الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

تواصل الأسرة العربية مع الأبناء باللغة الأجنبية.. ضرورة أم ضياع للهوية؟

اختلف آراء أولياء أمور حول تأثير تواصل الأسرة العربية مع الأبناء باللغة الأجنبية فقط وانعكاس الأمر على شخصية الأبناء واندماجهم في المجتمع، إذ رأى البعض أن اللغة الأجنبية هي الأهم، خاصة في ظل الانفتاح وثورة المعلومات كما أنها تعبير عن الرقي والانفتاح على الآخر، في حين أكد آخرون أن لهذه الظاهرة تداعيات سلبية على هوية الأبناء العربية بضياع لغتهم الأساسية.

وذكر متخصصون أن الاعتماد على اللغات الأجنبية في التواصل ظاهرة باتت تستوجب النظر فيها، خاصة مع تأثيرها السلبي على إمكانات الأطفال في التعبير عن أنفسهم بلغتهم الأم والارتباط بهويتهم.

أساس الهوية

وقال محمد نشأت إن اللغة الأم هي أساس الهوية، وعدم إتقانها يؤثر في انتماء الفرد وأفكاره، موضحاً أن اللغة لا تقتصر على كلمات منطوقة بل هي انعكاس للفكر والتاريخ، وتشجيع الأهالي لأطفالهم على التمسك باللغات الأجنبية سيكون له نتائج سلبية مستقبلاً، خاصة أن الحياة في الوقت الحالي تفرض على الجميع إتقان لغات أخرى، إلا أن التواصل الأسري يجب أن يكون باللغة الأم حصراً.

وذكرت لمياء عبدالكريم أن تعزيز اللغة العربية وتشجيع الأبناء على التواصل بها أساس التربية السليمة لأنها اللغة الأم، والهوية التي يعبر الشخص عن نفسه من خلالها، مشيرةً إلى أنها ضد ما تتجه إليه بعض الأسر في دفع الأبناء نحو إتقان اللغات الأخرى على حساب العربية.

وأيدتها باسمة طارق في أن التواصل داخل المنزل مع الأبناء بلغة غير العربية يفقدهم الشعور بالانتماء إلى أصلهم ويشعرهم مع مرور الوقت بأفضلية الغرب وتتشكل لديهم صورة مغلوطة تجعلهم متجردين من كونهم عرباً ويحاولون بشتى الطرق إثبات العكس.

ضرورة وضمان

من جهتها، ذكرت مرح محمود أن الحديث باللغة الإنجليزية خصوصاً داخل المنزل بات ضرورة، بهدف تعزيز وتمكين الأبناء ليصبحوا أكثر قدرة على التواصل بها بشكل أفضل، لا سيما أنها اللغة المعتمدة في أغلب الجامعات والوظائف المستقبلية، وتفتح الآفاق للأبناء كي يكونوا على اطلاع ومواكبة لكل التطورات العالمية كما أنها ضمانة للمستقبل.

وأشارت غنى ناصر إلى أنها تؤيد تعلم وإتقان واستخدام الأطفال للغات الأجنبية، مشيرةً إلى أن اللغة الإنجليزية تحديداً أصبحت أكثر اللغات استخداماً في العالم، كما أن كافة من يتقنها يكون قادراً على أن يتبوأ مراكز مهمة في المجتمع ويتميز في كل المجالات عكس الذي يتقن العربية على حساب اللغات الأخرى.

ظاهرة سلبية

بدورها، قالت المستشارة الأسرية دعاء صفوت إن تواصل الأسر العربية مع الأبناء باللغة الأجنبية ظاهرة سلبية، رغم أن كثيراً من الأسر تعتبر هذا الأسلوب نوعاً من الرقي والتحضر، خاصة مع دراسة الأبناء للمواد المدرسية باللغة الإنجليزية، وإغفال بعض المدارس أهمية اللغة العربية.

وأضافت أن المشكلة تكمن في أن اللغة تعد جزءاً لا يتجزأ من هوية الأطفال وتكوينهم الوجداني، وإذا لم تتأصل بداخلهم علاقة قوية مع لغتهم الأم، سيعانون من التشوش العاطفي وخلل في الهوية، وتؤثر سلباً في قدرتهم على التعبير حتى باللغات الأخرى.

وقالت صفوت: «حين لا يتمكن الطفل العربي من لغته العربية.. سيشعر طوال حياته باغتراب وفقدان القدرة على التواصل مع ذاته.. وسيضيع جزء من هويته الأصيلة ليتجه إلى تقليد غيره ثقافياً واجتماعياً».

ولفتت إلى أن بعض الأسر تبرر تواصلها بلغة أجنبية مع الأطفال بسبب ما يفرضه التعليم في المدارس، وهو أمر غير مقبول، مؤكدةً ضرورة الفصل بين بيئة المنزل والمدرسة، بحيث تكون لغة التواصل هي اللغة الأم في المنزل مهما كانت لغة التواصل خارجه.

ونصحت صفوت الأسر بتدارك هذه الظاهرة السلبية وتعويد الأبناء على النطق والحديث باللغة العربية، بتوجيه الطفل حين يتعلم بلغة أجنبية في المنزل بإعادة صياغة كلامه بالعربية حتى يتكون لديه مخزون من المفردات وتتطور قدرته على صياغة الجمل.

وأضافت: «في البداية قد يواجه الأهل بعض المصاعب.. إلا أنه مع التكرار والمواظبة سيستخدم الأطفال اللغة العربية حتى يصبحوا قادرين على إتقان اللغتين معاً.. وعلى العائلة ابتكار أنشطة مشتركة معهم مثل قراءة قصص بالعربية أو مشاهدة البرامج باللغة المبسطة».

سيف ذو حدين

من جانبها بينت الاختصاصية التربوية ياسمين محمد أن سبب توجه الأطفال للحديث والتواصل باللغة الأجنبية على حساب العربية يعود إلى سبب رئيسي هو بيئة المدارس والتعليم التي ترتكز على اللغة الأجنبية في كافة المواد، لافتةً إلى أن هذا التعلق باللغة الأجنبية سيف ذو حدين ومسألة يجب الاهتمام بها لتحقيق التوازن بين الهوية واللغة المنطوقة.

وأضافت أن التواصل بالإنجليزية وهي اللغة العالمية على سبيل المثال، داخل المنزل، له إيجابيات في توسيع نطاق المفردات المستخدمة التي يمكن للأهل تعلمها بشكل أسرع والتقاطها من الأبناء، وبالتالي يسهل عليهم التواصل مع الآخرين خارج نطاق المنزل الذي أصبح يستخدم الإنجليزية بشكل واسع.

وتابعت محمد أن تجاهل إيجاد التوازن بين اللغتين العربية والإنجليزية يدفع الأبناء للتشتت ويؤثر في طريقتهم بالتعبير عن أنفسهم بسبب اختلاف المفردات التي يملكونها وتشتتها بين العربية والإنجليزية.