ومكتسباته.
وقال المعينة: «حرصت في أي دولة تواجدت فيها بحكم عملي بالسلك الدبلوماسي لعقود عدة على شرح دلالات ألوان علم الإمارات للأجانب وبلغات عدة، فكانوا يبدون انبهارهم بالمعاني السامية التي يحملها علم دولة الإمارات، وكذلك حرصت على أن أغرس في نفوس أبنائي القيمة الجليلة للعلم كونه رمزاً سيادياً يمثل حضارة وكفاح وطن».
واستشهد بموقف يدل على اعتزاز أبنائه بأرشفة اسمه في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت بند مصمم علم هذه الدولة، حين طلبت المُدرسة من أحد أبنائه تقديم مشروع تخرج من مرحلة تعليمية، عمل على ملف خاص بعلم الإمارات بدءاً من تاريخ تصميمه ودلالات ألوانه وقيمته المعنوية العظيمة الراسخة في نفوس أبناء الوطن، ودعّم المشروع الخاص به بدوري في تصميم هذا العلم الغالي على نفوسنا جميعا.
ولفت إلى أن تخصيص يوم للعلم هو مناسبة عظيمة تدل على الولاء للوطن وتبرهن للعالم أجمع بأن كافة أفراد شعب الإمارات ملتفون حول القيادة الرشيدة ومستعدون لافتداء العلم بأرواحهم وكل ما يملكون من غال ونفيس.