الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

محمد عيسى.. إماراتي يوثق الطهي بشفرة «كتشينغ» عبر «سوشيال ميديا»

محمد عيسى.. إماراتي يوثق الطهي بشفرة «كتشينغ» عبر «سوشيال ميديا»

محمد عيسى. (تصوير: محمد حمزة)

شهرة واسعة اكتسبها ولم يتجاوز عمره الـ17 ربيعاً، مرتكزاً على استثمار موهبته في لفت انتباه الكثيرين إليه من كل أنحاء العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ففي شهر أكتوبر الماضي، كانت انطلاقة الشيف الإماراتي الصغير محمد عيسى الذي عُرف بفن الطهي وتجهيز الأطباق العالمية بشكل سريع، على طريقته الخاصة، أو أطباق أخرى ابتكرها بنفسه، ثم يعمد إلى تصوير متطور بأبعاد بصرية أقرب إلى المشاهد السينمائية.

يضيف عيسى إلى فيديوهاته مؤثرات صوتية تميز أعماله، فيستخدم حركة الـ«كتشينغ» وهي سن السكين التي أصبحت هويته في بداية كل مقطع مصور.



تجربة تجهيز الطبق



يجد الشاب الإماراتي متعة خاصة في هواية الطهي، لذا بدأ في تطويرها عبر التعلم الذاتي من متابعة مقاطع الفيديو عبر «يوتيوب»، بهدف إتقان صناعة الأطباق العالمية المميزة، مستهدفاً أبناء جيله ممن يفضلون هذه الأنواع من الطعام، حيث تمر تجربة تجهيز الطبق بمراحل متعددة على يد الشيف الصغير، منذ المحاولة وحتى خروج فيديو الطهي إلى النور، فقبل التصوير يطهو الطبق 3 مرات لتحقيق التمكن والاحتراف، ثم يصور مراحل التجهيز، وبعدها ينفذ بنفسه عملية «مونتاج» الفيديو.

جذبت مؤثراته السمعية انتباه الجمهور الذي تعرف إليه من قرب، وشاركه تجارب الطهي بتفاصيلها التي تتميز بخفة ظل، بعد أن يترك الشيف الشاب العنان لموهبته أمام الكاميرا، على الرغم من شخصيته الخجولة خلف الكواليس، معطية إياه «كاريزما» تسحر مسامع وعيون متابعيه من خلال مهارته.

أكد الشيف محمد عيسى لـ«الرؤية»، أنه عاشق للطهي ولديه شغف كبير في هذا المجال، إذ بدأ في ممارسته وعمره 12 عاماً عبر صناعة طبق إندومي على طريقته الخاصة، بوضع إضافات من الخضار والبهارات، ليصبح الطبق شبيهاً بالذي يقدم في المطاعم والفنادق الراقية، موضحاً أن تلك الموهبة التي أمتلكها جعلته يتمسك بما يحب، رغم وجود الكثير من الأمور المسلية في الحياة، بالنسبة له، لكن موهبة الطهي كانت الأقرب لعقله وقلبه.

وأضاف: عاماً بعد عام، انتقلت لمرحلة متابعة تحضير الأطباق العالمية على شاشات التلفزيون وفي «يوتيوب»، ومواقع التواصل الاجتماعي، فلم أوفر سناب شات أو إنستغرام أو فيسبوك، وعندما قررت البحث عن توفر هذه الأطباق في مطاعم دبي، لم أجدها، ومن هنا بدأت فكرة التحول إلى الطهي الاحترافي، من خلال التجربة المحاولة، بعد محاولات كثيرة، حتى وصلت إلى مرحلة الإتقان، وتطبيق المقادير والخلطات بشكل صحيح.



تصريح دخول المطبخ

وبيّن عيسى أنه يجرب المذاقات العربية والعالمية، ولا يتردد في طهيها، وهو على يقين بإمكاناته في هذا المجال، وعندما يقرر أن يصنع طبقاً من أي دولة، فإنه يستعين بالمكونات المتوفرة في المنزل، ثم يشمر عن ساعديه ويبدأ عمله، مؤكداً أنه الوحيد من بين أشقائه الذي تسمح له الوالدة بدخول المطبخ واستخدام الأدوات والأواني، وهو امتياز ناله بعدما اكتسب ثقتها، والعائلة ككل، بأنه يمتلك موهبة حقيقة، ولديه القدرة على صناعة المأكولات بحرفية عالية وتنظيم أثناء الطهي، من دون أن يُغفل تنظيف الأدوات التي يستخدمها، وإعادتها إلى مكانها بعد انتهاء التصوير.

وحول توجهه للسوشيال ميديا ليتعرف المتابعون إلى موهبته، أوضح أنه وجد دعماً من أسرته وأصدقائه الذين شجعوه على الاستمرار، ولهذا قرر اقتناء معدات إضاءة تساعده على تصوير مشاهد الطهي التي يصورها بهاتفه النقال عالي الجودة، بعدسته التي تغني عن الكاميرا الاحترافية المستخدمة في تصوير البرامج عالية الدقة على وسائل التواصل الاجتماعي.

مَنْتَجة ذاتية

أكد عيسى أنه يقوم بعملية المونتاج وتقدير المقاسات والألوان الخاصة بالمقاطع المصورة بنفسه، بعد أن تعلمها عبر برامج التعلم الذاتي التي تطرحها قنوات اليوتيوب، ليسخّر ما تعلمه إظهار وجباته بالصورة التي تليق بها، بما تتضمنه من بهارات وخضار وأنواع مختلفة من الدجاج اللحوم والأسماك.

وبالسؤال عن المأكولات التي يضع لمساته عليها، أفاد بأنه يحب أن يضيف للشطائر العالمية أنواعاً من الأجبان التي يطبخها بنفسه، لتعطيها طعماً مختلفاً ومميزاً، معتبراً أنها «بصمته الخاصة» التي يضفيها على محتوى السندويشات من ثقافة مطابخ العالم، للمأكولات التي يحبها الشباب.

وزاد أنه يصنع «الصوص» الخاص بأطباقه، مازجاً مكونات مبتكرة، من الخضار مع التوابل والزيت والليمون، ليمنحها نكهات تعبّر عنه وتلبي ذوق متابعيه الذين ينتظرون مقاطعه المصورة ليتعلموا منه صناعة أكلاتهم المفضلة.

نافذة على العالم

وفي هذا السياق، يرى الشيف الإماراتي «السوشيال ميديا» منصة توصل المواهب إلى كل أنحاء العالم وتكشف عنها المتميزين، مانحة فرصاً كثيرة من ناحية الحصول على متابعين من كل دول العالم، مبيناً أن وجودهم بالنسبة له يزيده إصراراً وتمسكاً بموهبته، ولا سيما بعد التشجيع المستمر الذي يلقاه.

وتابع أن هذه المنصات أعطته فرصة التعرف إلى أصدقاء جدد من مختلف المشارب، ممن يشاركونه شغفه، ناهيك عن استكشاف مطابخ غير موجودة في الثقافة المحلية والخليجية والعربية، والتي تعتمد على مكونات غريبة بعض الشيء، لكنها ذات مذاق لذيذ، ضارباً مثالاً بالأطباق الكورية سريعة التحضير.

وبعد أن تدرب وتعلم طرق الطهي، وجد ضرورياً أن يرى العالم موهبته ويساعدهم على تعلم الطهي بشكل جديد على طريقته الخاصة، وكانت الانطلاقة في فترة جائحة كوفيد-19، إذ وجد وقت فراغ كبيراً يجب أن يشغله بعمل هادف ومفيد، ليبدأ أولى خطواته في عمل حساب عبر موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» في شهر أكتوبر 2021، لتدوين أطباقه وممارسة الهواية التي يحب.

وبحسب الشيف الصغير، فقد رغب في تشجيع المتابعين من كل الفئات العمرية على تعلم الطهي، من خلال مساعدتهم ببعض النصائح التي تطور طريقة تحضيرهم لأطباقهم منزلياً، على طريقته الخاصة.



مئات آلاف المتابعين

يقول عيسى إن أول طبق كان في 8 أكتوبر 2021 وهو ستيك بالجبن، ولقي تفاعلاً كبيراً ودعماً إيجابياً من المتابعين، حيث وصل عدد متابعيه عبر «إنستغرام» إلى 110 آلاف متابع، وفي موقع «تيك توك» 890 ألفاً.

وأضاف أنه يستخدم المؤثرات الصوتية وحركة «كتشينغ» التي أصبحت هويته في بداية كل فيديو يقوم بتصويره ويحبها المتابعون، وبالنسبة له كل موهوب يجب أن تكون لديه بصمة محددة تربطه مع جمهوره وتصبح هي رمز وجوده وتعريفه لديهم، لافتاً إلى أنه يحب العفوية وأن يكون على طبيعته أثناء التصوير، «لأن البساطة والعفوية هي سر النجاح وتساعده على اكتساب قلوب أصدقاء جدد.

وعن احتمالية توفير طلبيات أطباقه للمتابعين، أكد أن هناك طلباً كبيراً من الأصدقاء والمتابعين، وخاصة السندويش مثل الستيك بالجبن وأطباق الدجاج المقرمش واللحوم الستيك والمأكولات البحرية، وحتى السلطات والمقبلات والحلويات التي يصنعها، لكن هذه الفترة تمثل تمريناً على صناعة الأطباق، وربما بعد هذه المرحلة سيقدم على خطوة أكبر.

وأفاد الشيف الصغير بأنه بعد الانتشار والشهرة التي حققها، يمارس الطهي كهواية، ويهدف إلى تنمية مهاراته فيها، وحول مستقبله، لكنه يفضل الآن التركيز في دراسته الثانوية، مبيناً أنه يعتزم التخصص في الجامعة بدراسة نظم المعلومات والبرمجيات الإلكترونية والحاسوب، كونه تخصصاً مطلوباً ومتداخلاً في كل تفاصيل الحياة.

وعن النصيحة التي يقدمها للشباب الموهوبين، بيّن أن عليهم إعطاء حواسهم وهواياتهم فرصة للظهور مهما كانت البدايات صعبة، لكن الدعم والتشجيع من الأسرة والأصدقاء للشاب هي المحفز الكبير له، كي يتجرأ ويقدم على إظهار مهاراته للعالم، مبيناً أن «المجال مفتوح أمامهم، بوجود مواقع التواصل الاجتماعي، التي تسهم في تعزيز المواهب والطاقات الشابة وتقديمها للعالم.

وبسؤاله عن التفرغ للعمل في هذا السن المبكر، أكد ضرورة الحفاظ على الموهبة، والتركيز على الدراسة لنيل شهادة علمية تسهم في دعم الشباب في المستقبل، وفي حال قرروا افتتاح مشاريعهم الخاصة بعد ذلك، سواء في فنون الطهي أو غيرها، فإن الدراسة الأكاديمية بحد ذاتها تكون عاملاً مساعداً في تحديد أهدافهم وتوفير رأس المال الذي سيسهم في تحويل أحلامهم إلى مشاريع تجارية اقتصادية ناجحة، ليكونوا مثالاً يحتذى للأجيال القادمة في المستقبل.