الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تقييم خدمات المنشآت عبر «سوشيال ميديا» يقود لـ«الإساءة والتشهير»

تقييم خدمات المنشآت عبر «سوشيال ميديا» يقود لـ«الإساءة والتشهير»
يلجأ الكثيرون إلى تسجيل تجاربهم مع خدمة أو منتج بمطعم أو متجر أو منشأة ما، وذلك بنشر آرائهم عنها عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقع البعض في فخ الإساءة والتشهير نتيجة استخدام مفردات وصور تنال من سمعة المنشأة محل التقييم، في الوقت نفسه توفر مؤسسات خدمية حكومية وخاصة قنوات تواصل رسمية وقانونية فاعلة مع الجمهور لتلقي ملاحظاتهم وشكاواهم وتقييم جودة الخدمات والمنتجات التي تقدمها، أبرزها التطبيقات الذكية مثل «المتسوق الذكي»، والتي تتعامل مع المتعاملين بسرية تامة.

من جانبهم، ذهب مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الإعلانات عبرها لها آداب وشروط يجب مراعاتها، وأن هناك طرقاً كثيرة غير مباشرة لتعبير المدونين عن رأيهم الحقيقي في الخدمات دون إساءة، مؤكدين أحقية مقدم الخدمة أو صاحب المطعم تقديم شكوى ضد المدون حال التقييمات السلبية.

بدورهم، قال قانونيون إنه من حق المطاعم أو المتاجر والمنشآت الحكومية والخاصة المتضررة من نشر إساءة لها على «سوشيال ميديا» اتخاذ إجراء قانوني حيال صاحب المنشور أو الصور، لأن هذا التصرف يندرج تحت السب والقذف، منوهين بأنه مجرم قانونياً ويعاقب عليه بالحبس 6 أشهر كحد أدنى وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

انتقاد خدمة

تفصيلاً، ذكر مدير مطعم بإمارة الشارقة عدنان محمود، أن البعض يقع في الخطأ عند انتقاد خدمة معينة فيتجاوز الحدود المقبولة إلى الإساءة والتشهير والسبّ والقذف بألفاظ غير لائقة، مثل وصف الخدمة بـ«الرخيصة» أو أن الطعام «فاسد» وتناوله يؤدي لــ«التسمم الغذائي»، وذلك بنشر صور واسم المنشأة أو المتجر على وسائل التواصل الاجتماعي، وأحياناً يتهم بعض الأشخاص مقدمي الخدمات بعدم اللياقة في التعامل أو بفقدان السيطرة على أنفسهم عند مجادلة الزبائن.

وأكد أن إدارة المطعم خصصت نظاماً لقياس رضا المتعاملين يعتمد على استبيان إلكتروني للخدمة يتيح للمتعامل التعبير عن رأيه بمصداقية متناهية، أو التواصل مع الإدارة على حسابات المنشأة بواسطة الرسائل الخاصة لإبداء أي شكوى أو ملاحظة من شأنها تطوير منظومة العمل، وعليه يتم التعامل معها بهدف تحقيق التقييم الأمثل والحصول على أكبر عدد من نجوم الخدمة التي تدرجها المتاجر على مواقعها الإلكترونية، لزيادة ثقة المستهلكين بها ولجذب المزيد منهم.

آداب الإعلانات

من جانبها، أوضحت المدونة على «إنستغرام» منى لرضي، أن الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي لها آداب وشروط يجب مراعاتها، ويعاقب القانون على تجاوزها، وذلك عند التشهير بأحد مقدمي الخدمات والإشارة إلى التجارب السلبية وتعميمها والمساس بسمعة أصحاب المحلات وقطع أرزاقهم.



وأشارت إلى أن هناك طرقاً كثيرة غير مباشرة لتعبير المدونين عن رأيهم الحقيقي في الخدمات دون إساءة لأحد، مبينةً أن جمهور وسائل التواصل الاجتماعي ذكي وقادر على فهم القصص التي ينشرها المدونين واكتشاف حقيقة الإعلان ومصداقيته، بناءً على تاريخ صاحب الحساب وتجربتهم نصائحه التي يقدمها، إلى جانب طريقة عرض المحتوى في صفحته.

ونوهت بأن غالبية المطاعم توجه دعوات للمدونين والمؤثرين على وسائل التواصل، لذا لا يتردد البعض في الإعلان عن خدمات أو مطاعم لا ترتقي خدماتها للمستوى المعلن عنه، وبالتالي يتفاجأ الأفراد بالواقع.

التقييم الهادم

وبينّت إحدى المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي نوار الشامسي، أنها لم تكن على علم أنه يحق لمقدم الخدمة أو صاحب المطعم أن يقدم شكوى بالمدون في حال التقييمات السلبية.

وأضافت أنها تتبع بروتوكلاً خاصاً بها في نشر منشوراتها على السوشيال ميديا، بحيث تكون حيادية وتتحلى بالمصداقية ولا تمس بأي طرف، مبينةً أن مسألة تقييم الخدمات أمر نسبي يتحكم به الذوق الشخصي والتجربة الفردية، لذا تميل إلى الحيادية في الطرح والنظر إلى الإيجابيات وليس السلبيات.

وأضافت أنها حين تدعى إلى مكان ولا تكون الخدمات على المستوى المطلوب، تقرر ألا تعرض أي جزئية مما تم تصويره حفاظاً على مصداقيتها أمام الجمهور، مؤكدةً على أهمية عدم التسرع ونشر القصص على حسابات التواصل إلا بعد خوض التجربة كاملة والوصول إلى تقييم كلي وعادل.



فخ التشهير

فيما أفادت المدونة على «إنستغرام» سلاف أحمد، بأحقية المدونين في الإفصاح عن رأيهم بشكل واضح ومباشر دون الخوف من العواقب، لأن هدف المدون هو عكس الواقع الحقيقي.

ولفتت إلى أن هدف المدون أو المؤثر هو الحصول على إعلانات والترويج للخدمات بطريقة لا تسيء له ولا تؤثر في مصداقيته، إلا أن البعض أحياناً يعرض ما يخالف الواقع بدافع الخجل أو الخوف من المساءلة، وأن تقييم الطعام أو الخدمات يمكنه الإيقاع بالمؤثر في فخ التشهير وتصيد الإساءة، وباتت المطاعم تصرح به إما بالكتابة على لائحة الطعام أو عبر المراسلات البريدية في دعوات الحضور.



سب وقذف

من جانبه، أكد المحامي سيف الشامسي، أنه من حق المطاعم أو المتاجر والمنشآت الحكومية والخاصة المتضررة من نشر أحد الأشخاص إساءة لها على وسائل التواصل الاجتماعي، اتخاذ إجراء قانوني حيال صاحب المنشور أو الصور، لأن هذا التصرف يندرج في إطار السب والقذف.

وأوضح أن المشرّع الإماراتي نص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة والغرامة، من رمى غيره بإحدى طرق العلانية بما يخدش شرفه أو اعتباره، وتكون العقوبة مشددة عند استخدام أحد وسائل التواصل الاجتماعي أو تقنية المعلومات عبر شبكة «الإنترنت»، فبحسب قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يعاقب كل من سب الغير بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

نشر الكراهية

وقال المستشار القانوني عبدالله الكعبي، إن نشر الإساءة للجهات والمنشآت والأشخاص عبر «سوشيال ميديا» هو فعل مجرم قانونياً حتى لو كان صحيحاً، ويضع أصحابه تحت طائلة المساءلة القانونية، وكذلك من الناحية المجتمعية والأخلاقية لا يحق لأي شخص نشر ما يسيء لغيره برسائل الهواتف الذكية أو عبر النشر بالحسابات الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، كون هذا التصرف ينشر الكراهية بين الأشخاص ويتسبب في التأثير سلباً على مصادر دخلهم.



وأوضح أن المادة 21 من قانون تقنية المعلومات تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بواسطة التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، وكذلك بنشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية.

وذهب إلى أن مؤسسات خدمية حكومية وخاصة خصصت قنوات تواصل فاعلة لتواصل الجمهور معها وتوصيل ملاحظاتهم وشكاواهم وتقييم الخدمات التي تقدمها، أبرزها التطبيقات الذكية مثل «المتسوق الذكي»، والتي تتعامل مع الشكاوى وبيانات مقدميها بسرية تامة، مؤكداً أن هذه القنوات رسمية وتعمل بنظام القانون، لافتاً إلى أن جهات حماية المستهلك خصصت خطوطاً ساخنة تعمل على مدار الساعة ليس فقط للشكاوى، بل لتقييم جودة المنتجات والخدمات.

خدمة «تعيسة»

وشهدت محاكم الدولة قضايا عدة تتعلق بتوجيه تهم لأشخاص نشروا تغريدات أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، تعبّر عن استيائهم وعدم رضاهم عن تجربة ما، سواء كانت شراء منتج بعينه أو تجربة طعام وإقامة في مطعم أو فندق، أو انتقاد جهة خدمية، إذ نظرت محكمة الجنح بالشارقة أخيراً قضية متهم فيها عربي الجنسية بتشهير وتشويه سمعة أحد الفنادق بالإمارة، بعد أن نشر تغريدة على حسابه في «تويتر» يصف فيها الخدمات بـ«التعيسة»، ومقدمي الخدمة بـ«الحرامية»، مع نشر اسم وصورة الفندق، ما قاده لساحات المحاكم متهماً في قضية.