الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إطلاق مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050

إطلاق مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050
أعلنت حكومة دولة الإمارات بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في جناح الإمارات بمعرض إكسبو 2020 دبي، عن المبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والتي تأتي تتويجاً للجهود الإماراتية الهادفة إلى الإسهام بإيجابية في قضية التغير المناخي، والعمل على تحويل التحديات بهذا القطاع إلى فرص تضمن للأجيال القادمة مستقبلاً مشرقاً.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بالتزامن مع الإعلان: أعلنت دولة الإمارات اليوم عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.. نموذجنا التنموي سيراعي هذا الهدف.. وجميع المؤسسات ستعمل كفريق واحد لتحقيقه.. ودولة الإمارات ستستثمر أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050.. وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي.

من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «تواصل دولة الإمارات - مع إعلانها اليوم هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 - دورها الفاعل والمؤثر عالمياً في قضية التغير المناخي.. ودعمها جهود العمل المناخي وتعزيز التعاون الدولي للاستفادة من جميع الفرص الاقتصادية والاجتماعية».

وأضاف سموه: «نهدف من خلال تحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050.. إلى تطوير نهج حكومي شامل يضمن النمو الاقتصادي المستدام في الدولة.. ويقدم نموذجاً يحتذى للعمل والتعاون لضمان مستقبل أفضل للبشرية».



ويشكل إعلان دولة الإمارات عن هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، تتويجاً لجهود الدولة ومسيرتها في العمل من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي خلال العقود الثلاثة الماضية، منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995، حيث تبنّت الإمارات منذ ذلك الوقت مجموعة كبيرة من التشريعات وطبقت العديد من الإجراءات الهادفة إلى خفض الانبعاثات وتقديم الحلول المستدامة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات في جميع القطاعات الحيوية، بما فيها الطاقة والصناعة والزراعة.

ويأتي الإعلان لتحقيق الحياد المناخي متوائماً مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ»، لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث غازات الدفيئة، والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض دون الدرجة والنصف مئوية إلى درجتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

حضر الإعلان عن المبادرة الاستراتيجية للإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة.

كما حضر الإعلان عن المبادرة أيضاً.. وزير شؤون مجلس الوزراء محمد بن عبدالله القرقاوي، ووزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي والمدير العام لمكتب إكسبو دبي 2020 ريم بنت إبراهيم الهاشمي، ووزير الطاقة والبنية التحتية سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، ووزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، ووزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري، ووزيرة التغير المناخي والبيئة مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري.



حلول للتحديات العالمية

وأكد سلطان الجابر، أن إعلان اليوم عن إطلاق المبادرة الاستراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050، يعكس الرؤية بعيدة المدى للقيادة الرشيدة، ويمثل امتداداً لإرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وتكريساً لدور الإمارات الفاعل في إيجاد حلول للتحديات العالمية.

وقال إنه ومن خلال رؤية وتوجيهات القيادة، سنسعى لتحقيق الحياد المناخي، مع التركيز على خلق فرص اقتصادية جديدة تسهم في زيادة التنافسية الصناعية وتعزيز مكانة الإمارات مركزاً اقتصادياً عالمياً جاذباً للاستثمارات، تماشياً مع المبادئ العشرة للخمسين الجديدة، وتوفر المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050 فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهةً مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة.

وأكد أن مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي تتماشى مع مصالحنا وأولوياتنا الوطنية، وبأنها تهدف إلى المساهمة في تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام مع تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ، وبناء اقتصاد المعرفة، والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة لتحقيق التنمية المستدامة، وخلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة، كما ستسهم المبادرة في تطوير خبرات رأس المال البشري في مجالات مستقبلية، واستقطاب الكفاءات البشرية المتميزة.

وقال إن هذه المبادرة تشكل دعوة مفتوحة من الإمارات للعالم للتعاون في خلق فرص اقتصادية مجدية، من خلال إيجاد حلول عملية لتداعيات تغير المناخ، وذلك بالاستفادة من الشراكات النوعية ومد جسور التعاون، ويتطلب تحقيق هذه المبادرة التعاون عن قرب بين جميع القطاعات وتنسيق الجهود في ما بينها لتحقيق النتائج المستهدفة وخلق نموذج اقتصادي جديد.

وأضاف سلطان الجابر أن النهج الحكومي المتكامل الذي يجمع ما بين التخطيط الاستراتيجي للوزارات وقدرات القطاع الخاص، سيساعد على الاستفادة من الابتكار والتقنيات المتطورة للثورة الصناعية الرابعة، وسنعمل كذلك على تعزيز مشاركة المؤسسات الأكاديمية والشركات الصناعية والشركات الصغيرة والمتوسطة، للتعاون بهدف إيجاد حلول لخفض الانبعاثات.



مستقبل أفضل للبشرية

وقالت مريم المهيري، إن إعلان دولة الإمارات عن هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 يمثل علامة فارقة في مسيرتها التنموية، ويؤكد التزامها الدائم لضمان عالم أكثر استدامة ومستقبل أفضل للبشرية.

وأضافت أن السعي إلى الحياد المناخي سيسهم في دعم وتعزيز التوجهات البيئية وأجندات العمل الحكومية ومشاركات القطاع الخاص، عبر تمكين الابتكار وتطوير وتطويع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والمحافظة على الموارد الطبيعية، وسيكون للأبحاث والمعرفة دور كبير لمعالجة تحدي التغير المناخي خلال السنوات القادمة.

وأكدت أن رؤية قيادة دولة الإمارات تركز على الاستباقية في العمل المناخي، باعتباره رافد حيوي للنمو بمختلف القطاعات وأهمها الاقتصاد، ونستهدف في المستقبل القريب التحول لمبادرات أكثر تأثيراً بمجال التكنولوجيا الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي والمائي، والحد من الانبعاثات وتوفير صناعات بيئية جديدة صديقة للمناخ.

ويُراعي إعلان الإمارات مبادرة الحيادية على المستوى الوطني احتياجات وأولويات القطاعات الاقتصادية الحيوية بالدولة، ودعم جهودها للاستفادة من فرص النمو الاقتصادي الأخضر.

وبحسب الإعلان، ستقوم الجهات والهيئات المختصة في الدولة على المستويين الاتحادي والمحلي بإعداد دراسات شاملة ومفصلة، بهدف تطوير الخطط واتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول للحياد المناخي بحلول 2050، مع ضمان النمو الاقتصادي المستدام.

ويأتي تحقيق هدف الحياد المناخي أيضاً بالتعاون الوثيق مع المجتمع والحكومات والمنظمات الدولية، ومن أبرزها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، وتعمل الوكالة حالياً مع 184 دولة.



الطاقة النظيفة والمتجددة

ويمثل نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة أحد الركائز الرئيسية في نموذج الإمارات في العمل من أجل المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تستهدف دولة الإمارات ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050 مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة.

كما تهدف الاستراتيجية إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، فيما تحرص حكومة الإمارات بمختلف جهاتها على تنفيذ المبادرات الهادفة إلى الحد من الانبعاثات، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، وذلك عبر تبني التكنولوجيا المبتكرة، وتطوير الحلول المستدامة التي تدعم التحول الأخضر.

وفي عام 2017 اعتمدت دولة الإمارات «الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017 - 2050»، والتي تحدد إطار عمل لإدارة انبعاثات غازات الدفيئة، والتكيف مع تداعيات التغير المناخي، والابتكار في التنويع الاقتصادي.

مساهمات وطنية

وفي ديسمبر 2020، سلمت دولة الإمارات تقريرها الثاني للمساهمات المحددة وطنياً للأمانة العامة للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ، والذي شمل رفع طموحها للعمل المناخي عبر إجراءات عديدة منها تعزيز جهود خفض الانبعاثات بنسبة 23.5% بحلول 2030.

ودعمت دولة الإمارات تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة عالمياً، كما تعزز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث استثمرت بمشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة، بقيمة إجمالية نحو 16.8 مليار دولار أمريكي.



مشروع الهيدروجين الأخضر

وتمتلك دولة الإمارات اليوم القدرة على إنتاج الطاقة الشمسية الأقل كلفة في العالم، وهي موطن 3 من محطات توليد الطاقة الشمسية الأكبر والأقل كلفة بالعالم، وهي أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وأول دولة في المنطقة طوّرت ونفّذت آليات التقاط واستخدام وتخزين الكربون على نطاق صناعي.

يضاف إلى ذلك، أن الإمارات تركز على زيادة استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة المبتكرة، مثل الهيدروجين، من خلال بناء أول مشروع للهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي في المنطقة والذي تم إطلاقه في شهر مايو 2021، إلى جانب التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق لدعم جهود خلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة.

الطاقة والغذاء والأدوية

ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير والاستفادة من الابتكار والتكنولوجيا، تستمر دولة الإمارات في دعم قطاعات صناعية جديدة ومهمة تتماشى مع الأولويات الوطنية وتستفيد من ابتكارات التكنولوجيا المتقدمة، بما فيها الطاقة والغذاء والأدوية، وستتوسع هذه العملية بتعزيز القيمة المضافة في مختلف القطاعات، إلى جانب تسريع العمل نحو الحياد المناخي.

وتترافق المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 مع تطبيق حلولٍ تستند إلى الطبيعة للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع الآثار القاسية لتغير المناخ، وكما ستتم زراعة ما لا يقل عن 30 مليون شجرة قرم محلية على مستوى الدولة بحلول عام 2030، من أجل الحفاظ على البيئة الساحلية وتعزيز تنوعها الحيوي، وتتميز هذه الأشجار بقدرتها على التقاط وتخزين كميات كبيرة من الكربون.

وتركز استراتيجية دولة الإمارات في العمل المناخي على تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ وتعزيز التكيف معها.

اقتصاد المعرفة

ويتوافق إعلان الإمارات بتكثيف الجهود لتحقيق الحياد المناخي مع حلول عام 2050 مع أولويات النمو الاقتصادي المستدام في الدولة، وينسجم مع جهودها الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد المعرفة، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتطبيق منظومة الاقتصاد الدائري، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير كفاءات وخبرات الموارد البشرية في مجالات النمو المستقبلي.

ويقدم العمل على تحقيق الحياد المناخي نموذجاً داعماً لتوجهات دولة الإمارات، نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام يعزز أنشطة البحث والتطوير والابتكار والتكنولوجيا النظيفة، وسيكون بمثابة محفز للاستثمار وخلق فرص العمل.

وتتولى وزارة التغير المناخي والبيئة قيادة وتنسيق جهود تحقيق الحيادية المناخية وضمان التكامل على المستوى الوطني لتنفيذ هذا القرار، وستقوم كافة الجهات المعنية في القطاعات الرئيسية، مثل الطاقة والاقتصاد والصناعة والبنية التحتية والنقل والنفايات والزراعة والبيئة، بتحديث الخطط والاستراتيجيات والسياسات ذات العلاقة وتنفيذ المبادرات والمشاريع، التي من شأنها تحقيق الحيادية المناخية مع حلول 2050، بما يتماشى مع احتياجات ومتطلبات النمو في مختلف القطاعات.

ويستمر المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي بالعمل على تكثيف مساعي مختلف الأطراف المعنية بالعمل المناخي، من خلال الشراكات الدولية، وإطلاق ودعم المبادرات المشتركة التي تسهم في تحقيق الحياد المناخي.

تعاون دولي

وتستفيد دولة الإمارات من علاقاتها المتميزة مع المجتمع الدولي في بناء جسور التعاون لتحقيق المصالح المشتركة ودعم النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.

وتأكيداً على أهمية الفوائد الاقتصادية للعمل المناخي التكاملي المشترك، تقدمت الإمارات بملف استضافة الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28) في أبوظبي عام 2023.

وإدراكاً لحقيقة أن القطاع الزراعي مسؤول عن ربع الانبعاثات العالمية تقريباً، تقود دولة الإمارات أيضاً الجهود لدعم الابتكار في التكنولوجيا الزراعية، لا سيما من خلال تقليل استهلاك الماء والكهرباء في القطاع الزراعي، وتدعم هذه المبادرات استراتيجية الأمن الغذائي للدولة، من خلال توسيع إنتاج المحاصيل الصحية المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية.

ويشمل ذلك مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» متعددة الأطراف لزيادة البحث والتطوير والابتكار في القطاع الزراعي، والتي تم إطلاقها في أبريل الماضي بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال أعمال «قمة القادة حول المناخ»، التي شارك فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وانعقدت افتراضياً في العاصمة الأمريكية واشنطن.