السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

دراسة: السمنة تؤثر على معدلات الوفيات العالمية بسبب كورونا

دراسة: السمنة تؤثر على معدلات الوفيات العالمية بسبب كورونا

كشفت دراسة عالمية بارزة أجراها الاتحاد العالمي للسمنة لأول مرة عن وجود عامل مسبب لتفاوت معدلات الوفيات بين الدول، ما يدل على التأثير المهم لزيادة الوزن والسمنة على معدلات الوفيات العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد-19.

ومن خلال التحليل المنهجي لأحدث بيانات الوفيات الصادرة عن جامعة جونز هوبكنز والمرصد الصحي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية حول السمنة، أظهر التقرير أن 2.2 مليون حالة وفاة من أصل 2.5 مليون حالة وفاة حول العالم كانت في بلدان ذات مستويات عالية من السمنة.

وكان هناك الكثير من التكهنات حول التباين في معدلات الوفيات بين الدول الأسيوية والغربية، وكذلك بين البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان مرتفعة الدخل، لكن هذا التقرير يكشف للمرة الأولى القاسم المشترك بين الدول ذات معدلات الوفيات المنخفضة.

وأظهر مؤلف التقرير، د. تيم لوبستين - كبير مستشاري السياسات في الاتحاد العالمي للسمنة - أن معدلات الوفيات أعلى بعشر مرات في البلدان التي يعاني فيها أكثر من 50% من السكان من زيادة الوزن.

وكانت معدلات الوفيات الوطنية في البلدان التي يتجاوز فيها عدد السكان الذين يعانون زيادة في الوزن عتبة 50% أعلى بكثير.

وخلص التقرير إلى أنه لا يوجد مثال واحد على الصعيد الدولي لدولة ذات مستويات منخفضة من زيادة الوزن السكاني (أقل من 40% من السكان) ولديها معدلات وفيات عالية (أكثر من 10 لكل 100,000 من السكان)، بينما لا يوجد بلد فيها معدلات وفيات عالية (100+ لكل 100,000) وكان لديهم أقل من 50% من السكان يعانون من زيادة الوزن. على سبيل المثال، يوجد في فيتنام أدنى معدل وفيات في العالم وثاني أدنى مستويات لزيادة الوزن السكاني. أما المملكة المتحدة فلديها ثالث أعلى معدل وفيات في العالم ورابع أعلى معدل للسمنة.

فقد كان عامل العمر هو عامل التركيز السائد لتحليل مخاطر الاستشفاء والوفاة حتى الآن، لكن هذا التقرير يظهر لأول مرة أن السكان الذين يعانون من زيادة الوزن يأتون في المرتبة الثانية، فيما يتعلق بهذه المخاطر. ويوضح الباحث أن أي وزن زائد من المحتمل أن يؤثر على شدة الإصابة بفيروس كوفيد-19 لدى المريض.

ويكشف التقرير أيضاً أن التكاليف الاقتصادية الهائلة الناتجة عن عمليات الإغلاق لمنع اكتظاظ مرافق الخدمات الصحية كان من الممكن تخفيفها بشكل كبير لو عالجت الحكومات قضايا الوزن قبل انتشار الوباء: فمن أصل 28 تريليون دولار من الكلفة العالمية المتوقعة في الناتج الاقتصادي المفقود في جميع أنحاء العالم حتى عام 2025 وفقاً لصندوق النقد الدولي، سوف تعزى 6 تريليونات دولار بشكل مباشر إلى مشكلة السكان الذين يعانون من زيادة الوزن.[1]

ويُظهر التقرير أن السكان الذين يعانون من زيادة في الوزن هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي - ويوضح أن النتائج كانت أيضاً أسوأ بكثير للأشخاص الذين يعانون من السمنة أثناء وباء مُتلازمة الشرق الأوسط التنفُّسية (MERS) وإنفلونزا الطيور إتش1 إن1 - ما يبرز أهمية الاستثمار في استراتيجيات الصحة العامة والوقاية من السمنة وإدارتها لمنع الأوبئة في المستقبل والاستعداد لها.

يدعو الاتحاد العالمي للسمنة الحكومات إلى وضع الأشخاص المصابين بالسمنة على قائمة الانتظار ذات الأولوية للحصول على اللقاحات، واعتماد إطار عمل «روتس» (ROOTS) لمعالجة السمنة والذي تم تطويره من قبل لجنة من خبراء السمنة العالميين في العام الماضي. ويتضمن إطار عمل «روتس» التعرف إلى الأسباب الجذرية، ورصد بيانات السمنة، والاستثمار في جهود الوقاية من السمنة، وضمان الوصول إلى العلاجات الطبية واعتماد نهج قائم على النظم.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم: يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة جرس إنذار للحكومات في جميع أنحاء العالم. فالعلاقة بين السمنة ومعدلات الوفيات الناتجة عن كوفيد-19 واضحة للعيان ومثيرة للقلق. يعد الاستثمار في الصحة العامة والعمل الدولي المنسق لمعالجة الأسباب الجذرية للسمنة أحد أفضل الطرق لبناء المرونة في النظم الصحية بعد الجائحة لدى الدول: نحن نحث جميع البلدان على اغتنام هذه اللحظة للقيام بما ينبغي فعله.

وذكر السفير العالمي لمنظمة الصحة العالمية للأمراض غير السارية والإصابات مايكل آر. بلومبرج: يقدم لنا هذا التقرير التاريخي نظرة ثاقبة مهمة حول معدلات الوفيات المتباينة بشكل كبير بين الدول، ويوضح لماذا يجب أن تكون الإجراءات الحكومية لمعالجة مسألة السكان الذين يعانون من السمنة المفرطة والوزن الزائد إرثاً رئيسياً للكفاح ضد هذا الوباء. هذه فرصة لا تتكرر في العمر لمواجهة تحديات الصحة العامة عميقة الجذور مثل السمنة.

وقالت الرئيس التنفيذي للاتحاد العالمي للسمنة جوانا رالستون: «الشيخوخة أمر لا مفر منه، ولكن يمكننا تجنب الحالات التي تسهم في زيادة الوزن والسمنة إلى حد كبير إذا صعّدت الحكومات من جهودها وتضافرت جهودنا جميعًا للحد من تأثير هذا المرض».

بدوره، أكد مؤلف التقرير الدكتور تيم لوبستين: نحن نعلم الآن أن السكان الذين يعانون من زيادة في الوزن هم سكان غير أصحاء، والوباء القادم قد يحدث في أي لحظة. انظروا إلى دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية حيث لديها مستويات منخفضة جداً من وفيات كورونا، بالإضافة إلى مستويات منخفضة جداً من السمنة لدى البالغين. لقد أعطت هذه الدول الأولوية للصحة العامة عبر مجموعة من التدابير والإجراءات، بما في ذلك وزن السكان، وقد آتت تلك الجهود ثمارها في مواجهة الوباء. أما في دول مثل المملكة المتحدة، فتمثل زيادة الوزن وانخفاض مستويات النشاط البدني حوالي ثلث حالات العلاج في المستشفى للمصابين بكوفيد-19.

لقد أهملت الحكومات هذا الموضوع، وتجاهلت القيمة الاقتصادية لصحة السكان، ما عرّضها للخطر. على مدى العقد الماضي، فشلت تلك الحكومات في معالجة السمنة، على الرغم من وضع أهداف لها في اجتماعات الأمم المتحدة. لا يمكن اعتبار فيروس كوفيد-19 سوى أحدث عدوى تفاقمت حالتها بسبب مشاكل الوزن، لكن الإشارات التحذيرية كانت موجودة. لقد رأيناها في الماضي مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وإنفلونزا الطيور إتش1إن1، وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى.