الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

عصابات تُدير سوقاً سوداء «أونلاين» لتشغيل الخادمات قبل شهر رمضان

عصابات تُدير سوقاً سوداء «أونلاين» لتشغيل الخادمات قبل شهر رمضان

(أرشيفية).

بدأت عصابات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي استغلال قرب شهر رمضان المبارك، بإتاحة سوق سوداء لتشغيل مساعدات منزليات هاربات من بيوت كفلائهن، نتيجة زيادة طلب الأسر على هذه العمالة.

وشكا أصحاب مكاتب استقدام عمالة منزلية في الدولة من هذه الممارسات، مؤكدين أن وراء هذه السوق المخالفة شبكات منظمة من العصابات تعمل على استقطاب خادمات مقيمات في الدولة، يتطلعن للحصول على راتب أعلى، فيحرضونهن على الهروب من بيوت كفلائهن، واعدين إياهن بالحصول على عمل بالنظام «المؤقت» مقابل مبالغ تزيد أضعاف المرات على الراتب الذي يتقاضينه.

وأضافوا أن رواتب تلك الخادمات وصلت إلى 4000 درهم ومبالغ التأمين تصل إلى 2000 درهم وتزيد على هذه القيمة بحسب ما يحدده أصحاب الإعلان.


من جانبها، ذكرت شرطة الشارقة أنه هناك شبكات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي تديرها عصابات من جنسيات مختلفة توفر مساكن جماعية لإيواء العاملات الهاربات من بيوت مخدوميهن، بعد تشجيعهن على ترك العمل لديهم، مؤكدة أن التعامل معهم يوقع المخالفين تحت طائلة المساءلة القانونية.


رواتب أكبر



وقال مدير مكتب لاستقدام الأيدي العاملة، قيصر الفاعوري إن هناك إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي تعلن عن توفير مساعدات منزليات من ذوات الخبرة في الطبخ والتنظيف والغسيل وتربية الأطفال، يعملن بالنظام الشهري المؤقت في البيوت وفقاً للمدة التي تحددها الأسر، بشرط أن يدفع صاحب الطلب للمعلن مبلغ تأمين لا يقل عن 2000 درهم بالإضافة إلى الراتب الشهري الذي يحدد وفقاً لمدة الخبرة ولجنسية المساعدة المنزلية، فالجنسيتان الفلبينية والإندونيسية، عادة لا تقل رواتبهن عن 3000 درهم شهرياً، بينما تصل رواتب المساعدات المنزليات من الجنسيات الأفريقية إلى 1700 درهم، وتزيد هذه القيم وفقاً للحاجة إليهن.

ولفت إلى وجود شبكات تصطاد الخادمات عبر «سوشيال ميديا» وتساعدهن على الهرب من منازل كفلائهن بهدف العمل لدى الغير، إذ تردنا شكاوى عدة من متعاملين تفيد بهروب الخادمات من منازلهم بعد عمل إقامات لهن، لنكتشف بعد ضبطهن من الجهات الأمنية أن أشخاصاً تولوا استدراجهن وحثهن على الهروب من بيوت كفلائهن، واعدين إياهن بفرص عمل أفضل وبرواتب أكبر".

العمل المؤقت

وذكر صاحب أحد مكاتب استقدام الأيدي العاملة ناصر سنجق أن وجود سوق سوداء لتشغيل العمالة المنزلية بشكل مؤقت لدى العوائل، بدأت تنشط مع اقتراب شهر رمضان، لزيادة تنافس الأسر على تحضير الوجبات الغذائية خلال الشهر الفضيل، موضحاً أن هذه السوق يديرها سماسرة مخالفون في هذا المجال، ويعملون على استقطاب خادمات مقيمات في الدولة، يتطلعن للحصول على راتب أعلى، ويحرضونهن على الهروب من بيوت كفلائهن، مقابل حصولهم على مبلغ تأمين عند كل فرصة عملة يوفرونها لكل خادمة، بالإضافة إلى حصولهم على نسبة لا تقل عن 30% من رواتبهن الشهرية، وتقبل الأسر على طلب هذه العمالة لقلة الأعداد المتوافرة بمكاتب الاستقدام ومحدودية الجنسيات التي أضحت تقتصر على الدول الأفريقية، نتيجة الظروف الراهنة التي فرضتها أزمة «كورونا».

وقال: «لاحظنا أخيراً ظهور إعلانات عدة يؤكد أصحابها توفير خادمات للعمل بالنظام الشهري المؤقت، أما قيمة الرواتب فهي غير ثابتة، إذ تزيد مع اقتراب شهر رمضان، والأولوية لمن يدفع القيمة الأكبر التي قد تصل إلى 3500 درهم، ما يؤثر سلباً على الدخل المادي لمكاتب الاستقدام التي تتطلع لتحسين أرباحها بعد إعلان وزارة الموارد البشرية والتوطين عن بدء استقدام العمالة المساعدة من الفلبين إلى الدولة اعتباراً من أبريل المقبل».

زيادة الطلب



وأكدت مديرة أحد مكاتب استقدام العمالة المساعدة آسيا زمردي: «وردتني شكوى من أحد المتعاملين الذي قدمنا له أرواق خادمتين من جنسية آسيوية للعمل لدى أسرته، إلا أنهما هربتا بمساعدة أشخاص مجهولين بعد أشهر قليلة من استقدامها، ما دفعنا للتقدم ببلاغ لدى جهات الاختصاص بالدولة ليتبين لنا بعد عمل تعميم لهما وإلقاء القبض عليها أنه هروبهما من منزل الكفيل كان بمساعدة أحد الأشخاص الذي وعدهما بتوفير عمل لهما بضعف راتبهما، موضحة أن دور مكاتب الاستقدام ينتهي عند تسليم الخادمة للكفيل وبعد انتهاء مدة الضمان المتفق عليها من الطرفين، والتي تضمن له استلام كامل قيمة المبلغ في حال هروب الخادمة أو عند رفضها العمل».

وأضافت: «تزداد حالات هروب الخادمات من منازل كفلائهن قبل شهر رمضان رغبة بالعمل لدى عوائل أخرى بأجور أكبر، ويسهل آسيويون عمليات هروبهن ويعملون على إيوائهن وتشغيلهن لدى الغير بالنظام الشهري مقابل حصولهم على نسبة من الرواتب التي يتقاضينها، وهذه الظاهرة زادت قبل نحو شهر بشكل مبالغ فيه تزامناً مع نشر إعلانات توفير مساعدات منزليات ذوات خبرة برواتب تصل قيمتها بالسوق السوداء إلى 4000 درهم شهرياً، استغلالاً للظروف الراهنة التي فرضت زيادة الطلب وقلة العرض».

كلفة الاستقدام

وقالت عبير الضباح (ربة أسرة) إن كلفة الاستقدام الباهظة التي تحددها مكاتب جلب الأيدي العاملة، يصل مجموعها إلى 25 ألف لجنسيتي الفلبين وإندونيسيا و15 ألف درهم للجنسيات الأخرى، ما دفع ببعض الأسر للتعامل مع أصحاب الإعلانات الذين يوفرون خادمات مدربات على تدبير شؤون المنزل مثل الطبخ والتنظيف بالإضافة إلى تربية الأطفال للعمل بالنظام المؤقت الذي قد يمتد لأعوام دون الحاجة إلى عمل إقامة ودفع الرسوم الخاصة بها وكلفة الاستقدام، ما يوفر على الأسر مبالغ مالية كبيرة، متغاضين عن قيمة الرواتب العالية.

منح الأولوية

وأيدها في الرأي شخص، فضل عدم ذكر اسمه، أشار إلى أنه مع اقتراب شهر رمضان وحاجة أسرته إلى مساعدة منزلية إضافية، تم التواصل مع رقم الهاتف المسجل بأحد الإعلانات في «إنستغرام» لسيدة آسيوية الجنسية، وفرت له خادمة من جنسية أفريقية «مؤقتة» براتب 3000 درهم شهرياً بشرط دفع ضمان 1500 درهم لا يسترد بعد مرور شهرين على عمل الخادمة لديه، مؤكداً أن القيمة المبالغ فيها التي تحددها المكاتب ذات الاختصاص ومراكز تدبير لاستقدام العمالة المنزلية دفع الكثيرين للتعامل مع أشخاص غير نظاميين يوفرون الخادمات الهاربات ويستغلون شهر رمضان للتفاوض ومنح الأولوية لمن يدفع راتباً أكبر للخادمات.

التأكد من البيانات

وقال المحامي سيف الشامسي: «في حال ضبط أشخاص أو أسر تؤوي خادمات هاربات من ذويهن يتم تغريمهم وفقاً للقانون 50 ألف درهم، منها 5 آلاف درهم تعويضاً لكفيلها السابق الذي هربت منه، الذي يغرم أيضاً مبلغ 50 ألف درهم في حال لم يسجل تعميماً وإلغاء إقامة الخادمة بعد هروبها من منزله»، مشيراً إلى وجود أشخاص يوافقون على عمل الخادمات المؤقتات لديهم دون التأكد من بياناتهن أو أوراقهن الرسمية، ما يؤدي لصعوبة ضبطهن عند ارتكابهن لجرائم سرقة أو اعتداء أو غيرها.

مساءلة قانونية

وحذرت شرطة الشارقة أفراد المجتمع من التعامل مع أشخاص يوفرون المساعدات المنزليات للعمل بالنظام المؤقت وبطريقة غير نظامية، ما يوقعهم تحت طائلة المساءلة القانونية، لافتة إلى وجود شبكات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي تديرها عصابات من جنسيات مختلفة يوفرون مساكن جماعية لإيواء العاملات الهاربات من بيوت مخدوميهن، بعد تشجيعهن على ترك العمل لديهم، واعدين إياهن بالحصول على عمل مقابل مبالغ تزيد أضعاف المرات على الراتب الذي يتقاضينه.

وأشارت «وفق الحالات التي تم التحقيق فيها، تبين أن هؤلاء الأشخاص يتخذون من حسابات التواصل الاجتماعي منصات لنشر إعلاناتهم الخاصة بتوفير خادمات للعمل بالنظام المؤقت الشهري أو الأسبوعي بأجور كبيرة يحصلون هم على نسبة منها، مستغلين محدودية الجنسيات المتوافرة حالياً لدى مكاتب الاستقدام، أما الاتفاق على أجر الخادمة فيحدد وفقاً لخبرتها ومهامها التي تتنوع بين طباخة ومدبرة منزل ومربية أطفال، وعادة يجري التفاوض للاتفاق مع من يدفع راتباً أكبر، وفي حال رفضهن الاستمرار في العمل وفق النظام المتبع يقومون بابتزازهن كونهن مخالفات لقانون العمل والإقامة».

وناشدت الشرطة أصحاب المنازل اتخاذ تدابير وقائية، لحماية أنفسهم وأسرهم من هذه الجرائم، من خلال عدم التعامل مع الخدم الذين يعملون بالدوام الجزئي، وإحكام الرقابة على سلوكيات الخدم، وكذلك التأكد من هوية ومشروعية عمل الأشخاص الذين يتعاملون معهم لجلب خادمات مؤقتات.