الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

خليفة: الإمارات تنطلق بإرث من الإنجازات نحو الخمسين عاماً القادمة

خليفة: الإمارات تنطلق بإرث من الإنجازات نحو الخمسين عاماً القادمة

أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة «حفظه الله»، أن دولة الإمارات تنطلق بإرث من الإنجازات اليوم، نحو الخمسين عاماً القادمة برؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى، منهجها التميّز والتفرّد والريادة، وأهدافها تأمين مستقبلٍ سعيدٍ وحياةٍ أفضل للأجيال القادمة والارتقاء بمكانة الدولة وسمعتها واستدامتها وقوتها الناعمة، بحيث تكون بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، من الدول الأفضل في العالم، واقتصادها هو الأقوى والأنشط.

وتوجه سموه ــ في كلمة بمناسبة اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة وجهها عبر مجلة درع الوطن ــ إلى الله بالدعاء والرحمة والمغفرة لمؤسس الدولة وباني نهضتها الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ولإخوانه المغفور لهم؛ الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ خالد بن محمد القاسمي، والشيخ راشد بن حميد بن عبدالعزيز النعيمي، والشيخ أحمد بن راشد المعلا، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، والشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي ولرفقاء دربهم رواد ورائدات العمل الوطني.

وفيما يلي نص الكلمة..

«في هذا اليوم الاستثنائي، الثاني من ديسمبر 2021، الذي نحتفل فيه باليوبيل الذهبي لتأسيس دولتنا، ندعو بالرحمة والمغفرة لمؤسس الدولة وباني نهضتها الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، ولإخوانه المغفور لهم؛ الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ خالد بن محمد القاسمي، والشيخ راشد بن حميد بن عبدالعزيز النعيمي، والشيخ أحمد بن راشد المعلا، والشيخ صقر بن محمد القاسمي، والشيخ محمد بن حمد بن عبدالله الشرقي. والدعاء بمثله لرفقاء دربهم رواد ورائدات العمل الوطني.

ولكم، أبناء وبنات هذا الوطن، عظيم التقدير لما أظهرتم، طوال سنوات المسيرة، من عميقِ انتماءٍ وصادقِ ولاءٍ، وما بذلتم من جهد في البناء. وباسمكم نهنئ أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، الذين تحملوا المسؤولية وحملوا الأمانة توطيداً لدعائم دولة الاتحاد وترسيخاً لمؤسساتها ونشراً لثقافتها وتعميقاً لروحها.

أبنائي وبناتي..

لقد اتخذ آباؤنا المؤسسون من التنمية الشاملة منهجاً لبناء هذه الدولة، وجعلوا من الواقع الإماراتي، في مكوناته البشرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية مرتكزاً لإرساء القواعد الدستورية والتنظيمية والهيكلية للدولة، والتأسيس لوظائفها الإدارية والإنتاجية والخدمية.. فكانت مسيرة حافلةً بالبسالةِ والإقدامِ والإنجاز، رسخ خلالها آباؤنا الاتحاد؛ روحاً، وتشريعاً، ومؤسسةً، وجيشاً وطنياً، وجعلوا من بناء الإنسان هدفاً استراتيجياً وأولويةً قصوى. وبالإرادة الصلبة، والرؤية الثاقبة، أثمرت المرحلة منجزات تنموية مشهودة مهدت الطريق لتجربة اتحادية رائدة، جسدت قيم التفاهم والتنسيق بين المستويين الاتحادي والمحلي، وعززت من قيم العمل والعطاء والمشاركة، وعمقت مشاعر الفخر بالوطن، ووثقت الارتباط بدوائر انتمائه الخليجي والعربي.

وبناءً على ذات القواعد الراسخة التي أرساها آباؤنا، واصلنا بناء الدولة وتمكين إنسانها المعتز بهويته، وأسرها المتماسكة، ومجتمعها المتلاحم، واقتصادها المعرفي القائم على التنوع والإبداع والابتكار، وخدماتها الصحية والتعليمية عالية المستوى، وبنيتها التحتية الحديثة المتكاملة، وبيئتها المستدامة، ومكانتها العالمية التنافسية، بما يعزز من قدرة الأفراد والمؤسسات، ويمكنهم من الإسهام الفاعل، والمشاركة الواعية في استشراف المستقبل والإسهام في صناعته.

لقد نجحنا في تمكين المرأة والشباب، وبنينا اقتصاداً وطنياً معرفياً متنوعاً، وأرسلنا إلى محطة الفضاء الدولية أول رائد فضاء إماراتي، وأطلقنا إلى المريخ «مسبار الأمل» لتصبح دولتنا الأولى عربياً والخامسة عالمياً التي تحقق ذلك الإنجاز، وافتتحنا أول مشروع للطاقة النووية متعدد المحطات على مستوى العالم العربي لتتحول دولتنا إلى مركز إقليمي لمشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة، واعتمدنا استراتيجيةً وطنيةً لجذب المواهب واستقطاب العقول، وربطنا بقوة بين سياساتنا الداخلية ونهجنا الخارجي، بما عزز من مكانة الدولة في محيطها الخليجي والعربي والإسلامي والعالمي. وتحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل» تستضيف بلادنا، منذ أكتوبر الماضي، فعاليات معرض (إكسبو دبي 2020) الحدث العالمي التجاري الأكبر في تاريخ منطقتنا.

أثمرت الخمسين عاماً الماضية من مسيرة دولتنا، تنميةً مستدامةً، واستقراراً سياسياً، وأماناً، وحكومةً هي ضمن الأكفأ في العالم، وقطاعاً خاصاً لعب دوراً رئيساً في تحريك عجلة الاقتصاد، وتعزيز تنافسيته وإنتاجيته. قدمنا للبشرية قصة نجاحٍ تنموي ملهمة، حولت دولتنا إلى مركزٍ مالي إقليمي ودولي رائدٍ، وواجهةٍ مفضلة للعيش والعمل والاستثمار والسياحة، متفوقة في مؤشرات التنافسية؛ سعادةً، وتميزاً، وحوكمةً، وانفتاحاً اقتصادياً، وجودةَ حياةٍ، وريادةَ أعمالٍ. ونحمد الله بأننا قد نجحنا في تخطي تداعيات جائحة كورونا بنجاح، لتعود الحياة في بلادنا لطبيعتها، مع التزام الإجراءات الوقائية المُعتمدة.

المواطنون والمواطنات..

بهذا الإرث من الإنجازات ننطلق اليوم، نحو الخمسين عاماً القادمة برؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى، منهجها التميّز والتفرّد والريادة، وأهدافها تأمين مستقبلٍ سعيدٍ وحياةٍ أفضل للأجيال القادمة والارتقاء بمكانة الدولة وسمعتها واستدامتها وقوتها الناعمة، بحيث تكون بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها، من الدول الأفضل في العالم، واقتصادها هو الأقوى والأنشط.

وطريقنا لتحقيق تلك الأهداف واضحٌ؛ نظام تعليمي يرسخ القيم الأخلاقية النبيلة ويحول مدارسنا وجامعاتنا إلى بيئة منفتحة حاضنة للعلوم والآداب والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار وريادة الأعمال، ونظام اقتصاد معرفي متنوع ينافس اقتصادات أفضل دول العالم، وأسرة واعية، ومجتمعٍ متلاحم متسامح ينعم بالصحة والأمان والسعادة.

واستناداً للمبادئ العشرة المُعلنة الحاكمة للخمسين عاماً القادمة فستظل منظومة القيم في دولتنا، كما أرساها آباؤنا، قائمةً على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة وسيادة القانون، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وسيظل السعي لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي ومبادئ حسن الجوار، المحرك الأساس لسياستنا الخارجية، وسيظلّ تعزيز التعاون الخليجي في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية أولوية إماراتية قصوى، وفي هذا، فنحن مع دول منظومتنا الخليجية في كلّ ما يهدّد استقرارها ووحدتها وأمن مواطنيها وسلامة أراضيها، مؤكدين أن الأمن الخليجي واحدٌ لا يتجزأ وتعزيزه مسؤولية جماعية تتطلب تكثيفاً للتنسيق الاستراتيجي بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي بما يحقق طموحات شعوبنا في مستقبل آمن ومزدهر، وسيظل دعم جهود السلام، حواراً وتفاوضاً وقبولاً بالآخر، من المبادئ والثوابت الراسخة لسياستنا الخارجية، وكما كان حالها طوال الخمسين عاماً الماضية.

وستظل دبلوماسيتنا في حركة نشطة، تحفيزاً وارتقاءً بالقدرة العربية، وبناءً لشبكة قوية من التفاهمات والشراكات مع القوى والدول الكبرى والناشئة والنامية، تعزيزاً لثقافة التسامح، وسيطرةً على النزاعات، ومواجهةً للتغيّر المناخي، واستثماراً في أهداف التنمية المُستدامة، ومحاربة للجوع والمرض والفقر، وتقديماً للمساعدات الإنسانية والتنموية، التي هي جزء لا يتجزأ من مسيرة دولتنا والتزاماتها الأخلاقية.

أبناء الوطن الأوفياء..

إننا فخورون بمواطنينا، رجالاً ونساء، العاملين في همةٍ في كافة مجالات البذل وساحات العطاء، وفخورون بفريق عملنا الحكومي، الذي يضم أخلص القيادات وأفضل الكفاءات، ونجح على مدى خمسين عاماً في تجسيد القيم السامية وترجمة القواعد التي أرساها آباؤنا المؤسسون إلى خدمات وبنى تحتية نفاخر بها الأمم، وفخورون بجنود وضباط صفّ وضباط وقادة قواتنا المسلحة، وقوات الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة، الذين حملوا الأمانة، وأدّوا الواجب، ومعتزون بالمقيمين على أرضنا فهم شركاؤنا في البناء والتنمية وجزءٌ أصيل من قصة نجاح وتميز دولتنا، وراضون أن وفقنا الله، في حمل الأمانة وتحمل المسؤولية.

سائلين الله أن يجعلنا من عباده الشاكرين، وأن يسدّد خُطانا، ويعيننا وشعبنا بالإرادة القوية، والهمّة العالية.

وفقكم اللّه، وكل عام وأنتم بخير،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».