الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

عقوبات على مستغلي الشهادات العلمية الوهمية وإن كانت لأغراض «الوجاهة»

عقوبات على مستغلي الشهادات العلمية الوهمية وإن كانت لأغراض «الوجاهة»
أكدت لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، أن مشروع القانون الاتحادي في شأن استغلال الشهادات العلمية الوهمية التي تنتهي غداً الاثنين من آخر جلسات مناقشاته، سيضع بنوداً تجرم الحصول على الشهادة العلمية الوهمية سواء استفاد منها صاحبها بالتوظيف في إحدى الجهات الحكومية والخاصة، أو حتى لم يستفد كالحاصلين عليها لأغراض «السمعة والوجاهة» والترويج لأنفسهم.

وقال رئيس اللجنة ناصر محمد اليماحي لـ «الرؤية» إن مشروع القانون يجرم كل شخص يحوز شهادة مزورة لتضليل الناس، والبنود ستسري بعد الاعتماد من المجلس الوطني الاتحادي ورفعها للحكومة لإقرارها إلا أن الحالات السابقة على القانون بعد صدوره تعالجها اللائحة الداخلية للوزارة المخولة بتنفيذ القانون.

وأضاف اليماحي: «لا يمكن تطبيق القانون بأثر رجعي على الحالات السابقة الحاصلة على شهادة علمية مزورة إلا أن هناك بدائل لمعاقبة من لجأ لتلك الأفعال حسب الإجراءات القانونية المتبعة»، لافتاً إلى أن مشروع القانون يحمل بنود للعقوبات خصصها للمستفيدين من الشهادات المزورة وأخرى للحاصلين على الشهادات لأغراض السمعة حتى إن لم يستفيدوا مادياً من تلك الشهادات.

وشدد اليماحي على أهمية مشروع القانون في التصدي لكل المخاطر التي تنبع نتيجة سعي البعض للحصول على شهادات علمية وهمية واستخدامها بشكل سيئ في مجالات العمل المختلفة والحصول من خلالها على وظائف في الجهات الحكومية والخاصة مما يضر بالمجتمع ويؤثر بشكل سلبي على قطاعاته، مضيفاً أن مشروع القانون سيسهم في الحفاظ على بيئات العمل المتنوعة من أي خلل قد ينشأ من محاولة البعض الحصول على شهادات علمية وهمية للتعيين وممارسة مهن بعيدة عن مؤهلاتهم.



الحبس أو الغرامة

ويعاقب مشروع القانون كل من جلب شهادات وهمية أو مزورة بعقوبات تتراوح ما بين الحبس أو الغرامة وفق مشروع القانون الجديد، حيث يفصل مشروع القانون حالات الشهادات المزورة والوهمية وعقوباتها سواء جلب شهادة مزورة والاستفادة من خلالها بالتوظيف، أو جلب شهادة علمية مزورة وعدم الاستفادة منها بالتوظيف، وجلب شهادات من جامعات وهمية، إضافة إلى التعامل مع الشهادات من جامعات غير معترف بها من وزارة التربية والتعليم.

من ناحيتها وفرت وزارة التربية والتعليم خيارين لتصديق الشهادات الجامعية أو المؤهلات الدراسية من خلال موقعها الإلكتروني أو تحميل تطبيق الوزارة على متاجر الأجهزة الإلكترونية الذكية.

وحسب الوزارة، لا يتطلب توثيق الشهادات سوى دقائق معدودة من خلال الدخول على التطبيق واختيار الخدمات الإلكترونية من خلال القائمة الرئيسية ثم اختيار بند التعليم العام من قائمة الخدمات واختيار بند تعليم عام وتصديقات ثم الانتقال إلى خدمة طلب تصديق شهادة دراسية وملء البيانات ثم استلام رسالة تفيد باستلام الطلب وأخرى بتصديقه.

وعلى الرغم من أن وزارة التربية والتعليم تنتهج خطوات دقيقة لمعادلة الشهادات في الدولة من خلال التأكد من صحة الشهادة عبر تبادل المعلومات مع دول العالم كافة واستخدام القنوات الدبلوماسية ومراسلة المؤسسات التعليمية بشكل مباشر حيث تعادل الوزارة نحو 15 ألف شهادة سنوياً منها 1% يتم رفضها لأسباب عدة منها أن تلك الشهادات وهمية، إلا أن مشروع القانون سيكون ناظماً بشكل كبيراً ومعالجاً لظاهرة تزوير الشهادات.

استرداد المستحقات المالية

من جانبه، قال المحامي والمستشار القانوني الدكتور عدنان الحمادي، إنه في حال اكتشفت إحدى المؤسسات وجود شهادة دراسية مزورة لموظف يعمل لديها، فيحق لها المطالبة بجميع الأموال المتعقلة، الرواتب والمكافآت التي استلمها طوال فترة عمله لديها، كما يحق لها المطالبة بتعويض مادي في حال تعرضت لأي ضرر سواء مادي أو معنوي نتجت عن أخطاء مهنية ارتكبها الموظف صاحب الشهادة المزورة، بشرط أن تثبت هذه المؤسسة أن الشهادة التي تقدم بها للعمل مزورة عبر حكم قانوني في حال رفض إرجاع الأموال بالتراضي، فبمجرد صدور الحكم الذي يؤكد أن الشهادة مزورة فعقد العمل لا تعد له أي قيمة قانونية.



فصل بدون إنذار

وأكد الباحث القانوني والمحامي خالد المازمي، من حق جهات العمل فصل الموظف بدون إنذار مسبق بعد اكتشافها أنه يعمل على درجة وظيفية بشهادة مزورة، دون منحه أي مستحقات مالية مثل نهاية الخدمة والمكافآت المالية وغيرها، لأن عقد العمل يعتبر غير ساري المفعول.

وأضاف: «كذلك يحق لجهة العمل التقدم ببلاغ جنائي ضد منتحل الصفة استناداً إلى المادة 251 من قانون العقوبات الاتحادية التي تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم كل من ارتدى علناً وبغير حق زياً رسمياً أو كسوة يخص بها القانون فئة من الناس، أو ارتدى كسوة خاصة برتبة أعلى من رتبته، أو حمل نيشاناً أو وساماً أو إشارة أو علامة لوظيفة، أو انتحل لقباً من الألقاب الشرفية أو الرسمية أو العلمية أو الجامعية المعترف بها رسمياً ورتبة عسكرية».



لجان متخصصة

وشدد مدرب التنمية البشرية سلطان كراني، على ضرورة تأكد الإدارات المعنية في المؤسسات والجهات من الشهادة الدراسية للمتقدمين للعمل قبل قبولهم، وذلك عبر التعاون مع لجان متخصصة في المجالات المهنية المختلفة بهدف إخضاع المتقدمين للوظيفة لسلسلة من الاختبارات كل في مجال تخصصه الدراسي، للتأكد من كفاءاتهم المهنية ومطابقتها مع التخصص الأكاديمي، وكذلك على إدارات الموارد البشرية بالمؤسسات اعتماد اختبارات لأسئلة ذكاء و المهارات قياس التخصصية لهؤلاء الأشخاص وتحديد مستوى تفاضل واضح بينهم يعتمد بالدرجة الأولى على الإلمام بالأدوات الأكاديمية للتخصص المسجل بالشهادة الدراسية.

وأشار إلى وجود تلاعب في الشهادات الدراسية يتمثل في شرائها من الكليات والجامعات التي تبيع شهادات معتمدة على بعض الأشخاص، عبر اكتفائها بتسجيلهم ضمن قاعدة بياناتها الإلكترونية ومن ثم تمنحهم شهادات معتمدة ومصدقة، مضيفاً "كما تبيع بعض المؤسسات والشركات الخاصة شهادات خبرة مهنية لبعض الأشخاص مدرج فيها عدد أعوام الخبرة التي يطلبونها لتسهل لهم الحصول على فرص عمل في شواغر جعلت من هذا الشرط إلزامياً للتوظيف.



ولفت إلى أن عمل الأشخاص بشهادات دراسية مزورة يتيح المجال لغير المستحقين لشغل وظائف ومناصب هم ليسوا مؤهلين لها، فتضيع الفرص على من هم أكفأ منهم، كما أن توظيفهم قد يتسبب بأخطاء إدارية فادحة ببيئة العمل، وفي إضرار بشرية لا سيما الذين يعملون في المهن الطبية وفي مجالات الوقاية والسلامة، ما يؤثر سلباً على سمعة جهة العمل.

علامات مائية

وذكر مدرب وخبير موارد بشرية كنعان حمد، أن التوظيف بشهادات دراسية مزورة أصبح أمراً يبعث على القلق لا سيما إذا كانت هذه الشهادات في مجال الطب، وتعطي المزورين فرصة العمل أطباء أو مساعدي أطباء أو ممرضين فإن الأمر يؤدي إلى إزهاق الأرواح عبر التشخيص الخاطئ أو صرف دواء غير متناسب مع الحالة الصحية للمريض ما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.

ولفت إلى أن كشف الشهادات المزورة ليس أمراً صعباً إذا تعاونت المؤسسات داخل الدولة في هذا الصدد، عبر إعداد قاعدة بيانات بأسماء الجامعات الوهمية وغير المعترف بها أو المدرجة على المواقع الإلكترونية فقط، لا سيما أن بعض الدول والجامعات تصدر شهادات الخريجين لديها بعلامات مائية يصعب تزويرها نهائياً.

وحدد الآليات التي يجب أن تعتمدها المؤسسات والهيئات سواء الحكومية أو الخاصة لكشف الشهادات الدراسية المزورة في إجراء مقابلة متعمقة في التخصص لمن يتقدم لأي وظيفة، وأيضا تخصيص لجنة لتصديق الشهادات ومعادلتها تتولى التأكد من صحة الشهادات عبر التواصل مع السفارات أو الاتصال مباشرة بالجامعة أو الكلية الصادرة عنها.

درجات علمية وهمية

وحسب مواقع متخصصة، فإن هناك أكثر من 2500 مؤسسة حول العالم تمنح درجات علمية وهمية وازدادت أعداد تلك المؤسسات بنسبة 50% خلال 5 أعوام فقط، حيث إنه في الولايات المتحدة الأمريكية فقط يتم إصدار 40 إلى 45 ألف شهادة دكتوراه حقيقية سنوياً وفي المقابل يتم إصدار أكثر من 50 ألف شهادة دكتوراه وهمية سنوياً، وتبلغ عائدات الشهادات المزورة نحو مليار دولار سنوياً، ويتم بيع أكثر من 200 ألف شهادة مزورة من مؤسسات غير معتمدة ووهمية.