الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الانفعال في شهر رمضان.. تصرف مُبرر أم حجة واهية؟

الانفعال في شهر رمضان.. تصرف مُبرر أم حجة واهية؟
انقسمت آراء شباب مواطنين ومقيمين حول الانفعال الزائد خلال شهر رمضان فمنهم من رأى أن الصوم يهذّب الأخلاق ويضبط الأعصاب لكون هذا الشهر فرصة ذهبية لتدريب الذات على الصبر ومحاسبة النفس والإقلاع عن العادات السيئة ومنها الغضب الذي يشحن النفوس ويوتر الأجواء الأمر الذي لا يتناسب مع شهر التراحم والخير والمحبة، أما الطرف الآخر فرأى أن الانفعال أمر طبيعي نظراً للامتناع عن الأكل والشرب والكافيين (من تدخين وقهوة) وما ينتج عن ذلك من عدم التحكم في الأعصاب.

جوهر الصيام

وقال المخترع محمد العامري: في الحقيقة أنا ضد العصبية خلال فترة الصيام، حيث إن الكثير من الناس يصابون بتعكّر المزاج وزيادة التوتر والعصبية، ويكونون أكثر انفعالاً، ويرجع ذلك لتغير بعض الممارسات التي اعتادوا عليها قبل شهر رمضان الكريم.

وأعتقد أن أبرز الأسباب خلف تلك العصبية تكمن في نقص كمية الكافيين لمدمني القهوة، ونقص مادة «الأندر وفين» و«النيكوتين» للمدخنين، أيضاً نقص الأوكسجين والسكريات في الدم كلها أسباب تحدث للصائمين.



وأردف: لكن يجب الحد من هذه الصفة المزعجة، وذلك من خلال التمعن في جوهر الصوم والغاية منه، والتركيز على استغلال الشهر في الخير والطاعة، وأداء جلسات التنفس من خلال الشهيق والزفير، كما يجب التفكر في أن الصيام لا تقتصر إيجابياته على الصحة البدنية فقط، بل يستهدف الحالة النفسية، فخلال شهر رمضان، يتأمل الصائم معنى الحياة، الأمر الذي يجعله أكثر تصالحاً مع النفس التي تقوده إلى الشعور بالراحة والطمأنينة.

وذكر العامري أنه يسعى جاهداً إلى ألّا يفقد أعصابه طوال شهر رمضان، حيث إن نتائج العصبية مؤذية ومؤثرة على نطاق الحياة بشكل عام والعمل بشكل خاص، والأسرة وتخلق فقاعة سلبية مليئة بالشحنات حول الشخص العصبي.

ضبط الأعصاب

وأكد مسؤول التواصل الرقمي في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الإماراتي ياسر بن محمد أن شهر رمضان فرصة ذهبية لتهذيب الذات ومحاسبة النفس والإقلاع عن العادات السيئة أياً كانت، وعلينا أن نتذكر دائماً أن الغضب والانفعال يشحن النفوس ويوتر الأجواء وهذا لا يتناسب مع شهر التراحم والمحبة.

وأضاف: حتى إذا تعرض الإنسان لموقف صعب أو تأخير في بعض المعاملات أو مضايقة من شخص آخر، فعليه أن يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر ويجعل صومه ضابطاً لأعصابه وتصرفاته لا مبرراً للانفعال وفقدان السيطرة على الأفعال والأقوال.



إجازة في رمضان

وقال الكاتب أحمد الدرمكي إنه ضد العصبية طوال شهر رمضان الكريم لما ينتج عنها من خسائر في كافة مجالات ونواحي الحياة، سواء عند إنجاز المعاملات وتقديم الشكاوى وحتى القيادة على الطرقات والتهور الملحوظ الذي ينشط نهاراً خلال فترة الصيام تحت مسمى العصبية التي ليس لها أي مبرر.

وأشار إلى أن لديه العديد من أصدقائه المدخنين ومدمني القهوة ينسقون مع جهات عملهم للحصول على إجازة طوال شهر رمضان الكريم لتفادي انفلات الأعصاب حيث أن أغلب مهنهم تكمن في التعامل مع الجمهور طوال الوقت.

وأوضح أنه يحرص على أن يكون بشوشاً ضاحكاً في وجه الأشخاص الذين يتعامل معهم خلال شهر رمضان، كمبادرة منه للحفاظ على صيام الآخرين ودفعهم نحو التحكم بأعصابهم.



نقص النيكوتين

من جهته، رأى الموظف عبدالله محمد البلوشي أن العصبية خلال فترة الصيام مبررة ولها عدة دوافع من الناحية الطبية حيث إن المدخنين على سبيل المثال يفتقدون مادة النيكوتين في الدم الأمر الذي ينتج عنه فقدهم لأعصابهم على أتفه الأسباب.



ووافقه الرأي الموظف هيثم أنور طاهر، فقال: اعتدت منذ نحو20 عاماً أن أبدأ يومي بكوب من القهوة يساعدني على الاسترخاء ويمنحني التركيز المطلوب لمباشرة عملي ولكني خلال فترة الصيام لا أستطيع أن أتناوله الأمر الذي يتسبب لي في خلل رهيب يجعلني أفقد أعصابي بدون مبررات.

وأوضح أنه كل عام يحاول أن يتعلم من أخطائه وأن يتفادى هذا العيب بشخصيته، وذلك عبر الامتناع عن القهوة قبل رمضان بعدة أيام ليتعود على ذلك خلال ساعات العمل وممارسة يومه في الحياة العملية بشكل طبيعي.



تعلم الدروس

وقال الموظف إيهاب سالم إن وظيفته تتطلب منه القيادة لفترات طويلة خلال وقت الصوم في شهر رمضان، وبما أنه مدخن قديم يواجه صعوبات بالغة في تمالك أعصابه خلال تلك الفترة.

وسرد العديد من القصص حول تعريض حياته وحياة الآخرين للخطر بسبب العصبية في القيادة، مشيراً إلى أنه تعلم من ذلك عدة دروس وجاري تطبيقها خلال رمضان لهذا العام إلا وهي تمالك الأعصاب والسير بسلامة.



أسباب للعصبية

بدوره، ذكر الأخصائي النفسي الدكتور ناصر الريامي أن العصبية في شهر رمضان مردها الجوع نفسه الذي قد يعكر المزاج ويسبب انفعالية في التفكير والعاطفة والتي تنعكس في السلوك، وانخفاض السكر في الدم وهي ظاهرة قد تصاحبها أعراض مزعجة مثل التعب، وكذلك أعراض الانسحاب عن التدخين والتي تسبب توتراً وقلقاً عصبياً وفكرياً.

وأردف: توجد أسباب علمية للظاهرة السلوكية إلا أن ذلك لا يُعفي الصائم عن واجب تمالك نفسه وتهذيبها، وإن كانت مبرراً فهي مبرر يلتمسها صائم لأخيه الصائم ولا يكون مبرراً لسلوك الصائم نفسه.