الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

عبدالله بن زايد يشهد محاضرة مجلس محمد بن زايد الرابعة «التعلم والبحث مدى الحياة»

عبدالله بن زايد يشهد محاضرة مجلس محمد بن زايد الرابعة «التعلم والبحث مدى الحياة»
شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي المحاضرة الرمضانية الرابعة لمجلس محمد بن زايد، التي عقدت عن بعد، تحت عنوان «التعلم والبحث مدى الحياة: مفتاح إمكاناتنا وطاقاتنا المستقبلية».

وسلطت المحاضرة الضوء على أهمية ترسيخ ثقافة التعلم المستمر لدى الأفراد والمجتمعات والشغف في اكتساب المعرفة خلال رحلة الحياة، لما له من دور محوري في تقدم المجتمع.

شارك في الجلسة الضيوف كل من وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة سارة بنت يوسف الأميري، والرئيس الفخري السابق لجامعة نيويورك الدكتور جون سيكستون، ومؤسس شركة «برودكاسترز» للإنتاج التلفزيوني الفنلندية ومالك ومؤسس مؤسسة «هندريد» والمدير الإبداعي للمؤسسة ساكو تومينن، ومدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» في مركز محمد بن راشد للفضاء المهندس عمران شرف.

ورحب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بالمشاركين في الجلسة وهنأهم بشهر رمضان الكريم، متمنياً أن يجعل الله تعالى هذه الأيام المباركة خيراً على العالم أجمع.

وقال سموه: «إن موضوع التعليم هام، وله أبعاد بالنسبة للجميع، أفراداً ومجتمعاً وأولياء أمور ومسؤولين، ونحن متشوقون للاستماع إلى تجاربكم فكل منكم يأتي بتجربة حياتية طويلة متنوعة في غاية الأهمية».

وأشار سموه إلى أن «التعليم لم يعد ضرورة للحصول على عمل أو مهارة فقط، لكن للحصول على حياة متنوعة محفزة تسهم من معرفتنا لبعضنا البعض ولمجتمعاتنا وتزيد شغفنا بالمعرفة»، مضيفاً سموه «أتمنى لكم حياة موفقة وأن تكونوا محفزين لكل مستمع في مجلس محمد بن زايد».

المداخلة الأولى

وفي مداخلة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع الدكتور جون سيكستون، قال سموه: «أنت من الشركاء والأصدقاء القدامى لدولة الإمارات، وقد سررت بلقائك في العديد من المناسبات.. نريد أن نعرف منك كيف يمكننا تشجيع الآخرين على إيجاد الشغف والتعلم مدى الحياة»؟



ورد سيكستون: «إن صورة الشيخ زايد التي شاهدتها في أحد المعارض وهي تحمل عبارة (إن مستقبل دولتنا يتعلق بتعليم مواطنينا) ألهمتني»، مضيفاً: لقد تعلمت مدى عمق تعامل سموكم وأخوتكم، خاصة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع هذه المقولة على محمل الجد.



وأضاف أن الشغف سمة متميزة في هذا البلد الذي أحبه، وفي أبوظبي خاصة، حيث إن هذا الشغف بمستقبل عالم متحّد ومتكاتف هو انعكاس لحال المدينة نفسها، قائلاً: «عندما نتحدث عن التعلم مدى الحياة، علينا أن نفكر فيه بطريقتين: طريقة نتطلع خلالها إلى الخارج وهي عملية للغاية تتطلب العمل بشكل إيجابي في عالم دائم التغير، ثم هناك طريقة أخرى نتطلع فيها إلى الداخل، وهي طريقة شخصية تتعلق بكيفية بناء حياة مليئة بالبهجة والإنجاز لأنفسنا».

وأشار إلى أن الجمع بين هاتين الطريقتين يُكسب المرء ميزة إضافية في حياته كما يمكّنه من الإسهام في حياة الآخرين وتحقيق المنفعة للمجتمع في الوقت نفسه.

وأضاف أننا نبدأ في بناء الشغف في حياتنا بالطريقة التي يفكر بها الرياضيون العظماء، وذلك من خلال بناء ذاكرة جبارة كما يحدث عندما يبدأ الطفل الصغير في التعلم، لذلك علينا أن نبدأ من هناك، ثم يجب أن ينعكس ذلك في سياساتنا العامة، إذ لا بد من توافر تعليم جيد في مرحلة الطفولة المبكرة، والمرحلة الابتدائية، ثم لاحقاً في الأنشطة اللاصفية للأطفال، ولا سيما تلك التي تعزز الإبداع، ثم الاقتداء بالقادة الذين لديهم أكثر جداول الأعمال ازدحاماً في العالم، من خلال ذلك نتعلم نمذجة السلوك الجيد حيث إن كل هذا يبني ذاكرة جبارة.

المداخلة الثانية

وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مداخلته مع البروفيسور جون سيكستون في سؤال كيف يمكننا في دولة الإمارات أن نجعل الناس أكثر اهتماماً وأكثر نشاطاً للتعليم؟



ورد سيكستون: «سأجيب من خلال المقارنة مع بلدي، الولايات المتحدة، التي شاركتُ بشكل فاعل في استمرارية التعليم فيها، حيث لم يتمكن العديد من الطلاب الفقراء خلال أزمة كوفيد من المشاركة لأنهم لا يملكون متطلبات التعلم من المنزل مثل الاتصال بالإنترنت وجهاز الكمبيوتر والمساحة المخصصة للدراسة».

وأضاف سيكستون: أعتقد أن ما ينقص بلدي هو تدخّل الحكومة وتوفير الفرص للجميع، لأنه إذا كان لديك الكثير من الشغف ولا يمكنك ممارسته فلن تستطيع التقدم إلى الأمام، وأعتقد أن دولة الإمارات تمتلك القدرة على ذلك، فلديها قيادة عظيمة وموارد ضخمة، يمكنها أن تضمن وصول الجميع إلى الموارد، ثم تحفزهم على بذل كل ما في وسعهم وتحقيق طاقاتهم الكامنة.

وشدد سيكستون على أهمية أن يكون لدينا متطوعون ومعلمون مستعدون للعمل من أجل الأطفال، إضافة إلى أنشطة محلية تجذب الأطفال من خلال برامج غير رسمية، ثم يبدؤون في تعليمهم بشكل غير مباشر، سواء كان ذلك من خلال لعب كرة القدم أو الموسيقى أو التصوير الفوتوغرافي وغيره، مشيراً إلى أن دولة الإمارات اتجهت نحو رعاية مخيمات اللاجئين في العديد من الدول، حيث الناس تفتقر إلى الأمل، وشرعت في تنفيذ برامج ومبادرات هناك، وفجأة أصبحنا نرى الأمل في عيون الأطفال، وكان من السهل جعلهم يعودون إلى الدراسة.

المداخلة الثالثة

وفي مداخلة مع سارة الأميري، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد: «إن سيرتك المهنية والحياة التي عشتِها في دولة الإمارات والخارج منحتكِ الكثير من الخبرة.. أود أن أسمع آراءك، إذا كنتِ ترغبين في أن تضيفي شيئاً إلى ما قاله الدكتور سيكستون».



وردت الأميري: "إن الشغف يولد معنا داخل الأسرة، فنكتسب تلك القدرة على التعلم والربط بين التعليم والفضول العلمي حيال جميع التجارب التي تحدث حولنا، وهذا هو أساس التعلم مدى الحياة".

وأضافت: «لقد حظيتُ بفرص عظيمة من خلال العمل على برنامج كان بمثابة حلم، بفضل قيادة قادرة دائماً على خلق رؤى ذات طبيعة تحويلية ومليئة بالتحديات في الوقت نفسه، مكنتنا من استثمار الشغف الذي نمتلكه والاستفادة من الفرصة المتاحة لنكون مشاركين أساسيين في مسيرة البناء».

وقالت: «إنه كلما تعلمت مزيداً عن الفضاء، ورأيت كواكب أكثر، وعرفت أكثر عن المجرات، أدركت مدى صغر كوكبنا وصغر نظام الكوكب المعقد الذي نعيش عليه، وهذا يعطينا فكرة عما يعنيه أن نترك بصمة في العالم الوحيد الذي نعرفه والعالم الوحيد الذي توجد به حياة على حد علمنا».

المداخلة الرابعة

وخلال مداخلة مع ساكو تومينن، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان من خلال خبرتك في وسائل الإعلام وفي الأعمال التجارية وفي مجال الابتكار، كيف ترى إمكانية خروج العالم من هذه الجائحة بسرعة؟ وكيف يمكننا أن نترجم ذلك من خلال إظهار المزيد من الاهتمام ببناء العديد من العلماء الآخرين من أمثال سارة في الإمارات، وحول العالم، خاصة العالم العربي، في وقت يعاني فيه الناس من الأوبئة ونقص الفرص في هذا الجزء من العالم؟

وأجاب ساكو تومينن: إن الغرض الأساسي من التعليم هو إعداد الإنسان للمشاركة في الحياة ومن الآن فصاعداً، سيكون الكثير من الأشياء غير مؤكد في حياتنا، فكل ما حدث في الأشهر الـ12 - 18 الماضية يمثل تحدياً هائلاً وسيكون من المثير للاهتمام أن نراقب كيف ستواجه الأنظمة البيئية التعليمية عامة هذا التحدي.

وأضاف تومينن: في فنلندا، اعتبرت الكثير من المدارس ذلك فرصة رائعة لتعليم أشياء عن الصحة والعقلية والابتكار والتعاطف وأعتقد أن هناك تحديات في النظام البيئي التعليمي على مستوى العالم في الوقت الحالي من حيث ظهور الابتكارات الجديدة ونجاحها أو فشلها.

ورأى ساكو تومينن أن التحديات الراهنة تمثل فرصة لإنشاء نسخة جديدة من التعليم والتي ستثبت الأيام أنها ذات قيمة كبيرة في المستقبل.

المداخلة الخامس

وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: إن بعض الآباء بيننا واجهوا نوعاً مختلفاً من التحدي مع أطفالهم خلال جائحة كورونا تمثل بالتساؤل: كيف يمكننا أن نكون آباء أفضل؟ وكيف يمكننا استثمار هذا التحدي لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل؟

فأوضح ساكو تومينن أن الأطفال يتعلمون من والديهم، لذلك إذا كنت تريد أن تدرس العقول القابلة للنمو (عقلية النمو)، فمن الضروري أن نتمتع نحن الآباء بعقلية ناضجة أيضاً وأن يكون لدينا أمل عملي، وهذا يعني أنه يجب ألا نعتقد أنه لن تكون هناك مشاكل في المستقبل، بل سنواجه عدداً من التحديات في المستقبل ولكن يمكننا إيجاد طريقة للتعامل معها، مضيفاً بالنسبة لكوننا آباء فيجب أن نكون إيجابيين ومتفائلين وأن ننقل هذا النهج إلى الجيل القادم.

المداخلة السادسة

وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: «إذاً هل يجب أن نتشارك بأفكارنا وخبراتنا مع الأطفال أم لا؟ وما هي الحدود لمثل هذا الأمر؟».

ورد ساكو تومينن: إنه يجب أن نثق بالأطفال ونشرح لهم كل شيء ونوضح لهم أنه ليس بالأمر السيئ أن نواجه تحديات أو مشاكل في الحياة، لكن يجب أن نتعامل معها تعاملاً فعالاً، وبغض النظر عما سيحدث في المستقبل، فإن لدي المهارات اللازمة لحل المشكلات.

المداخلة السابعة

وفي مداخلة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع عمران شرف قال سموه: «نحن فخورون جداً بك وبفريقك وبما أنجزتموه، إنه يمثل تحدياً خلال الأوقات العادية، فما بالك أثناء فترة الحظر.. كيف تمكنت من توظيف ما عرفته وما تتعلمه على طول الطريق لجعل مهمتك أكثر نجاحاً؟».



ورد شرف: إن المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق لقد كان التعلم والتعليم الأساس لمواجهة هذا التحدي، مشيراً إلى أن ما يقرب من 90% من أعضاء فريق بعثة الإمارات لاستكشاف المريخ كانوا من خريجي المدارس والجامعات في دولة الإمارات.

وأضاف شرف: عندما التقيت بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لأول مرة لمناقشة المهمة قال: «لا تبدؤوا من الصفر بل تعلموا من الآخرين.. لا تشتروا المركبة الفضائية بل ابنوها».. لذلك كان النهج من اليوم الأول مختلفاً تماماً عن نهج البلدان الأخرى فيما يتعلق باستكشاف الفضاء.

وذكر عمران شرف أن ثقافة دولة الإمارات تتمحور حول مواجهة التحديات، فكل تحدٍ نواجهه نحوله إلى فرصة، كما أن نهج المخاطرة في مواجهة التحديات هو ما جعلنا قادرين على تنفيذ المهمة على الرغم من الحظر والتحديات التي كان علينا مواجهتها في إطار زمني قصير جداً وهو 6 سنوات بدلاً من 10 - 12 عاماً كما تفعل الدول الأخرى.

المداخلة الثامنة

وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد في مداخلة مع الدكتور سيكستون، قائلاً: «فيما يتعلق بما ذكره عمران من حيث استخدام الفضاء لتحفيز جيل كامل، وبالعودة إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي نجد أن بعض الدول مرت بذلك ولكن حافزها أصبح ضعيفاً بمرور الزمن، فهل تسأم الدول من الابتكار وتحقيق المزيد؟».

فأجاب الدكتور جون سيكستون أنه عندما دعا جون كينيدي أمريكا للذهاب إلى القمر وعندما أعلنت دولة الإمارات أنها ستصل المريخ، لم يكن ذلك مجرد تصريح قائم على الالتزام بالعلوم الهائلة، ولكنه كان بمثابة رمزية تلخص كل ما نتحدث عنه هنا اليوم، مضيفاً: هناك قلق من أن يضعف الأمل، لكن لنتذكر أن دولة الإمارات أتمّت حتى الآن 50 عاماً استثنائياً تحت قيادة غير عادية، وأنا أذكّر طلابي الإماراتيين دائماً بهذا الأمر، حيث عادة ما أقول لهم «لا تنظروا إلى ما لديكم اليوم كونه أمراً مسلماً به فلديكم التزام يفرض عليكم رد كل ما تلقيتموه من منح».

المداخلة التاسعة

ووجه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان سؤالاً إلى ساكو تومينن بشأن كيفية التغلب على الفشل؟

قال ساكو تومينن إن النجاح يتحقق من خلال مواجهة المخاطر، ولكن ما أن تحقق النجاح الذي تسعى إليه فإنك غالباً ما تكف عن المخاطرة رغبةً منك في المحافظة على نجاحك، ولكن من الخطأ أن تتجنب الأشياء التي جعلتك ناجحاً، وأعتقد أن هذا ما يحدث للعديد من الشركات.

وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في الختام: «يسعدني دائماً أن أكون معكم جميعاً، أن أكون ليس فقط مع العقول الناجحة بل مع العقول المتفائلة أيضاً، وحتى مع تلك القادرة على الاعتزاز بالفشل».

وأضاف سموه: «نحن نعيش في منطقة مليئة بالإثارة والتحديات، وكلي أمل أن تواصلوا جميعكم نشر الأمل والفرح وتقبّل الفشل بصدر رحب في حال مواجهته، ولكن دعونا نتوقف جميعاً برهة ونتأمل الرحلة التي أخذت أزمة (كوفيد) فيها العالم، بكل تحدياتها، فالبشر مبدعون فهم لن يفقدوا الأمل ولن يكفوا عن العمل معاً.. بارك الله بكم جميعاً».