وأوضح سموّه، أن المبادرة ستعمل مع المنظمات الدولية لاستصدار اعتماد أكاديمي لمناهجها. مضيفاً سموّه، في تغريدة على تويتر: «نبدأ تجريبياً هذا العام بـ20 ألف طالب، وهدفنا مليون طالب نظامي من الفئات المحرومة خلال 5 سنوات».
وأشار سموّه إلى أن «هناك فجوة علمية وتعليمية في عالمنا العربي، ولدينا ملايين الأطفال الذين يفقدون سنوات تعليمية بسبب الظروف الاقتصادية أو النزاعات، وإذا لم يتحرك أحد لعلاج هذه التحديات، ستأتي أجيال يقودها الجهل والتطرف بدل أن تقود أوطانها بنور العلم والمعرفة».
وتستهدف المبادرة بالدرجة الأولى الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة والأقل حظاً واللاجئين في المجتمعات العربية والعالم، حيث ستقدم المدرسة الرقمية، التي تستهدف أكثر من مليون طالب في السنوات الخمس الأولى، منهاجاً تعليمياً عصرياً، يستند إلى أحدث تقنيات الابتكار والذكاء الاصطناعي، بما يعزز من قدرات الطلاب على التعلّم الذاتي، واكتساب المعارف والمهارات في مختلف المجالات.
كما دشّن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «تحالف مستقبل التعليم الرقمي» من أجل حشد الخبرات التخصصية كافة في قطاع التعليم والتكنولوجيا، لدعم وتطوير التعلم الرقمي، والإشراف على تأسيس وتطوير المدرسة الرقمية.
وقال سموه: «هدفنا توفير أعلى جودة تعليمية بأفضل طريقة ممكنة لجميع الطلاب، خاصة في مناطق اللجوء والنزاعات والمجتمعات الأقل حظاً»، مؤكداً سموه أن: «التعليم الرقمي هو تعليم المستقبل ومستقبل التعليم، ونريد أن نكون في قلب التغيرات الجديدة في هذا المجال».
ولفت سموه إلى أن «التعليم الرقمي هو أقصر مسافة بين واقعنا التعليمي العربي وطموحاتنا المعرفية لأجيالنا العربية»، مضيفاً سموه: «دعمنا لبناء المنصات التعليمية هو استثمار في الإنسان ومعرفته ومستقبله».
وأشار سموه إلى أن «تحالف مستقبل التعليم الرقمي سيسهم في توحيد الجهود العالمية في مجال التعليم الرقمي لتحقيق تقدم حقيقي فيه».
جاء ذلك خلال احتفالية خاصة نظمتها مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في أبراج الإمارات بدبي، برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
وأعقب الاحتفالية، التي حضرها الأمين العام لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية محمد عبدالله القرقاوي، مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل مشروع المدرسة الرقمية وتحالف مستقبل التعليم الرقمي، بحضور عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية.
تعليم رقمي يوظف الذكاء الاصطناعي
توفر المدرسة الرقمية نموذجاً تعليمياً متقدماً يتجاوز المناهج الدراسية التقليدية، ويوظف الذكاء الاصطناعي من خلال توفير خطة تعليم شخصية ذكية لكل طالب وأنشطته وتفاعله، بناءً على أنظمة تحليل البيانات، وتخصيص عملية التعليم وفقاً لأداء ومهارات كل طالب على حدة، مع الاستفادة من المعلم الرقمي لدعم الطالب في خطته للتعليم ومتابعة تحصيله، إضافة إلى توفير آلية تقييم شامل 360 درجة، وبشكل مستمر ضمن مراحل التعليم.
وتتضمن مناهج المدرسة الرقمية دروساً وموادَّ تعليمية رقمية في الرياضيات، والعلوم، واللغة العربية، والحاسوب، واللغة الإنجليزية وغيرها، وستوفر جلسات الفصول الدراسية بطريقة افتراضية، تعتمد على التعلّم الذاتي والمحاكاة التفاعلية، والتعليم القائم على الألعاب، وجميعها مدعومة بأنظمة تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، بما يعزز بيئة الإبداع والابتكار، ويواكب أحدث الاتجاهات والأساليب التربوية والتعليمية في القرن الـ21.
تحالف مستقبل التعليم الرقمي
ويعد «تحالف مستقبل التعليم الرقمي» الذي دشّنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الأول من نوعه في المنطقة والعالم.
وإلى جانب دوره في دعم وتطوير التعليم الرقمي والإشراف على تأسيس المدرسة الرقمية، سيعمل التحالف على تمكين المدارس الرقمية من إطلاق أحدث المبادرات والابتكارات في مجال التعليم، وتطوير آليات وممارسات وتقنيات التعليم الرقمي، ووضع المعايير وأدلة العمل لمستقبل التعليم الرقمي وخدماته.
ويضم التحالف في عضويته مجلس المستشارين، وهم نخبة من المختصين في التعليم والتعليم الرقمي من جامعات عالمية مثل جامعة هارفارد، وجامعة ستانفورد، وجامعة نيويورك، ومعهد ماساتشوستس للتقنية MIT، إضافة إلى مستشارين من مؤسسات ومنظمات غير ربحية مثل تحالف mEducation. ويسهم هؤلاء المستشارون في وضع أسس المدرسة الرقمية، ورؤيتها، وأهدافها، واستراتيجيتها، إلى جانب تطوير الأفكار والرؤى.
الاستثمار في العنصر البشري
يأتي إطلاق المدرسة الرقمية في هذا الوقت بعدما أسهمت جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» في تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها التعليم اليوم، حيث تسبب الوباء العالمي في تعطل العملية التعليمية في كثير من البلدان، واضطرار بعض المنظومات التعليمية التقليدية إلى إلغاء الفصل أو العام الدراسي الحالي.
وتضاف المدرسة الرقمية، كمبادرة حيوية، إلى الجهود العالمية للمحافظة على استمرارية التعليم في جميع الظروف، وبمعزل عن تداعيات تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، خصوصاً وأن كثيراً من المجتمعات حول العالم تواجه تحديات على صعيد منظومات التعليم التقليدية والرقمية على حد سواء، وهو ما يتجلى في نقص الموارد والإمكانات وصعوبة الحصول على تعليم جيّد، بسبب قلة عدد المدارس، وارتفاع كلفة بنائها، والتناقص المستمر في عدد المعلمين، إلى جانب الصعوبة التي يواجهها ملايين الطلبة المحرومين أو اللاجئين الذين يعيشون في مناطق نائية أو معزولة في الوصول إلى المدارس، ما يؤثر سلباً في جودة التعليم ومخرجاته.
وتندرج المدرسة الرقمية تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ضمن محور نشر التعليم والمعرفة، الذي يشكل أحد أبرز قطاعات عمل المؤسسة في إطار رؤية تقوم على أهمية دعم العمل الثقافي والمعرفي، والارتقاء بالمنظومات التعليمية في الوطن العربي، وفي المجتمعات الأقل حظاً، من خلال عشرات البرامج والمشاريع والحملات التي تنفذها مختلف المؤسسات والمبادرات المنضوية تحت المؤسسة الأم.
وستسهم المدرسة الرقمية في تمكين الطلبة اللاجئين أو الأقل حظاً، وضمان توفير تعليم عالي الجودة، عبر توفير مواد دراسية وإثرائية رقمية توائم المناهج العربية والعالمية، وتتيح الفرصة للتفاعل بين المعلمين والطلاب عبر صفوف دراسية افتراضية، وتقدم في المستقبل شهادات معتمدة دولياً، تمكّن الطلاب من إكمال دراستهم الجامعية أو الحصول على وظائف في المؤسسات والشركات.
مرحلة تجريبية للأنظمة والمحتوى
ومن المقرر أن تبدأ المدرسة الرقمية عملها ضمن مرحلة تجريبية اعتباراً من شهر نوفمبر الجاري حتى شهر أغسطس 2021، في 4 دول عربية يعلن عنها لاحقاً، بهدف تجربة الأنظمة والمحتوى ومدى ملاءمتها لجميع الفئات المستهدفة في مختلف الصفوف الدراسية، ودراسة مدى تفاعل الطلاب واستجابتهم للمناهج المعتمدة، والاستفادة من الملاحظات في تطوير آليات عملها، وكذلك تطوير أنظمتها والمعايير المتعلقة باعتماد التعليم الرقمي.
وتستهدف المرحلة التجريبية 20 ألف طالب في تلك الدول، وبواقع 3 حصص دراسية أسبوعياً على مدار نحو 3 أشهر، وبعد انتهاء المرحلة التجريبية، سيتم الاستفادة من ملاحظات الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، وتعزيز عوامل القوة ومعالجة نقاط الضعف، على أن تبدأ المدرسة الرقمية باستقبال الدفعة الأولى من الطلاب في شهر سبتمبر من العام المقبل (العام الدراسي 2021-2022).
شهادات معتمدة دولياً
وسوف تعتمد المدرسة الرقمية آلية تقييم ذكية تساعد الطلاب على التعلّم الذاتي واكتساب المعارف والمهارات.
وفيما يتعلق بالشهادات الدراسية التي تعمل المدرسة الرقمية على منحها، فستكون معتمدة من أهم الجهات المختصة بالاعتماد الرقمي مثل «كوغنيا» Cognia، وهي منظمة غير ربحية، تعمل على تقييم واعتماد المدارس والشهادات في الولايات المتحدة وعلى المستوى الدولي. كذلك، ستعمل المدرسة الرقمية على التنسيق مع وزارات التربية والتعليم والمؤسسات ذات العلاقة لإيجاد نموذج اعتماد يدعم التعليم الرقمي ونظم التعليم المستقبلية.